كان لنا صديق ايام الدراسة الاعدادية لا نعرف ديانته لم يصرح بها ولم نشأ أن نسأله عنها لأننا كنا مهذبون جدا ونعرف ان المقياس للبشر هو مقدار مايتمتع به من انسانية واحترام للاخر ومقدساته ..كان صديقنا يصوم شهر رمضان ولا يأكل اللحم في بعض الامور وساعة يلبس قلادة فيها صليب ومرة فيها آية الكرسي..اذا ماجاء العيد كان اول من يطرق بابنا ويزور كل اصدقائه مقدما التهاني بالعيد وذات مرة جاءني الى البيت وهو يحمل علبة كبيرة مكتوب عليها (عيدكم مبارك يا شيعة علي)..فتحت العلبة ولم اجد فيها سوى مبلغا من المال لا اتذكره رغم اني كنت اطمح ان يكون بداخلها كرة قدم او علبة حلوى في زمن كانت علبة الحلوى جائزة لاتقدر بثمن!..كانت النقود داخل ظرف شفاف ومعطرة بعطر جميل جدا..لم اعرف لماذا وضع المال داخل هذه العلبة ومابين حيرتي في الامر لاحت امامي بين النقود ورقة صغيرة مطوية على شكل رسالة قديمة سارعت لظالتي لعلي اجد ما قد حيرني من امر صديقي هذا وكانت المفاجأة بتلك العبارة المكتوبة في وسط الورقةكانت عبارة هزت روحي وجسمي الناحل يومها لقد كانت عبارة تستحق أن توضع في عيون الادب العربي والانساني وكان من الممكن ان تجعل منها اغلب المنظمات الانسانية شعارا لها كانت العبارة تقول(عيسى المسيح يهنئ محمد البشير بعيد الفطر وهذا المبلغ زكاة فطرة من ايتام عيسى الى ايتام محمد..عيدك مبارك يا صديقي)..لأول مرة اعرف انه مسيحي ولأول مرة أبكي من القلب في غرة شوال ..لقد تذكرت ذلك الصديق الانسان يوم طرق بابي قبل ايام يبحث عن فرصة عمل في وطنه الكبير تغيرت ملامح وجهه ولم تتغير روحه سلم بتحية السلام وهنأني بشهر رمضان وقدمت له الماء ولم يشرب ..لم يكن صائما لكنه قال (انا احترم الله يا صديقي وانتم تقولون ان رمضان شهر الله المسألة لا تتعلق بالدين ) ..ودعته واعدآ أياه بفرصة عمل ان شاء الله ولكم تأملت بعبارته التي يقول فيها انا احترم الله ..ومع انقضاء شهر رمضان تساءلت مع نفسي هل احترمنا الله في شهره كي يكون لنا ذلك عيدآ..هل نهينا النفس عن الهوى ومسحنا رأس اليتيم وتبسمنا بوجه المحروم وقضينا حاجة المضطر..لعل العيد يأتي يحمل لنا بشائر الفرح والخير بقبول من الله ولعله العكس ..ولعل العيد يأتي هذا العام ولكنه في العام القادم ان اتى قد لا يلقانا!!ولعل العيد يأتي مع عيد آل محمد بظهور قائمهم فهل كنا على قدر الاستعداد..نطمح في العيد ان نرى هلال النصر على انفسنا وان نرى فجر الحرية يتنفس في بلدنا العزيز وهو يرفل بالامن والامان ..نتمنى ان يتعافى العراق من جرحه وان يكون قبلة للشرق فعراق الحسين هو والعيد وجهان لفرحة واحدة..كل عام وانتم الى الله أقرب أيها الاحبة..كل عام وانتم ترفلون بالخير وتتوشحون بوشاح الصبر والايمان في عراق المقدسات ..نسأل الله ان يتقبل اعمالنا واعمالكم ويتجاوز عن كل سيئاتنا ..وعيدكم مبارك ..