تنتمي أسرة بني دَرَّاج الكوفية إلى إحدى قبائل اليمن العريقة والشهيرة قبيلة النخع وبطونها نسبة إلى النخع بن عمرو بن عُلة بن جلد بن مذحج بن عامر بن زيد بن كهلان بن سبأ(2) ، وقيل: إسم النخع جَسْر بن عمرو بن علة بن خالد بن مالك بن أدد بن قحطاني(3).

من الناحية الجغرافية هذه القبيلة تحتل مساحات واسعة من أرض اليمن يطلق عليها البيضاء، وقبيلة النخع تسكن في الجنوب الشرقي منها، وتمتد من التثليث ونجران في الشمال إلى مأرب .

النخعي بفتح النون والخاء، وقيل له النخع لأنه انتخع من قومه أي بعد عنهم نزل بيشة(4).

نخع(5): النخاع بالضم : هو عرق أبيض في داخل العنق ينقاد في فقار الصلب حتى يبلغ عجب الذنب، وهو يسقي العظام، ونخع الشاة نخعاً، والمنخع : موضع قطع النخاع وهذا ما أشارت إليه الرواية : ( ألا لا تنخعوا الذبيحة حتى تجب )(6).

أسلم بعض زعماء النَّخَع وفي طليعتهم مالك بن الحارث الأشتر النخعي على يد أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ( ع ) حيث أرسله النبي الخاتم )ص) إلى قبيلة مذحج، والتحقوا بجيشه، وكان وفد النخع أخر الوفود التي قدمت إلى المدينة المنّورة من شهر محّرم الحرام لسنة 11 للهجرة فالتقوا برسول الله(ص)، وكان عددهم مائتي رجل قد أسلموا في اليمن على يد مُعاذ بن جبل.

دخلت قبيلة النخع في الإِسلام ونزلت الكوفة واتخذتها موطناً لها، وكانوا يشكلون ربع جيش المسلمين في معركة القادسية، وأستقروا في حيّهِم الذي يقع في جنوب الكوفة مجاورين بذلك مذحج باعتبار أنها فرع منها، ومن يراجع تاريخ وماضي الحروب يجدهم يشكلون الجبهة الواحدة كما في معركة صفين، ومن يطلع على تأريخهم بصورة أعمق يجد أنهم برزوا في بداية القرن الأول الهجري وقد أنجبت ـــــــ هذه القبيلة ـــــ عبر التاريخ رجالاً أفذاذاً وشخصيات عظيمة في الشجاعة والفقاهة والعلم .

نذكر منهم : مالك بن الحارث بن يغوث المعروف بالأشتر النخعي( ت38هـ ) من أعاظم الفرسان المشهورين، وله بطولات ومقامات مشهودة في الجمل وصفين، ومن تلامذة أمير المؤمنين الإِمام علي (ع) مات مسموماً سنة سبع وثلاثين، وضع عليه معاوية بن أبي سفيان منْ سمه في عسل فلما بلغه خبر موته قال : (إِنَّ لله جنوداً من عسل )!(7).

منهم : كميل بن زياد الكوفي النخعي ( ت82هـ ) صاحب الدعاء المشهور كان من خواص الإِمام علي)ع)، ومن حفاظ سره وخزان علمه، وكان من المفرطين في حب علي (ع ) كما ذكر الذهبي عن ابن حبان وقد روى عنه المعضلات(8).

منهم : علقمة بن قيس بن عبد الله أبو شبل النخعي (ت 62هـ).

منهم: شريك بن عبد الله بن سنان بن أنس النخعي الكوفي (ت 95هـ ) .

منهم : أبو ارطاة بن الحجاج النخعي الكوفي (ت 149هـ ) .

منهم : إبراهيم بن مالك الأشتر( ت 72هـ ) .

تنبيه : قد يتوهم البعض ويلتبس عليه الأمر من حين إطلاعه على إسم هذا الكتاب – رجال بني دَرَّاج سيرتهم في أعماق الماضي – فينصرف ذهنه إلى إحدى القبائل العراقية العريقة، التي تقطن حالياً في أراضي العمارة الجنوبية والحويزة، فأسرة بني دَرَّاج النخعية بالولاء لا علاقة لها بقبيلة آل الدراجي كما هو واضح فدرَّاج الأب كان حياً في القرن الأول الهجري، وهو غير ياذع بن دراج .

المصادر والمراجع

[1] - قيل: مولى النخع، وعلى هذا لا يكون اصله عربياً وانما هو من العجم؛ لان كلمة مولى في إصطلاح علم الرجال والتراجم يطلق غالباً على من كان أصله من العجم، ولهذا قيل انه نخعيٌ بالولاء .

2- ابن عبد البر؛ الانباه على قبائل الرواة ص 121، اليعقوبي؛ تاريخ اليعقوبي ج1، ص202.

3- ابن القيسراني؛ الأنساب: ج5 ، ص 473.

4- تقع بيشة من عمل مكة مما يلي اليمن، وفي وادي بيشة موضع مشجر. ياقوت الحموي؛ معجم البلدان ج1 ، ص 529.

5- الزبيدي؛ تاج العروس مادة نخع ج1 ، ص 5559.

6- أي: لا تفصلوا رقبتها بقطعها قبل أن تصل إلى مرحلة السكون عن الحركة وقريب من ذلك قول الإمام الحسين(ع) : (إنّه [عليّاً (A) ] ركب بغلة رسول اللَّه(ص) الشهباء بالكوفة، فأتى سوقاً سوقاً، فأتى طاق اللحّامين، فقال بأعلى صوته: يا معشر القصّابين، لا تنخعوا، ولا تعجّلوا الأنفس حتى تزهق ، وإيّاكم والنفخ في اللحم للبيع؛ فإنّي سمعت رسول اللَّه(ص) ينهى عن ذلك). علي بن جعفر؛ الجعفريات الاشعثيات ج1 ص، 262، مستدرك الوسائل ج16، ص 104.

7- ابن الاثير؛ اللباب ج30، ص 43.

8- الذهبي؛ ميزان الاعتدال في نقد الرجال ج5 ، ص502.