• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مواقف : تأخير دفن رسول الله صلوات الله عليه وآله .
                          • الكاتب : ابن الحسين .

مواقف : تأخير دفن رسول الله صلوات الله عليه وآله

 تأخير دفن رسول الله صلى الله عليه وآله من الأمور المُسلَّم بها بين المسلمين ، وإنْ كان بعض المسلمين راح يبرِّر ترك الأصحاب دفن الرسول صلوات الله عليه وآله؛ بدعوى حفظ نظام المسلمين، وغيرها من الأمور الواضحة البطلان [*] .
فيذكر المؤرِّخون: أنّ البدن الطّاهر للنبيّ صلوات الله عليه وآله بقي ثلاثة أيام حتّى دفن[١]، والمسلمون منشغِلون بالصّراع على السّلطة وحطام الدّنيا، وبسبب هذا الصّراع ارتدّ النّاس عن دينهم إلّا نفر قليل[٢] .

السّؤال : إذا كان الأصحاب أهملوا الرّسول صلوات الله عليه وآله بعد موته، ولم يدفنوه، فلماذا لمْ يدفنه أمير المؤمنين عليه السّلام مباشرةً بعد تجهيزه وتكفينه، ولمَ تركه ثلاثة أيّام أو يومين -على قول- ؟!

أقول : كان هذا السّؤال يدور في ذهني ، فتتبّعت بعض الأخبار ، فلم أجد جواباً ، ولكن خطر في ذهني شيء ، واطمئنَ له القلبُ ، وهو : أنّ تأخير دفن الرّسول الكريم كان عن قصد من أمير المؤمنين عليه السلام ؛ وذلك ليقيم الحجّة والبرهان على إهمال المسلمين لرسول ربّ العالمين ، ويكون دليلاً واضحاً عبر الأجيال لفساد أهل السّقيفة ومشروعهم الضّلاليّ.. ويمكن أن تكون بعض الأقوال والأخبار شواهد على هذا الكلام ، منها :

• رُوي عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: « فصلّوا عليه - أي الرّسول - يوم الاثنين وليلة الثّلاثاء حتّى الصّباح، ويوم الثّلاثاء حتّى صلّى عليه الأقرباء والخواصّ، ولم يحضر أهل السّقيفة، وكان عليّ عليه السّلام أنفذ إليهم بريدة، وإنما تمّت بيعتهم بعد دفنه » [٣] .

• يقول الشّيخ المفيد: « ولم يحضر دفن رسول الله صلى الله عليه وآله أكثر النّاس ؛ لِما جرى بين المهاجرين والأنصار من التّشاجر في أمر الخلافة ، وفات أكثرهم الصّلاة عليه لذلك »[٤] .

• وصرّحت عائشة بتصريح عجيب، فيه من الدّلالات الأمور الكثيرة إذا تأمّلنا فيه.. روى ابن أبي شيبة في مصنّفه، عن عائشة، قالت : « ما علمنا بدفن رسول الله صلّى الله عليه -وآله- وسلّم حتّى سمعنا صوت المساحي من آخر الليل ليلة الأربعاء »[٥]

هذه الشواهد دليل واضح على إهمالهم للرّسول الكريم صلوات الله عليه وآله، بالرغم من بقاء جسده بينهم، والأشدّ عجباً من أمر بعض نسائه التي تسكن بيت الرّسول صلوات الله عليه وآله ولا تعلم دفنه إلّا بعد سماعها لأصوات المساحي، مع أنّ دفن الرّسول كان في بيته، فأيّ إهمال وتكالب على الدّنيا والسّلطة ؟!

وهذه الأفعال ليست غريبة على مَن وصف الرّسول صلوات الله عليه وآله بالهذيان، وتشاجر عند الرّسول وهو على فراش المرض، وأعرضَ عن الرّسول صلى الله عليه وآله في حياته.. فمن الطبيعي أن ينقلب بعد رحيله صلوات الله عليه وآله .

يقول والد الشيخ البهائي رحمه الله :
« وقال الله تعالى : ( وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا )، رَوَوا: أنّهم كانوا إذا سَمِعُوا بوصول تجارة تركوا الصّلاة معه .
فإذا كانوا معه -وهو بين أظهرهم- بهذه المثابة ، كيف يُستبعَد منهم الفسق بل الكفر بعده ؛ ميلاً إلى هوى أنفسهم في طلب المُلك وزهرة الحياة الدّنيا ؟!
وقال سبحانه وتعالى : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ) ؛ فلولا علمُهُ تعالى بانقلابهم لم يحسن منهُ التوبيخ عليه »[٦] .
____________________________________

[*] كتب الأخ الشيخ إبراهيم جواد «Ibrahim Jawad» مقالاً تتبع فيه تبريرات علماء المخالفين لتأخير دفن الرسول صلوات الله عليه وآله، وأثار تساؤلاً، وهو مقال جدير بالقراءة ، رابط المقال : https://goo.gl/ACWJR3 .

[١] مناقب آل أبي طالب ج١ ص١٥٢ ، ط : الحيدرية .
[٢] كشف المحجة لثمرة المهجة الفصل٩٢ ص١٢٣-١٢٦ ، ط : بوستان كتاب .
[٣] مناقب آل أبي طالب ج١ ص٢٠٦ ، ط : الحيدرية .
[٤] الإرشاد ج١ ص١٨٩ ، تحقيق مؤسسة آل البيت .
[٥] مصنف ابن أبي شيبة ج٣ ص٢٢٧ ط: الاولى ، دار الفكر ، سنة ١٩٨٩ .
[٦] وصول الأخيار إلى أصول الأخبار ، الحسين بن عبد الصمد العاملي ، ص٣٧٠-٣٧١ ، ضمن كتاب رسائل في دارية الحديث المجلد الأول لـ أبو الفضل حافظيان ، ط: دار الحديث .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=126744
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 11 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28