لاأعرف لِمَ مدينة الناصرية العراقية سبّاقة في مبادرات إنسانية متميزة على الصعيد الطبي العراقي المريض عموما بواقعه! كنت قد كتبت عن حالتين طبيتين بادرت المحافظة باسقة ناهضة لإحتضانها بمقالين الاولى بتاريخ27/6/2010 بإسم ((في الناصرية 160 عملية لمرض الشفة الارنبية مجانا)) الثانية بتاريخ 9/7/2010بإسم ((إبتسامة طبية للقطار في الناصرية)). إحتضن قلب الناصرية الكبير هذه المرة فريقا طبيا أجنبيا لايهم جنسيته حيث أتّم وفد طبي دولي برئاسة البروفيسور وليم نوفاك Dr.William Novik و أطباء من المملكة المتحدة ودول أوربية أخرى زيارته الخامسة للمحافظة بقي في الناصرية لعشرة ايام بعد ان اجرى 20 عملية جراحية للقلب المفتوح والتشوهات القلبية اجريت معظمها للاطفال و20 عملية للتداخل القسطري لمرضى من مختلف محافظات العراق فضلا عن اجراء عملية نادرة لطفل باكستاني أسمه محمد أحمد يعاني من فتحة ولادية في القلب ،في مركز الناصرية للقلب ، يبلغ من العمر أربع سنين يعاني من فتحة بين البطينين وكذلك مخرج مزدوج بالبطين ألأيمن وانعكاس بشرايين القلب الرئيسية قَدِمَ إلى محافظة ذي قار العراقيةأجُريت العملية للطفل وقد تكللت بالنجاح الباهر وعلى يد امهر الأطباء وعلى رأسهم الدكتور نوفاك الذي يرأس الفريق الطبي وبصحبته فريق جراحي متكامل وقد اشترك في أجراء العملية الجراحية كل من الدكتور عقيل الخفاجي والدكتور حسين هاشم وفريق طبي عراقي متكامل أيضا. ويذكر إن هذا النوع من العمليات خطر جدا ولا تجرى إلا في المراكز المتطورة جدا في العالم .المريض الآن بصحة جيدة ولازال تحت المراقبة في المركز .وإذ أورد الإسماء فمن الباب الأخلاقي أبلغ تعبير عن العرفان لجهدهم الاخّاذ. أثنى الضيوف على جهود الكوادر الطبية العراقية في مركز الناصرية للقلب بما يمتلكون من خبرة جيدة واصرار على مواكبة التطور رغم ان مركز الناصرية للقلب لا يضاهي المراكز الطبيةالمتطورة في شمال امريكيا واوربا الا انه يقّدم خدمة طبية لا باس بها لمرضى القلب . مع إن هناك العشرات بل المئات من حالات التشوه الخلقي في القلب للعراقيين والتي يشكّل معرفتها العلمية مسبقا سببا لمعالجتها قبل إستفحالها في فترة النمو ولكن لايوجد لها راعي طبي ! وصلتني رسالة من عائلة عراقية تسكن في المهجر لها طفلة بعمر الشهور ولدت وهي تحمل مرضا في قلبها و كشفوا المرض وهي في بطن امها بعمر خمسة أشهر؟!وصفوه لي بمرض يدعى رباعية فالو ت Tetralogy Of Fallot .تعد رباعية فالوت من أكثر الأمراض القلبية الزرقية انتشارًا عالميا، وتقدر الإحصائيات أن 10% من حالات الأمراض القلبية الخلقية مصابة برباعية فالوت، كما تقدر نسبة حدوث هذا المرض بالنسبة للمواليد 9.6 لكل 10,000 مولود.
يمثل عدم معالجة المرض خطورة كبيرة، حيث أن 25% من المصابين قد يموتون خلال السنة الأولى، و 40% خلال عمر 4 سنوات، و 70% في عمر 10 سنوات. وبشكل عام فإن معدل الوفيات عالميا منذ عام 1979م قد انخفض بنسبة 40% بسبب تطور العمليات الجراحية وطرق المعالجة.للعائلة جذور في العراق كان من المستحيل ان تُجرى هذه العملية الخطرة المعقدة ذات التكاليف الباهضة في العراق إلا إذا باع الأب بيته بالملايين إذا كان يملك بيتا! وهنا قد؟ تنجح العملية وقد لاتنجح وفي الحالتين ستكون عائلة الاب في مهب ريح الايجارات العالية وما تسببه من أمور يعرفها كل مبتلي.كانت الطفلة العراقية مريام او مريم مصابة بالتشوهات التشريحية: تضيق الشريان الرئوي. ثقب في الحاجز بين البطينين. تضخم البطين الأيمن. خلل في تموضع الشريان الأبهري. كان من المتوقع ان تكون حالتها من الحالات الخطرة وتم نقل الأم الى مستشفى وطبيب اخر حيث يتواجد طاقم طبي في قسم العناية المركزة للخدج المصابين بالامراض القلبية في مستشفى سانت دايفدس في اوستن ولاية تكساس ولكن الحمد لله عند ولادتها في العاشر من شهر حزيران 2011 اكتشف الاطباء ان حالتها معتدلة وان العملية ستؤجل لحد ان تبلغ الطفلة من العمر الاربع شهور قبل فصل الشتاء نصحوا العائلة ان تقوم بحجز موعد العملية في هذا الوقت أنتقلت العائلة العراقية الى ولاية جورجيا فقامت طبيبة الامراض القلبية Karen wright بنصحها بقيام العملية في اتلانتا بولاية جورجيا عند طبيب يدعى Paul Kirshbom في
( Children HealthCare of Atlanta
قالت لهم الطبيبة اني انصحكم بإجراء العملية عنده لانه طبيب بارع ,وقالت للزوج لاتقلق لوكنْتَ اخي وميريام ابنة اخي فساصر ان تاخذها له لاني اؤمن انه احد امهر الاطباء في الجراحة القلبية في امريكا
و بالطبع قمنا بالحجز عنده وتم تحديد موعد العملية في يوم الرابع عشر من اكتوبر 2011 بعد اربعة ايام من بلوغها الاربع اشهر من العمر والحمد لله تمت العملية بنجاح قام الطبيب بغلق الفتحة بين البطين الايمن والايسر و الفتحة التي بين الاذين الايمن والايسر و قام بازالة العضلات التي حول الشريان الرئوي وتم ترك الشريان الابهر رغم تكوينه الغير الطبيعي لكونه معتدل التشوه وسيتم مراقبته مع نموها على امل ان لا تحتاج الى عملية اخرى لاستبداله .
كلفت العملية ومدة بقاءها في المستشفى التي هي خمسة ايام مايقرب ال 115,000 مئة وخمسة عشر الف دولار تم دفعها من قبل الحكومة الاجنبية عملا بنظام التامين الصحي ! كم ياترى عراقية او عراقي شبيه بمريم؟ تصوروا الرقم بالدينار العراقي؟ وكم مليون عائلة عراقية صبورةلاتستطيع إجراء أبسط العمليات الجراحية لانها بعضها لايملك حتى ثمن النفط الابيض للشتاء؟ هنا سيكون قلبي أيضا مع المنتظرين فرجا طبيا مستحيل التحقق في العراق الجريح لإمد غير منظور!
عزيز الحافظ |