تفاجأت كثيراً حين عرفت كذبة صديقي الذي لم يكذب عليّ في حياته يوماً قط، جذب نظري حجم الكذبة التي انطلت علي، ولمدة طويلة، فضحكت في سري مفتخرا بكذبته، ولأول مرة في حياتي اكتشف ان بعض الكذب مفخرة، تفاجأت حقا حين اكتشفت أن صديقي القائد عبد الكريم عبد العزيز الكناني، قد كذب علينا؛ لكونه كان صادق القول، أميناً على ما يقول، رجل كل سماته سمات الصادقين، محب لدينه ووطنه وناسه، تضحوي يعمل في مجال المتفجرات والهندسة العسكرية، شجاعته لها هيبة عندما يذكر تاريخ الانتفاضة الشعبانية المباركة.
كانت همته حديث اصدقائه، في الذود عن الأرض والعرض والمقدسات، كيف له ان يكذب وهو المقاتل الذي طوع معه ابنه واخوته في الحشد الشعبي، كيف يكذب من يوصي ابنه بالصبر ويحثه على المطاولة والصدق في الانتماء، كان هذا القائد يقاتل بكل ما يملك من شجاعة وذكاء، حتى كان البعض يلقبه الحاج كارا، وبحثت عن اسم (كارا) فوجدته شخصية خيالية تركية، ظهرت في مسلسل (وادي الذئاب) وحاشاه ان يكون كارا، لكنه لقب لسطوته في القتال وحنكته في قيادة العمليات.
هل صدقتم انه يكذب؟ وهو صاحب الشخصية القوية والشهامة العالية، كيف يكذب وهو من القادة العسكريين من اصحاب الاختصاص في الهندسة العسكرية، لكن صديقي كذب علي، كذبة افرحتني به وزادتني اعجابا بحنكته، رأيته بعيني وهو يقاتل في معركة اطراف سامراء المقدسة، فكك لوحده 673عبوة ناسفة بكل اخلاص وتفان، ورأيته في معركة تحرير ناحية العلم بمحافظة صلاح الدين تقدم ليرفع عن طريقنا العبوات الناسفة لنتمكن من اكمال مسيرة التحرير، وأثناء تفكيكه بعبوة ناسفة، انفجرت العبوة عليه، وليلتحق بركب الحسين (عليه السلام)، وعندما حملناه تذكرت كذبته التي ابكتني كثيرا، فقد تبين انه فقد قدمه ايام الخدمة الالزامية، وابقى الامر سرا، كان يتحرك بقدم اصطناعية، وينام دون ان يخلع بسطاله العسكري؛ كي لا نعرف بأمر قدمه المقطوعة، كذبته البيضاء زادته محبة في روحي وروح صحبه المقاتلين معي.. رحم الله صديقي القائد عبد الكريم عبد العزيز العتابي.
|