• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : هل تنجح الفلسفة في دحر الإرهاب؟ .
                          • الكاتب : د . علي عبد المحسن البغدادي .

هل تنجح الفلسفة في دحر الإرهاب؟

 في لحظة تلصص بريئة خاطبني زميلي في الجامعة ضاحكا,هل تقصد فعلا أن الفلسفة كمنهج تستطيع دحر الإرهاب؟. في الواقع يتعاطى المجتمع مع الفلسفة كمفهوم مبهم ومتشابك خالي من المغزى,سوا أنه يجلب صداع للرأس,وسبب هذا الغموض والابهام هو عدم الاعتناء بالفلسفة بوصفها منهجا معرفيا,تقوم أسسه على عملية الشك والنقد ورفض القوالب الجاهزة للأفكار والبحث عن الحقيقة أينما كانت وأيا كانت,وهذا المنهج بحد ذاته يجلب الصداع للأنظمة السياسية المستبدة ومؤسساتها المتعلقة  والملتحقة بها,وكذلك يشكل خطرا كبيرا على المؤسسة الدينية التقليدية,كونها تعتمد القولبة الجاهزة في عرض الأفكار والتعاطي معها,وسبب أخر هو التشوية المتعمد للفلسفة وروادها وتكفيرهم ومطاردتهم على مدى العصور,من قبل مؤسسات السلطة بما فيها المؤسسة الدينية,وربما الحكم على سقراط الحكيم من قبل اثينا (الديمقراطية),بشربه للسم نتيجة مناقشته وتفنيده للثوابت التي تعد مقدسة,وتقديم البدائل المنطقية والموضوعية,كبديل عن السفسطة وفق منهجه الشهير التهكم والتوليد,هو الدليل على الاضطهاد الذي يمارسه المتسلطون بمختلف خلفياتهم على الفلسفة والمتفلسفين والفلاسفة,إذا كيف تستطيع الفلسفة دحر الإرهاب؟,ربما لو أثار أحد المتشددين أو أثير أمامه سؤال,عن سبب تشدده وعن سبب تزمته وتكفيره لكل ماهو مخالف له ولثوابته,ماذا سيكون جوابه؟ من المؤكد سوف يقوم بإجابة مقولبة تخضع لإيديولوجيته التي يعتنقها,لكن لو تم أختراق مجموعة من المتشددين فكريا ياترى ماهي النتيجة المتوقعة؟إثارة الشك في الثوابت بدون أدنى شك,هذا هو أول طريق الفلسفة لعلاج مشكلة الإرهاب،بل اغلب المشاكل ان لم ادعي حلها كلها,فالشك يؤدي بالضرورة إلى السؤال ,والسؤال يؤدي إلى البحث,والبحث عادة يفضي إلى الحقيقة,يوقن المتشددون والمتسلطون أن الفلسفة كمنهج هي طريق لعلاج الأمراض المستعصية في المجتمع,لما تستبطنه من منهج عقلاني ومنطقي يرفض القولبة والأحكام الجاهزة المسبقة,فالسياسي السلطوي يخشى من توجيه الفلسفة الأسئلة الجوهرية حول الحقوق والواجبات والقيم والحرية ونظم الحكم.الخ...,ويخشى السلطوي من توعية الفيلسوف للمجتمع,وكذلك يخشى رجال المؤسسة الدينية من إثارة المسائل الفلسفية بين طلبتهم ومريديهم,ولنفس السبب السلطوي السالف,فالسؤال الفلسفي عادة يستبطن الشك بكل ماهو قائم,كمنهج وطريق للوصول إلى الحقيقة,ومثل هذه الأسئلة لا يمكن القبول بها بأي شكل من الأشكال وتحت أي ظرف,وبعيدا عن الجزئيات التي عادة لا تهم الفلسفة التقليدية بقدر اهتمامها بالقواعد العامة,نلاحظ تجذر الانحرافات والشذوذ الفكري والمعرفي في مجتمعاتنا العربية والإسلامية كقاعدة رئيسية بينما, الشواذ هم من يتفلسفون أو من يفكرون بحرية بعيدا عن القولبة والتقاليد,فطرحهم للأسئلة الكبرى مثل الحرية والحكم الرشيد وحقوق الإنسان وبطلان الإيديولوجيات واعادة توزيع الثروة بشكل عادل واعادة قراءة التراث الفقهي بوصفه نتاج بشري يخضع للتغيير ويحتاج لإعادة النظر بصورة مستمرة,والمئات من هذه الأسئلة يثير الرعب في نفوس السلطويين بغض النظر عن خلفياتهم ومن يمثلون, لذلك بمجرد طرح الأسئلة وإثارة الشكوك في النفس البشرية,والتي هي مجبولة على الشك,يبدأ التغيير,فتستطيع الفلسفة من خلال طرحها للأسئلة أن تحدث التغيير المطلوب,في المجتمع بل أدعي أيضا أنها تستطيع أنهاء الارهاب فكريا ومعرفيا،فالحل الأمني الذي تمارسه الدول والسلطات ضد الارهاب،كفيل بان ينهي التواجد العسكري،ولكنه قد يؤدي إلى تفاقم الازمة المعرفية،فقد يؤدي إلى استفحال الارهاب كنموذج للعمل والتنظيم السياسي،بدليل محاربة كل العالم تقريبا له،فهذه الحرب تعطي انطباعا قويا لدى المتشددين بان قضيتهم صحيحة وحقة،والا لما اجتمع الناس لقتالهم،،فوفق هذه المقاربة يستطيع الارهاب كسب اراضي جديدة،ليس بالضرورة على المستوى الجغرافي،ولكنها اراض توسع من مريديه وتعمق زخمه وترسخ ارضيته الشعبية،وهو ما يحتاجه الفكر المتطرف فعلا،لذا فان استخدام المنهج الفلسفي في محاربة الفكر الارهابي يشكل بداية الطريق للقضاء على التطرف وتشكيل مجتمع صحي ونظيف فكريا،اما من يستخدمه وكيف،فهذا العمل يحتاج الى تكاتف الجميع وعلى كل المستويات لغرض تحقيقيه،

الاستاذ المساعد الدكتور
علي عبد المحسن البغدادي
كلية الإمام الكاظم (ع) للعلوم الإسلامية الجامعة - العراق
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=127000
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 11 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28