• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : إمارة خفاجة في البطائح جنوب العراق .
                          • الكاتب : د . عبد الهادي الطهمازي .

إمارة خفاجة في البطائح جنوب العراق

تأسست إمارة خفاجة الأولى في البطائح جنوب العراق، والبطائح هي عبارة عن الجزر التي كانت تتكون في مناطق الأهوار جنوب العراق، فنظرا لبطئ جريان المياه في جنوب العراق يرتفع مستوى القاع في مجاري المياه، وسرعان ما تنمو الحشائش والأدغال فتتماسك التربة لتكون جزر صغيرة متفرقة تملؤها الآجام والقصب، كان يعبر عن الواحدة منها بطيحة والجمع بطائح.
أسس هذه الإمارة رجل من أهل الجامدة، وهي بلدة قرب الكوت يدعى عمران بن شاهين الخفاجي.
وكان عمران قد جنى جناية، فهرب إلى البطيحة خوفا من سلطان تلك الناحية، فأقام بين القصب والآجام واقتصر على ما يصيده من السمك قوتا، وعرف خبره جماعة من صيادي السمك فاجتمعوا اليه، فقوي بهم.
فأرسل عماد الدولة علي بن بويه وزيره الصيمري لمقاتلته، فجرت بينهم وقعات، واستأسر فيها الصيمري أهل عمران وعياله وهرب هو واستتر، ثم اضطربت أحوال البويهيين بموت علي بن بويه، فانسحبت جيوشهم الى شيراز.
ولما استتبت أوضاع البويهيين في شيراز وولي معز الدولة عاد الصيمري لمقاتلة عمران، لكنه أصيب بحمى فمات بها، وعين البويهيون الحسن بن محمد المهلبي بدلا عنه، فجرد المهلبي سنة 339 هـ حملة لمقاتلة عمران ومعه روزبهان أحد قادة الجيش، فبنى روزبهان آلات الماء وأثبت الرجال واحتشد، فطاوله عمران وتحصن في مكامنه من البطائح، فضجر روزبهان وأقدم عليه طلبا لمناجزته، فاستظهر عليه عمران وهزمه وهزم أصحابه، وغنم جميع آلاته وسلاحه فقوى بها.
فكتب معز الدولة البويهي الى المهلبي يحثه على مقاتلة عمران وجهزه بجيش جرارة، وحمل إليه سلاحا كثيرا وأطلق يده في إنفاق الأموال، فزحف إلى عمران وسدّ عليه الطرق، وانتهى إلى مضيق في البطيحة لا يعرف مسالكه إلَّا عمران وأصحابه، واقتحم المهلبي عليه، وكان عمران قد وضع الكمائن، فخرجوا على العساكر وهم متزاحمون في طرق الماء لا يعرفون مسالكها، فوضع أصحاب عمران فيهم الحراب، فقتلوا وأسروا وهرب روزبهان وأصحابه، ونجا الوزير المهلَّبى سباحة ووقع القوّاد والوجوه في الأسر، فاضطر البويهيون سنة 340 هـ إلى مصالحة عمران بن شاهين، فتم الصلح بين معز الدولة وبين عمران بن شاهين، وقلَّده معز الدولة البطائح وأطلق أخوته وعياله، وأطلق عمران بن شاهين من اسر من القوّاد وغيرهم.
لكن الأمور فسدت بينهما فأرسل معز الدولة سنة 355 هـ أبا الفضل العباس بن الحسين الشيرازي مع جيش لمقاتلة عمران، فابتدأ أبو الفضل يسدّ الأنهار عن البطائح، وكان معز الدولة في واسط مع عسكره، ثم رحل إلى بغداد تاركا عسكره في واسط، فلمّا وصل إلى بغداد مات، فدفعت الضرورة إلى مصالحة عمران مرة أخرى.
وفي سنة 363 هـ اضطر المرزبان بن بختيار البويهي الذي عصى في البصرة، الى الاستنجاد بعمران بن شاهين لمقاتلة ابن عمه عضد الدولة البويهي.
وبقيت الحال بينه وبين البويهيين في مد وجزر حتى توفي فجأة يوم الثالث عشر من المحرم سنة 369 هـ، بعد أن نصبت له الأرصاد أربعين سنة، وأنفقت على حروبه الحرائب، وبعد أن أذلّ الجبابرة وأرباب الدول وطواهم أولا أولا، وقدّمهم أمامه على غصص يتجرعونها وذحول يتحملونها، وهو ممنوع الحريم محصّن الساحة محمى من غوائلهم ومكايدهم)).
فلما مات عمران ولي مكانه ابنه الحسن، فتجدد لعضد الدولة طمع في أعمال البطيحة، فجهز العساكر مع وزيره المطهر بن عبد الله فأمدهم بالأموال والسلاح والآلات، وسار المطهر فلما وصل البطائح شرع في سد أفواه الأنهار فضاع فيها الزمان والأموال وجاءت المدود، وبثق الحسن بن عمران بعض تلك السدود فاعانه الماء فقلعها. ثم جرت بينه وبين الحسن وقعة في الماء استظهر عليه الحسن، وخشي المطهر اللوم والفشل فعمد الى أوردته فقطعها، فمات منتحرا. 
وأُرغم عضد الدولة على مصالحة الحسن بن عمران، فاستمر في الإمارة ثلاث سنوات، ثم قتل على يد أخيه أبي الفرج محمد بن عمران سنة 372هـ، إلا أن أيام محمد لم تدم طويلا حيث قتل على يد المظفر بن علي الحاجب بعد سنة، وأجلس أبا المعالي ابن الحسن بن عمران مكانه، وكان أبو المعالي صغيراً، فتولى المظفر تدبيره بنفسه، وقتل كل من كان يخافه من القواد، ولم يترك معه إلا من يثق به، ثم عزل أبا المعالي واستقل هو بالإمارة وبذلك انقرضت إمارة البطيحة الخفاجية.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=131758
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 03 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19