• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : من_النجف_إلى .. جيل الثمانينات والتسعينات والألفينات .
                          • الكاتب : ابو تراب مولاي .

من_النجف_إلى .. جيل الثمانينات والتسعينات والألفينات

 لعلّك استغربتَ خروج أهالي النجف بتظاهرة إثر تجاوز شاب غير مؤدّب على حرمة الإمام الكاظم (ع) وحدّثت نفسَك : أنْ ما قيمة هذا التافه ليثور النجفيون ضدّه ويخرجوا إلى الشوارع ويطالبوا بسنّ القوانين ؟ بين قوسين ( طوّخوها ) .

تعالَ معي لتعرف ما ورائيات خروجهم ..
@ مرّت بالنجفيين ظروف وتجارب أمنية وثقافية عصيبة جعلتهم يتحسسون خطر تبديل الهوية وتغيير الثقافة ، وبالتالي سحب بساط القدسية عن محافظتهم التي يعتبرها المسلمون ( الشيعة على الأقل ) مركز الإشعاع الفكري الأول في العالم ، ولأجل عدم الإطالة عليك سأذكر لك مثالاً واحداً ..
@ " في أواخر الخمسينات من القرن الماضي وبسبب انتعاش التيارات اللادينية في العراق اجتاحت النجف - كغيرها من المحافظات - موجة فكرية وأخلاقية مناهضة لروح الدين أولاً ولأخلاقياتهم النبيلة ثانياً - وكان التركيز على النجف - ولا أريد أن أطيل عليك وأشرح لك ما الذي جرى من حوادث بشعة بحيث وصلت بهم الجرأة - بحسب شهادة من عاشوا تلك الفترة -أن كتبوا على جدار صحن أمير المؤمنين (ع) : ( مِن أينَ لك هذا ) وقد رفعوا شعارات لا أخلاقية يجوبون بها شوارع النجف : ( ماكو مهر بس هالشهر والقاضي ذبه بالنهر ) يعني لا حاجة إلى عقد الزواج ، وسيكون الناس كالحيوانات من هذه الناحية ! وبهذه الأفكار السوداء والأخلاقيات المنحرفة حوصرت النجف ، ولم تكن أدوات الحصار إلا بعض شباب النجف نفسها بغسل أدمغتهم بالشعارات البرّاقة ، وإغرائهم بأنواع المغريات ، وكاد نور النجف أن يخفت لولا لطف الله تعالى وبركة وجود المرقد الطاهر لأمير المؤمنين (ع) وكفاح علمائها الأعلام وفي مقدمتهم السيد محسن الحكيم (قدس) " 
@ وبعد هذه القصة أصبح واضحاً لديك أنّ هذا الحصار الثقافي الأخلاقي حاضر في أذهان أهلكم في النجف ، وكان خروجهم وضغطهم لتشريع القوانين وتطبيقها لأنهم أحسّوا أنّ هناك بوادرَ لإعادة الحصار مرةً أخرى ، وإلا فماذا يعني إيجاد مواقع - بمقربة من مرقد أمير المؤمنين - يُفعل بها كل ما يعلّم على الانحطاط الأخلاقي من تعاطي المخدرات وشرب الخمرة وعمل الفتيات المتبرجات المنفلتات - اللائي لا يُعلم من أين جيء بهنّ - إلى وقتٍ متأخر من الليل في أجواء غنائية صاخبة ؟!! أين نحنُ ؟ في النجف أو في منتجع سياحي لا أخلاقي ؟ 
وكان ناتج هذا الانفلات في هذه المواقع الكائنة في قلب النجف أن يجرأ هذا الشاب على شتم الإمام الكاظم (ع) ليلة استشهاده !! فإنّ هذه الفعلة ليست حالة فردية جاءت خطأً من شابٍ غير سوي ، بل هناك عمل وراء ذلك وكتل سياسية يعرفها أهلنا في النجف .
@ فاعلم يا أخي .. إنّ خروج أهلكم بمظاهرةٍ حاشدة ليست لأجل تجاوزٍ فردي يمكن معالجته في ساعته ، بل لمشروع تثقيفي تحسّسه وأحس به النجفيون . 

