ربما يتصور متصور إن إهتمام شيعة أهل البيت عليهم السلام بزيارة الأربعين بهذه الأعداد الكبيرة حصلت في السنوات الأخيرة بعد سقوط صدام الملعون! ، ولكن بالحقيقة هذه تصور غير صحيح ، فما زالت سيرة الشيعة من أحياء زيارة الأربعين على طول التاريخ وهذا توثيق من أحد العلماء لما كان يحصل في الستينيات وما قبلها ، يقول السيد جواد شبر [ المقتول على يد حزب البعث عام ١٩٨٢ م] :
« يوم أربعين [الإمام] الحسين عليه السلام وهو يوم العشرين من صفر من أضخم المؤتمرات الإسلامية يجتمع الناس فيه كاجتماعهم في مكة المكرمة ، تلتقي هناك سائر الفئات من مختلف العناصر ، ويعتنق شمال العراق بجنوبه ، والوفود من بعض الأقطار الإسلامية فهذا الموكب يردد انشودته باللغة العربية ، وذلك باللغة التركية ، وثالث باللغة الفارسية ، ورابع باللغة الأوردية وهكذا .
ولست مبالغاً إذا قلت إن هذا الموسم يجمع أكثر من مليون نسمة جاءت لإحياء ذكرى الأربعين أو لزيارة (مردِّ الرأس) إذ أن الروايات تقول أن رأس [الإمام] الحسين عليه السلام أعيد إلى الجسد السريف بعد أربعين يوما من استشهاده ، جاء زين العابدين علي بن الحسين والفواطم معه ومعهم الرأس الشريف وبقية الرؤوس ومنه زيارة الأربعين .
إن هذه المواكب من سائر الأقطار ومختلف البلدان تؤم كربلاء وقد سجلت إدارة السلطة المحلية أكثر من ٣٠٠ موكب أكثرها يضرب الخيام حوالي كربلاء ، والبعض يحجز المحلات الكبيرة وتستهلك كربلاء في هذا الموسم من الرزّ ما لا يقل من مائة طن ، وكل موكب له منادون يدعون الناس إلى المائدة وتناول الطعام باسم الحسين .
وتتخلل هذا الموسم زيارات التعارف بين المواكب وتبادل العواطف وتقديم التمنيات والتحيات وعظيم الأجر يوم الحسر ، إن الآلاف من الناس يقومون بالخدمة لهؤلاء الزوار ويسخون بانفسهم من أجل راحة الزائرين ، فالبعض بسقي الماء المعطر والمذاب فيه السكر ، والبعض برش ماء الورد ، والبعض بالتهوية بالمراوح اليدوية وهكذا .»[١]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[١] أدب الطف ج١ ص٤١-٤٢ ، ط١: مؤسسة الأعلمي - بيروت ١٩٦٩ م .
|