• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ممسوخية القيم .
                          • الكاتب : عبد السلام آل بوحية .

ممسوخية القيم

في ليالي الإمام الكاظم (عليه السلام)، ظهر أحدهم وهو يتلفظ بألفاظ بشعة بذيئة تخص المناسبة، وصاحبها، وقد جرح على أثر ذلك عددا غفيرا من الناس التي تؤمن بإمامها وتعتبره مقدسا وخطا احمر.

الحقيقة أن هنالك أمثال هذا الساقط المئات والألوف، وفي حال كانت ردة الفعل تجاه هذا البذيء سيء الأدب الواحد مناسبة ورادعة لغيره أن يتحدوا المقامات الكريمة للأئمة المعصومين (عليهم السلام)، فإن ذلك لا يغير حالة "ممسوخية القيم" التي يعيشها مجتمعنا - ولعل رادع كثيرين من ان تطال المقدسات على ألسنتهم هو الخوف، أما الخوف المزروع من قوى غيبية متجذرة في الذهن الشعبي، او الخوف من يد الانتقام التي سيمدها كل المؤمنين - رعاهم الله - لمثل هذه التصرفات، وهو الامر الذي نال شيئاً منه هذا الحقير المعتوه، ولكنه لا يغير الا الطفيف من معادلة ما تزال تختمر في الذهن العراقي لعقود حتى الآن.

ان ممسوخية القيم التي يعيشها مجتمعنا تتداخل فيها عوامل كثيرة، بدأ بإنفلات كل المؤسسات التربوية الطبيعية والاصطناعية في مجتمعاتنا (من الأسرة الى المدرسة الى الدواوين والمجالس ومراكز التعليم العالية الأكاديمية وغير الأكاديمية)، وأيضا تأوليات مصادر الأخلاق الاصيلة مثل الدين واختصارها بالشكليات ومحو المحتوى منها، ولا تنتهي تلكم العوامل إلا بفوضى المقدسات والخطوط الحمر - فإذا كان فلان الفلاني الحي بما يحمله من السلبيات خطا أحمر، ولكن يستحق التجاوز عليه، فما فرق الإمام المعصوم او الذات الإلهية في ذلك؟

إنها ظاهرة تحتاج وقفة كبيرة من أهل الحل والعقد، والمثقفين، والتربويين في مجتمعنا، وهي ليست مسألة دينية بحتة - نحن نراها في كل مكان، تردي الأخلاق وسوء الأدب صار منتشرا في مجتمعاتنا لا يقتطعه الا مواسم عبادية سرعان ما تنقضي، ولا تقف مضاره عند فساد الأجير، وضياع الأرواح بين أيدي من لم تبقى إنسانية في يده، وضياع الأموال داخل جيوب من لم يبقى رادع لهم عن السرقة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=132356
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 04 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19