• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : لباس اهل الدنيا واهل الاخرة في القران... .
                          • الكاتب : عبدالاله الشبيبي .

لباس اهل الدنيا واهل الاخرة في القران...

وردت في القران الكريم مجموعة من الآيات تشير الى كلمة اللباس سواء كان المادي او المعنوي، سواء كان في الدنيا او في الاخرة، سواء كان مباشرة او غير مباشرة، ومنها التي وردت فيها كلمة اللباس:
قال تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ. 
وقوله تعالى: فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ. 
وقوله تعالى: وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ. 
وقوله تعالى: يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ. 
وقوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ. 
وقوله تعالى: يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ. 
وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ. 
وقوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا. 
ومنها: يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ. 
قال صاحب الميزان: اللباس كل ما يصلح للبس وستر البدن وغيره، وأصله مصدر يقال: لبس يلبس لبسا ــ بالكسر والفتح ــ ولباسا، والريش ما فيه الجمال مأخوذ من ريش الطائر لما فيه من أنواع الجمال والزينة، وربما يطلق على أثاث البيت ومتاعه. 
واللباس هو الذي يعمله الإنسان صالحاً لأن يستعمله بالفعل دون المواد الأصلية من قطن أو صوف أو حرير أو غير ذلك مما يأخذه الإنسان فيضيف إليه أعمالا صناعية من تصفية و غزل ونسج وقطع وخياطة فيصير لباساً صالحاً للبس فعد اللباس والريش من خلق الله وهما من عمل الإنسان. المصدر: الميزان في تفسير القران، ج8، ص38.
وقال تعالى: قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ‏. وأنزلنا هنا بمعنى: خلقنا وأوجدنا، كما في قوله تعالى: وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ، فالخلق نحوٌ من الإنزال من العالم الأعلى إلى العالم الأدنى. وجَعَل التقوى لباساً على طريق التمثيل والتشبيه. قال تعالى: وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ. وحكى‏ الراغب أنَّه قرأ بعضهم: (ولباسِ ــ بالكسر ــ التقوى) من اللبس أي: الستر. وأصل اللبس ستر الشي‏ء، ويُقال ذلك في المعاني، يُقال: لبست عليه أمره، أي: شبّهته وجعلته واهماً. المصدر: منة المنان، ج‏5، ص483.
ولا فرق من جهة النظر في التكوين بين نسبة ما عمله الإنسان إلى الله سبحانه وما عمله منته إلى أسباب جمة أحدها الإنسان، ونسبة سائر ما عملته الطبائع ولها أسباب كثيرة أحدها الفاعل كنبات الأرض وصفرة الذهب وحلاوة العسل فإن جميع الأسباب بجميع ما فيها من القدرة منتهية إليه سبحانه وهو محيط بها.
وتوصيف اللباس بقوله: يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ، للدلالة على أن المراد باللباس ما ترفع به حاجة الإنسان التي اضطرته إلى اتخاذ اللباس وهي مواراة سوآته التي يسوؤه انكشافها وأما الريش فإنما يتخذه لجمال زائد على أصل الحاجة. المصدر: الميزان في تفسير القران، ج8، ص38.
وفي تفسير لباس التقوى أقوال أخر مأثورة عن المفسرين، فقيل الإيمان والعمل الصالح، وقيل حسن السمت الظاهر، وقيل الحياء، وقيل لباس النسك والتواضع كلبس الصوف والخشن، وقيل الإسلام، وقيل لباس الحرب، وقيل ما يستر العورة، وقيل خشية الله، وقيل ما يلبسه المتقون يوم القيامة خير من لباس الدنيا، وأنت ترى أن شيئاً من هذه الأقوال لا ينطبق على السياق ذلك الانطباق. نفس المصدر السابق. 
ولكن فائدة اللباس الذي أرسلناه لكم لا تقتصر على ستر البدن وإخفاء العيوب والسوءآت، بل للتجمل والزينة أيضاً حيث يجعل أجسامكم أجمل ممّا هي عليه. وريشاً.
ثمّ تحدث القرآن عقيب هذه الجملة التي كانت حول اللباس الظاهري، عن حدّ اللباس المعنوي تبعاً لسيرته في الكثير من الموارد التي تمزج بين الجانبين المادي والمعنوي، الظاهري والباطني إذ قال: وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْر.
