• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع :  المعلم بين متناقضين .
                          • الكاتب : علي زويد المسعودي .

 المعلم بين متناقضين

النظرية تقول إن المعلم إنسان فاعل في المجتمع ، يقوم بعملية إبداعية ، بتحويل الطفل العاجز الجاهل إلى شخص ناضج متعلم ، يفهم حقوقه ، ويعرف واجباته ،ويبذل ما في وسعه لخدمة المجتمع والتفاعل معه ، والمساهمة بتطويره ، وغرس قيم التفاؤل في نفس المتعلم وجعله يترك السلبية والانهزامية والهروب ، وان يكون فعالا ، يثق بنفسه مؤمنا بقدرات وطنه .
وقد قالوا الكثير عن تقدير المعلم ، واحترامه ، فهو بمنزلة الأب الحريص على تربية أبنائه وتثقيفهم وتعليمهم انواع المعرفة بالإضافة الى أصول العيش ، وقالوا أيضا إن المعلم جندي مجهول و شمعة تحترق لتنير الطريق أمام النشء ، وقد شبه الشاعر شوقي المعلم بالرسول ، الذي يقوم بتبليغ الرسالة للناس مهما اعترضت طريقه من صعاب ، ورسالته تكون في محاربة الجهل ، وإعلاء شان العلم .
ولكن نظرة بسيطة إلى واقع المعلم اليوم تبين لنا إن هناك بونا شاسعا بين النظرية المشرقة وبين حال المعلم البائس ، في البلاد العربية حيث يقارن البعض بين وضع المعلم قديما حين كان الطالب يحترم من يقوم بتعليمه ، ويهابه إلى درجة الخشية والخوف ، وبين حاله اليوم ، اذ أصبح المعلم من الفئات المسحوقة التي تكدح طوال نهارها من اجل توفير المستلزمات المعيشية الضرورية ، ثم لا تحصد سوى اللقمة الكفاف ، بالإضافة الى الاستهانة من الطلاب وأولياء الأمور ، واستصغارا واحتقارا... فمن المسؤول عن الوضعية المتدهورة ، والحالة البائسة التي يحياها المعلم في البلاد العربية ?
يكلف المعلم بمنهج تعليمي قد وضعته وزارة التربية ، وعليه أن يقوم بتلقين الطلاب هذا المنهج ، وتحفيظهم إياه ، وان كان لا يتفق مع منطلقات المنهج ، بل يعارضها ، والتي أضحت في العقود الأخيرة تعتمد على التلقين دون مراعاة اقتناع الطلاب ، وجعلهم يناقشون ما تعلموا ، لمعرفة مدى الاستيعاب .
ومن هنا اصبح المعلم منبوذا بعد ان كان يتمتع بتلك المكانة المرموقة وهناك عدة اسباب لهذا التردي بعضها سياسي والاخر اقتصادي والاخر نفسي ، الاول ان السياسة اصبحت تحدد مجالات التعليم بينما كان التعليم يحدد سابقا السياسة ، والثاني اقتصادي ان المعلم اضحى يجري خلف رغيف الخبز وكان سابقا يأخذ الاجر ، فيعيش مكرما ، ويوفر ويسافر ويتمتع اما الان نتيجة استفحال الغلاء ولان النقود تسك دون أن يقابلها الذهب أصبحت لاقيمة لها.
والثالث نفسي وهو أن المعلم يكون تحت أعباء متنوعة ومختلفة تسيره بعد أن كان هو المسير.
ومن هنا نقول للمعنيين أن ينتهجوا أسلوبا جديدا في التعليم ، يمنح المعلمين ما حرموا منه ، ويعيد للعملية التعليمية وجهها المشرق الذي سلب منها طيلة عقود طويلة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=128428
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 12 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16