• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قليلاً من الطائفية .
                          • الكاتب : صلاح عبد المهدي الحلو .

قليلاً من الطائفية

كنتُ عاكفاً في الأيام القلائل الماضية على تكثيف مطالعات بعض الكتب العقائدية الاستدلالية ؛ لأنَّ الهجمة على المذهب ممن يدَّعون انتماءه إليه ومن غيرهم - وحين حللتُ شبهاتهم - قسماً بالله - لم أرَ فيها غير ترديدٍ لمقولة السلف الطالح من ابن تيمية وابن القيم الجوزية, واحسان الهي ظهير ومحمد عبد الوهاب وغيرهم, وهي كلُّها قوالب بصورة الاستدلال أخذوها من مدرسة الوضع الأموي والزبيري للأحاديث.
ساءني جداً وأحزنني - وأيمُ اللهِ - أنني تناقشتُ مع بعض (أولاد علي) فوجدتُه عاقاً لأبيه عليٍّ عليه السلام في الجانب العقائدي, وأنه متنازلٌ عن عقيدته فيه لولا خوف البيئة التي تحيط به.
وسرَّني وأنا الاحظ استدلالات المستشار المرحوم الدمرداش العقالي المستبصر المصري الذي شيَّع قريته (عقال) بكاملها, وهو رجلُ قضاء ونائب في البرلمان المصري ومستشارٌ سابق أنَّه ممن يعتقد بإمامة أمير المؤمنين عليه السلام ويدافع عنها في الاعلام المصري والوهابي دفاعاً حارا.
والعجيب أنه استدلَّ على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام من القران الكريم بضميمة السنة في ربطٍ رائعٍ ما عرفتُ له من نظير,
عند ذاك علمتُ أن لعليٍّ عليه السلام أولاداً غيرنا نحن المتنازلون عن عقيدتنا فيه, ولربما يكونون أقرب منا إليه, أولئك أولاد عليٍّ حقا.
فلا يستوي الذي يُشيّع قريةً بكاملها, ومن يتهرب من انتمائه العقائديّ بحجة الطائفية.
من المؤسف أن بعضاً من الأخوة يرميك بالطائفية وضيق العطن لمجرد أن تقول إن ضلع الزهراء عليها السلام مكسورٌ, أو تُظهر بعض مثالب القوم ,أو مظالم الآل, في حين أن الأحاديث الشريفة عن المعصومين عليهم السلام مدحت كثيراً أولئك المتعصبين لأئمتهم عليهم السلام.
قال الإمام الصادق عليه السلام وقد بلغه موت الطيار : ( رحم الله الطيار ولقاه نضرة وسرورا ، فلقد كان شديد الخصومة عنا أهل البيت ).
وعن الإمام الرضا عليه السلام:
أفضل ما يقدمه العالم من محبينا وموالينا أمامه ليوم فقره وفاقته وذله ومسكنته
أن يغيث في الدنيا مسكينا من محبينا من يد ناصب عدو لله ولرسوله ، يقوم من قبره
والملائكة صفوف من شفير قبره إلى موضع محله من جنان الله ، فيحملونه على
أجنحتهم يقولون له : مرحبا طوباك طوباك يا دافع الكلاب عن الأبرار ويا أيها
المتعصب للأئمة الأخيار .
ملاحظة :كلمة الامام الرضا عليه السلام (المتعصب للأئمة الأخيار) يترجمها بعضنا اليوم بالطائفية بمجرد أن تتعصب لهم عليهم السلام, وهو أضعف الايمان.

وقال أبو محمد (الامام العسكري عليه السلام) لبعض تلامذته - لما اجتمع إليه قوم من مواليه والمحبين لآل محمد رسول الله بحضرته وقالوا : يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله إن لنا جارا من النصاب يؤذينا ويحتج علينا في تفضيل الأول والثاني والثالث على أمير المؤمنين عليه السلام
ويورد علينا حججا لا ندري كيف الجواب عنها والخروج منها - : مر بهؤلاء إذا
كانوا مجتمعين يتكلمون فتستمع عليهم فسيستدعون منك الكلام فتكلم وافحم
صاحبهم واكسر عربه ( شدته في الكلام القبيح) وفلّ حدَّه ( أي :اكسر شوكته ) ولا تبق له باقية ، فذهب الرجل وحضر الموضع وحضروا وكلم الرجل فأفحمه وصيره لا يدري في السماء هو أو في الأرض .
قالوا : ووقع علينا من الفرح والسرور ما لا يعلمه إلا الله تعالى ، وعلى الرجل
والمتعصبين له من الغم والحزن مثل ما لحقنا من السرور . 
فلما رجعنا إلى الإمام
قال لنا : إن الذين في السماوات لحقهم من الفرح والطرب بكسر هذا العدو لله كان
أكثر مما كان بحضرتكم ، والذي كان بحضرة إبليس وعتاة مردته من الشياطين
من الحزن والغم أشد مما كان بحضرتهم ، ولقد صلى على هذا العبد الكاسر له
ملائكة السماء والحجب والعرش والكرسي ، وقابلهما الله تعالى بالإجابة فأكرم إيابه
وعظم ثوابه ، ولقد لعنت تلك الأملاك عدو الله المكسور وقابلها الله بالإجابة فشدد
حسابه وأطال عذابه .
قليلاً من الطائفية يا عديمي الهوية, فإنَّ قليلها كالملح نافع.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=132841
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 04 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28