• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : ميلاد مريم ..! .
                          • الكاتب : احمد لعيبي .

ميلاد مريم ..!

اخرج مرتضى صورة من جيبه وبدأ يحدق فيها ويبكي بصمت ..
كان ليل مدينة العلم غرب سامراء طويلا وباردآ وكان كل شي موحش في تلك المدينة حتى القباب والمنائر كانت مظلمة ..
صوت الرصاص كان عاليا وصوت بكاء مرتضى كان اعلى وهو يحدق بصورة ابنته مريم ذات الاربعه اعوام اذا كان اليوم هو يوم ميلادها ...
اخرج من جيبه هاتفآ فيه تسجيلات كثيرة وبدأ يسمع صوت ابنته ايام تواجده في البيت وكيف تمسك به وتبكي ان زعل منها..
رن الهاتف وارتعش وهو يرى اسم والده يتصل ويسال عنه ويقول له مريم تكلمك ..
امسك الهاتف وكان اول كلمة يسمعها (بابا ليش ما اجيت وصديقاتي يسالون عنك واني طالعه مو حلوة وانت ماكو وحتى الشموع ما اطفيهن ولا اريد هدية اني مزاعلتك)!!
اغروقت عيون مرتضى بالدمع وقال لها بحب(مريمتي ..مريومة ..بابا ..اني هنا حتى تحتفلين انت وصديقاتك بعيد ميلادك وتطفون الشموع وتاكلون كيك ..)!
سمع صوت والده يقول لها (مريم ..جدو ..حبيبة ..بابا بالجبهة حتى ما تتوسخ بدلتك الحلوة وتبقى ظفايرك طويلة .. وترحين للروضة يوميه وتكتبين وتقرين وتتعلمين)..
اغلق مرتضى هاتفه وهو يسمع نبرة الحزن في صوت صغيرته الوحيدة التي انتظرها ستة اعوام على احر من الجمر قبل ان تفقد امها حياتها وهي تلدها ..
عرف الضابط قصة ميلاد مريم وطلب من مرتضى ان يذهب ليحضر عيد ميلاد ابنته ويعود بعدها بيوم واحد ..
تشجع مرتضى ولكن لم تكن هناك سيارات في الليل لنقل المقاتلين خصوصا ان اغلب الطرق نيسمية فيها قنص وعبوات ناسفة ..
وبقي منتظرا حتى الصباح الذي وجد مرتضى نفسه واصدقائه في كمين وحصار من كل الجهات ..
بلحظة واحدة اخرج هاتفه واتصل بوالده (بويه ..بويه ..بويه ..سلم لي على امي ..وبوسلي مريم ودير بالك عليها..سلم لي على امي ..سلم لي على امي ..) وانقطع الاتصال ..لم يكن هاتف مرتضى مشغولا او خال الرصيد او خارج التغطية ..
لكنه استشهد وهو يتكلم مع والده في مكالمته الاخيرة ..
في جنازة مرتضى وقفت مريم امام نعش والدها ببدلتها البيضاء ووضعت فوقه لعبة قال لها جدها انها هدية قد ارسلها ابوها لها بعيد ميلادها ..
تركت اللعبة ومضت وهي حزينة الى جدها وقالت له ..( قل له يا جد اني لا اريد لعبته ..ولن ازعل منه ..ولن ابكي ..ولن دعه يخرج من هذا الصندوق ويحتضن مريم ..ارجوك ياجدي ..قل له ان يعود ولا اريد ميلادا ولا شمعة ولا لعبة ..!!) 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=130692
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 02 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28