@ وكأني أسمعك تحدث نفسك : 
إذا كان النجفيون ينظّمون تظاهراتٍ ضدّ الفساد الأخلاقي - وهو من حقهم - فلماذا لا يتظاهرون ضدّ الفساد المالي والسياسي ؟
دعني أُجيبك بعدة نقاط اقرأها جيداً :
أولاً : هناك مغالطة يصوّرها لك من يروق لهم الانفلات بأنّ هناك تزاحم بين التظاهر لأجل الفساد الأخلاقي والتظاهر لأجل الفساد المالي ! بحيث أنّ للإنسان أن يتظاهر مرة واحدة في حياته فإذا تظاهر ضدّ الفساد الأخلاقي لا يمكنه التظاهر ضد الفساد المالي ! والحال أنّه لا يوجد أي تزاحم بين الأمرين ، والشارع الذي تظاهروا فيه لأجل الفساد الأخلاقي لا يأبى التظاهر لأجل الفساد المالي . 
ثانياً : إنّ الذين تظاهروا ضدّ الفساد الأخلاقي في شهر نيسان 2019 هم أنفسهم - أو من وسطهم - الذين تظاهروا ضدّ الفساد المالي في النجف في صيف 2018 ، والمتحدّث معك شاركتُ في كلا التظاهرتين ، بل إنّ تظاهرة 2018 تكررت أكثر من جمعة ولم تقتصر على ساعة واحدة كتظاهرة شهر نيسان . 
ثالثاً : لو أردنا وضع الفسادَين في كفّتَي ميزان إنصافك وأخلاقك ، فما هو الأرجح عندك : أن يُسلبَ ما بجيبك من نقود - وهو الذي يمثّل الفساد المالي - أو يُسلب رغماً عن أنفك حجاب أُختك أو زوجتك أو أُمك ، و ( ماكو مهر بس هالشهر والقاضي ذبّه بالنهر ) - و الذي يمثّل الفساد الأخلاقي - ؟ هذا إذا أردنا قياس الأهميّة ، أما إذا أردنا الجمع بين الأمرين فهو ممكن بل واقع كما بينتُ لك في أولاً وثانياً .
رابعاً : لماذا تستعجل ، سيأتي الصيف وتنطفئ الكهرباء - كالعادة - وموعدنا معاً مجسرات ثورة العشرين ، فلنخرج سويةً ضدّ الفساد المالي والأخلاقي ، فإنّ مَن يغذّي الفسادَين أو يسمح بهما الجهة نفسها ومن دمّر وطننا يريد تدمير أخلاقنا أيضاً كي يأمن جانبنا لأنه يعلم بصدق قول الشاعر :
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت .. فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا 
ولا أستبعد أن تكون محاولات تشويه مظاهرة النجفيين في شهر ميسان بفعل الفاسدين وجيوشهم الألكترونية ، فاحذر أن تنساق معهم .

@ وبعد هذا فإني واثقٌ أنك تحسستَ ما تحسّسه النجفيون .. ومن لم يتحسس الخطر فليراجع نفسه!
مفردات لا بدّ من استحضارها :
@ لو سكتنا على التجاوزات والفساد الأخلاقي الممنهج .. لا أستبعد أن يكون ولدي أو ولدك غداً أداةً لضرب القيم الاجتماعية والأخلاقية ، ويمسكوا بلافتة كُتب فيها ( الدين والأخلاق أفيون الشعوب ) 
@ لو سكتنا وانتشر الفساد فسيكون المُلام الأول هو من عاش هذه الحقبة الحسّاسة ، وسيُقال : لماذا لم يحرّكوا ساكناً ؟! وللّائم الحق في ذلك . 
@ لأي شيء حاربنا الدواعش وبذلنا الدماء والأموال ؟ أليس لصون المقدسات والأعراض ؟ فلماذا نسمح بانتهاكها بأيدٍ أخرى ؟!
@ ألسنا مسلمين ومن أركان الإسلام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد ورد عن نبينا (ص) أنه قال : كيف بكم إذا فسدت نساؤكم ، وفسق شبابكم ، ولم تأمروا بمعروف ، ولم تنهوا عن المنكر؟ .. حديث مشهور .
@ إعلم أنّ فينا من يبغض الدين ويحبّ الانفلات والتحلّل ولا يريد أن يبوح بما يُخفي ، فيترجم ذلك بحملات تشويهية لكل ما يمت إلى الدين والأخلاق بصلة .
@ إياك أن تكون أداةً إعلامية لمشاريع مشبوهة - وأنت لا تعلم - منساقاً مع التيار لاعتبارات عاطفية أو غيرها .

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=132460
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 04 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29