• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الدين معرفة .

الدين معرفة

 ها هو سبط خاتم الأنبياء حبيبه الحسين سيد شباب أهل الجنة شع نوره، ورسم لنا منهاج الحياة وبيّن حقيقة العبادة وروحها
"الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه مادرّت معايشهم فإذا مُحصوا بالبلاء قلّ الديانون"
ماهو الدين؟ وكيف يصبح الفرد متديناً مُحرزًا للدين الذي ارتضاه له خالقه 
يقول المولى علي أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته التي يذكر فيها ابتداء الخلق: "أول الدين معرفته.."، ويقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في وصيته لابي ذر: إن أول عبادة الله المعرفة به... 
اذن هي المعرفة بداية العبادة الحقة وبدون معرفة لا تتحقق العبادة كما يُشير لذلك مولانا الحسين عليه السلام في قوله: إن الله جل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه فإذا عرفوه عبدوه، وإذا عبدوه استغنوا بعبادتهم عن عبادة من سواه...
ومنه أيضاً قول الامام الصادق عليه السلام: إنكم لا تكونوا صالحين حتى تعرفوا ولا تعرفوا حتى تُصدقوا ولا تُصدقوا حتى تُسلموا أبوابًا أربعة لا يصلح أولها إلا بآخرها 
ومن هذا الحديث الشريف نتعرف الى الالتزام الديني الحقيقي الذي يُحيي النفس الانسانية فالدين روح النفس الانسانية
ولكن وللأسف غالب الناس فهموا الدين بالفهم البيئي، الأعراف، التقاليد اتباع القطيع فهمٌ بيئي، هذا ماوجدنا عليه آبائنا ومايسير به جماعاتنا، فهم بعيد ومختلف عن الفهم السماوي 
أبو الفضل العباس بن أمير المؤمنين علي عليهما السلام كيف بلغ أعلى مراتب الايمان مرتبة العبودية الحقة، التي امتاز بها واستحق مقاما رفيعا لا يضاهيه به أحد 
ذلك كان بمعرفته للمعصوم الذي أمر تعالى بطاعته والتسليم له 
فنقطة احياء النفس تبدأ من التسليم الصادق 
وهذا ما أشار إليه المولى الصادق عليه السلام في حديثه فقد جعل الدين مراحل صلاح، معرفة، تصديق، وتسليم، ولكن لا يصلح الثلاث بدون التسليم كما قال هو عليه السلام: لا يصلح أولها إلا بآخرها؛ فالتسليم نقطة الفيصل وهو من يوصل إلى الصلاح 
فلنرجع لأنفسنا، لنُعيد صياغة ديننا الذي هو وسيلة نجاتها في الدنيا والآخرة قبل أن يفوت الوقت ونصبح من الذين قال عنهم صادق العترة جعفر بن محمد صلوات الله عليه..:
"ماتوا قبل أن يهتدوا وظنوا انهم آمنوا وأشركوا من حيث لايعلمون"
لتكُن أعمالنا لها نقطة انطلاق صحيحة حتى لا نكون من الأخسرين أعمالا الذين أجهدوا أنفسهم في الحياة الدنيا ولكن ثمرة أعمالهم كان الضياع والخسران لأنهم توجهوا لله من حيث يريدون هم لا من حيث يريد هو جل وعلا، حيث يقول عز من قائل في كتابه العزيز: "قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يُحسنون صُنعا."
فليس لنا أن نُحقق الغرض الالهي كيفما كان، بل لا بد أن نحققه وفق مايريد تعالى وما أمر به..
فسُبل البناء الديني تحتاج لأن نأتيها من الأبواب التي أمرنا تعالى أن نأتيه منها وهي الرسول وأهل بيته الكرام
"قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ"
"إني تاركٌ فيكم الثقلين ما إن تَمَسَّكم بهما لن تضلّوا بعدي: كتابَ اللَّه وعترتي أهلَ بيتي، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوضَ". المعجم الكبير ج5 ص186.، صحيح الترمذي 5/663 رقم 3788، مسند أحمد ج 4، ص371، ومصادر عديدة أخرى ذكرت الحديث منها: الكافي، كمال الدين، أمالي المفيد،أمالي الطوسي، عيون أخبار الرضا، غيبة النعماني، بصائر الدرجات.
لكن بعد أن نأتي هذه الأبواب المُختارة المقدسة ماذا يجب علينا؟ أليس الاتباع بالاقتداء فالاقتداء عِلّة الهداية لذا يقول تعالى: لكم في رسول الله أسوة حسنة 
علينا أن نسارع الى ازالة الحجب التي تمنع نزول الفيوضات الالهية وتُعرقل عملية البناء كحب الذات والرياء والظن السيء والعقيدة الفاسدة واشباه ذلك
الايمان والتدين يحتاج الى دقة في التشخيص فالايمان لايُبنى على حجم من تلبس به، وإنما يُبنى وفق القيم الموضوعية، فالظواهر ليست ملاك تُقيّم الاشياء والأشخاص بل التقييم يكون على أساس القيم الموضوعية التي يحملها الانسان فدينه تعالى دقيق يسير وفق نظامه الأمثل
لذا نحتاج الدقة في المعرفة فسبحانه يريد أن تكون حركاتنا وسكناتنا قائمة على المعرفة الدقيقة لذلك تعالى لا يريد عبادة بدون معرفة.. (العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق)
هناك أنواع من المعرفة إن لم يدقق فيها الانسان تؤدي إلى هلاكه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من لم ير لله نعمة إلا في مطعم أو مشرب أو ملبس فقد قصر عمله ودنى عذابه ...
فالنعم المعنوية من أعظم النعم، كحب أهل البيت والمعرفة وطلب العلم والحصول على المعتقدات السليمة والالهام منه تعالى بالأفكار الناضجة من أجَلْ وأكرم النعم وتشير لذلك مولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام بقولها: له الشكر على ما ألهم
ولكي نصل للدقة فعلينا التأمل في عواقب الامور، عن الصادق عليه السلام: النظر في العواقب تلقيح القلوب