وتشبيه التقوى باللباس تشبيه قوي الدلالة، معبّرٌ جدّاً، لأنّه كما أنّ اللباس يحفظ البدن من الحرّ والقرّ، يقي الجسم عن الكثير من الأخطار، ويستر العيوب الجسمانية، وهو بالإضافة الى هذا وذاك زينة للإنسان، ومصدر جمال. كذلك روح التقوى، فإنّها مضافاً إلى ستر عيوب الانسان، ووقايته من الكثير من الأخطار الفردية والاجتماعية، تعدّ زينة كبرى له ... زينة ملفتة للنظر تضيف إلى شخصيته رفعة وسمّواً، وتزيدها جلالا وبهاءً. المصدر: تفسير الأمثل، ج5، ص7. 
(وَلِبَاسُ التَّقْوَى)، لباسٌ آخر من خلق الله تعالى، لأنّ الله عزّوجلّ هو الذي وضع لنا التشريعات التي توصل إلى التقوى، وهو الذي أوجد فينا القابلية لنتفاعل مع أوامره ونواهيه، وهو الذي رسم لنا طريق الهداية التي توصل إلى التقوى. 
التقوى من اتقى، واتقى أي اجتنب وعاش الحذر وتجنّب هذا الأمر، فالإنسان المتقي هو الذي يتجنَّب المعاصي والمنكرات، التي تعتبر عورةً معنوية، وسوآت معنوية، لأنها رذائل، فعندما يكون الإنسان تقياً يتجنب الرذائل، فكأنّه لَبِسَ التقوى فمنعت ارتكابه الرذائل، فتجنَّب حدوث العورات المعنوية. لأنّ الامتناع عن الرذائل المعنوية أخطر وأصعب وأهم، فعندما يمتنع الإنسان عن المنكرات والمحرمات والشهوات والمفاسد فقد حمى نفسه، والحماية المعنوية أعظم من الحماية المادية، ولذا لباس التقوى خيرٌ وأهم من لباس الظاهر. نفس المصدر السابق.
واللباس الذي يواري سوءات العبودية أي: نقائصها هي أوصاف الربوبية ونعوت الألوهية؛ من عز وغنى، وعظمة وإجلال، وأنوار وأسرار، التي أشار إليها في الحكم بقوله: لو كنت لا تصل إليه إلا بعد فناء مساوئك، ومحو دعاويك، لم تصل إليه أبدًا، ولكن إذا أراد أن يُوصلك إليه غطى وصفك بوصفه، ونعتك بنعته، فوصلك بما منه إليك، لا بما منك إليه. والريش هو بهجة أسرار المعاني التي تغيب ظلمة الأواني، أو بهجة الأنوار التي تُفني الأغيار، ولباس التقوى هي حفظه ورعايته لأوليائه في الظاهر والباطن مما يكدر صفاءهم أو يطمس أنوارهم. المصدر: بحر المديد.
وقد فسَّر الإمام الباقر عليه السلام هذه الآية الكريمة بقوله: "فأما اللباسُ فالثياب الذي يلبسون، وأمّا الرياش فالمتاع والمال، وأمّا لباسٌ التقوى فالعفاف، لأنّ العفيف لا تبدو له عورة وإنْ كان عارياً من اللباس، والفاجر بادي العورة وإنْ كان كاسياً من اللباس"، فالتقوى تحمي الإنسان من العورات والرذائل المعنوية، وهي اللباس الحقيقي، ولا يعني ذلك الدعوة إلى عدم الاهتمام باللباس الظاهري، فالمقارنة لإبراز الأهمية، إذ ما ينفع الإنسان المتمسك بالرذائل ارتداؤه لأفضل ثيابه وأجملها، إذا برزَ سلوكُهُ مُحاطاً بالرذائل والمعاصي؟.
ولباس الانسان الصحيح في الحياة الدنيا المشار الية هو المعنوي أي لباس التقوى الذي هو غاية ما خلق عليه، حيث هناك المغريات والشهوات والصاعب والتحديات، ولباس المؤمنين والمؤمنات في الاخرة لباس مادي من الحرير والاستبرق وغيرهم، حيث لا شهوات ولا مغريات التي كانت تجرى نحو المغريات المادية الا رضوان من الله ونعمة التي ما لا عين رات ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. فهنيئاً لمن عد واستعد وتزود من الدنيا العمل الصالح ولبس لباس التقوى والايمان. 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=130727
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 02 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18