• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أناقة الموت في شعب الياسمين بين كاتب تونسي وردٍّ عراقي  .
                          • الكاتب : عبد الرزاق عوده الغالبي .

أناقة الموت في شعب الياسمين بين كاتب تونسي وردٍّ عراقي 

 قول يطرح ذاته في مجال رفقة ومؤانسة, وهي منطلق لإنسانية البشر: من عاشر قوم صار مثلهم، ينبئ  آخرًا عن جوهر الأصل ورسوخ الذات في أرضية الأخلاق : الزمن الصعب يجلي معدن المرء.  و قرأت الكثير- دون حدود- حتى لو سألني  أحدهم  قلت: إني لا أفقه شيئًا, غير أني أقرأ، كادت نوافذي توشك على الانغلاق إلا من نزر خلف زجاجات لعينة، هي أقرب لي من حبل وريدي، لم تبكِني مقالة أو موضوع مهما كان صاحبه ماض في فن الأسلوب، صدفة, عثرت عليها حين اندمج القولين في إناء واحد ليكمل بعضهما الآخر، وصارت نوافذي المتعبة تمطر غيثًا من وجع...تخيلت أني أبكي، وعثرت على نفسي وأنا فعلًا أبكي، أشهق بحشرجة في صدري أعلنت العصيان إلى الساعة، جدار سميك انهطل فوق جثتي لمقالة كتبها (المسرحي التونسي حكيم مرزوقي ): 

إلى السوريون دون استثناء، شعب أنيق حتى في أحزانه. 
من حبي لهذا الشعب ظننت أن الرجل الطيب هذا يخاطبني أنا...!...وعجبت لهذا الاندماج الحسي، أهو المؤانسة أم العرق....!؟...ودون استئذان أخذ الدمع طريقه نحو زجاجاتي اللعينة,  حتى صرت أقرأ ببصيرتي بعد أن غاص بصري بين طيات أحزاني ومصابي هنا ومصاب أخوتي هناك، بين الياسمين ينتظر الموت وانا بين النخيل ينتظر الجوع،وغشيَ الدمع كلي وغرقت في بحر التساؤلات، وبدأت أعد صفحات التاريخ, و صفات هذا الشعب العجيب من خلال ما عشت مع أفراد اعتبرتهم ملائكة - وهم فعلًا ملائكة، فأنا لست واهمًا أو مبالغًا - حتى أصبحت أمام أخلاقهم طفلًا يحبو, أتعلّم الحب ومسالك الحياة من جديد، قلّ نظيرهم في الخلق العجيب.....وعانى هذا الشعب, ولا يزال يسبح في محيطات المعاناة حتى نفذت كل أحداث الحياة التراجيدية, وما وصل شكسبير لمشهد من مشاهد الموت فيهم، تحت سوط الزمن من فوق جلد النساء والأطفال والشيوخ، ويستمر الجميل، الخلوق انيناً ولوعشنا حدّ القيامة لا نجد حادثًا أليمًا إلا وسبح فيه الياسمين السوري بحرًا، حتى اضمحلت علامات التعجب والاستفهام من فوق وجوههم المشرقة....

أم تعاتب ذباح ولدها, سورية ثكلى، أب هارب من القصف، يتبعثر جسد طفله أمامه لا يستطيع الوقوف خوفًا على الباقين، صبي يحمل أخاه القتيل فوق ظهره, غارقًا بدمه ودموعه، ينتظر الدور في المقبرة ليجد مكانًا في ازدحام الفناء ليدفن منبع الحياة،عائلة تعانق دارها قذيفة بحنان فلم تبقِ منهم إلا صراخ رضيع تحت الأنقاض، والد لخمسة أولاد ينتظرون،  تمسكهم قبضة شرفاء العصر ووكلاء الموت والتخلف ينتظمون في الدور للذبح،لا يملك الذباح إلا سكينًا واحدة، والأب يتوسل ليستهل الذبح حتى لا يشهد عطاء الدين الجديد من الأمن والأمان والسلام  في رقاب أولاده، الأم تفقد الوعي هناك، ويصحو وعيها وغيب عقلها خلف هذا المشهد, ولا تزال تلف شوارع دمشق، إلى الساعة ، تذكر أسماء أولادها الخمسة وترفع يدها إلى السماء، تظن أن السماء قد غلّقت أبوابها بوجهها....!؟
أم مهاجرة في زورق تحتضن رضيعيها, أحدهما يجهش بالبكاء من فرط المرض، يموت بين ذراعيها, يستله الوالد ليلقيه في البحر ليرضي البحّار الغاضب, ويا ليتها لم تصحُ من النوم فالمفاجأة تذهب بعقلها, بعد التأكد أن الوالد قد أخطأ، والقدر ملازم لهذا الشعب بالعطاء، ارتبك وألقى طفله الحي في البحر، وبقي الميت بين ذراعيها ....بربك ...هل تتحمل الملائكة هذا الموقف....؟؟ 
نحن العرب أقسى مخاليق الله...!؟...وبقيت صور الأطفال الغرقى لبلد الياسمين على شواطئ البحر إعلانًا بخس الثمن لصحف العابثين وأبناء الزنا....اشتغل الموت بإخلاص ونشاط في هذا البلد الأمين, وترك مستحقي الموت بجدارة يرفلون بالسعادة والبطر...ياله من قدر كفيف، هل يستحق هذا الشعب الرقيق، الشعب المدلل الجميل العريق ذو التاريخ التي تمتد جذوره عميقًا في هذه الأرض المباركة ما يحصل...!؟....أطفاله أجنحة فراشات تنتقل من زهرة لزهرة بين زهور الياسمين, ضاقت الدنيا فيهم فنقلهم الله إلى حدائق الجنان مشكورًا....هي إرادته لا مفرّ منها ولا اعتراض عليها، لكننا هل خلقنا لنموت....!؟...وتساؤلي مشروع ...لِمَ يلقي الزمن هذا الشعب بالذات في أدران السياسة وقمامتها ليتسوّق بها من هبّ ودبّ في أسواق الموت ....؟أنا لم أستطع إحصاء جميع أحداث الحياة لأضعها أمام حكامنا
 الأبطال ليشاهدوا ما فعلوا بأهلهم إرضاءً لذوات الشعر الأشقر والوجوه الحمراء.....والعطاء القادم كبير ووفير....! نسى العرب أرض فلسطين السليبة, وباشروا بالتأسيس لفلسطين جديدة واستشهدت الخارطة العربية احتلالًا، و نحن   مشغولون في تكنولوجيا الحضارة العكسية والتقدم نحو الخلف، وما يشغل حياتنا إلا الموت والتفنن فيه... !...وعملنا قتل أحدنا الآخر بحرفنة وبذوق....!؟...متعتنا التهجم على بعضنا البعض، وليس الأغراب, بل الأعراب، والفرق بسيط، هو النقطة فقط....أجمل مقتنياتنا ، سلاح  نقتل بعضنا ...؟...هنيئًا لنا هذا الإنجاز....!؟ وإلى الخلف يا أبناء قحطان, والله ناصركم على أهلكم وقتل أبناء جلدتم....والله المعين....!!
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=134141
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 05 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19