لنترك العجلة والاسترسال، لندقق في المعتقدات والعبادات والمعرفة، فالدين بحر عميق لا بد من دخوله برفق لنبحث عن الحق ونقيس عليه 
ومادام هدف الانسان المؤمن رضا ربه، فهذا الهدف حتى يتحقق عليه أن يمتلك قلبًا سليمًا: "إلا من أتى الله بقلب سليم"
فيكون القلب مركز النجاح أو الفشل تبعًا لما يوجد فيه من أفكار تؤثر على الجوانح والجوارح فعندما تستقر الأفكار النورانية والقيم الموضوعية والمعارف الحقة فإن سلوك الانسان يتجه نحو الأهداف السامية، أما اذا أصبح القلب مركز للأفكار السيئة والقيم المنحرفة والمعارف البعيدة عن المعصوم فإن ذلك يؤدي بصاحبه الى الضياع والهلاك
فالقلب عندما يعمر بذكر الله وذكر المعصومين والأفكار الطيبة فإن ذلك القلب سيكون منزلاً لله واذا ما سكن الرب في القلب فسوف يتحرك نحو الصلاح والفلاح. 
ودرجات البناء تعتمد على درجات العمل ولكي نعمر القلب لابد من العمل بعد العلم، 
فحياة النفس تكون بالمعرفة المقترنة بالعمل فالمعرفة شيء والطاعة شيء آخر فمرة يكون الانسان عارفًا ومرة يكون مطيعًا وليس بالضرورة أن يكون كل عارف مطيع 
عن جعفر الصادق عليه السلام: لا يقبل الله عملاً إلا بمعرفة ولا معرفة إلا بعمل فمن عرف دلته المعرفة على العمل ومن لم يعمل فلا معرفة له، ألا أن الايمان بعضه من بعض.."
معرفتنا ترسم ديننا




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=132412
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 04 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29