• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أمريكا وايران التفاوض لا يعني الاستسلام .
                          • الكاتب : د . حميد مسلم الطرفي .

أمريكا وايران التفاوض لا يعني الاستسلام

رغم أن هناك الكثير ممن يدفع باتجاه قيام حرب شاملة بين امريكا وايران سواءً في المنطقة أو في العالم ، وبين هذه الدول من لا يستحي ولا يخاف من إبداء رغبته تلك ، إلا أن قيادات البلدين يدركان مخاطر ومآسي وخسائر هذه الحرب إذا ما ندلعت ، وكلاهما يحسب حساباً دقيقاً لفواتيرها ، وكيفية تسديدها ، وكلا الطرفين يحشد على المستوى الإعلامي حججه وبراهينه على أنه ليس الطرف المعتدي في هذه الحرب وإنه حاول ما في وسعه لتجنبها ولكن الطرف الآخر أصر عليها ، وكل تلك التصرفات تنم على حنكة ودهاء وعقلانية وهو ما يجعل المراقبين يميلون أن لا تقع الحرب .
كلام قائد الثورة الاسلامية السيد علي خامنئي في مطلع شهر أيار من هذا العام الذي تم تلخيصه بـ ( لا حرب ، لا مفاوضات ) كان رسالة مهمة للشعب الايراني ولامريكا في ذات الوقت ، فهو رسالة تطمين للايرانيين وللمتصيدين بالماء العكر الذين يريدون نشر البلبلة والهلع بين الأوساط الشعبية ليضاربوا بالعملة الوطنية ، وبقوت الشعب الأبي ، وليقطع ألسن المنافقين الذين يتهمون القيادة الايرانية بأنها طالبة حرب . فالطابور الخامس في ايران طابور لا يستهان به تتكفله دول غنية وخبيرة بالعمل المخابراتي ، ويُدعم بماكنة إعلامية ضخمة ممولة من السعودية والإمارات ولذلك تسعى ايران جاهدةً على أن لاتسمح لهذا الطابور باستغلال أي خطأ سياسي من شأنه أن يوفر لها بعض المؤيدين ، وبالمقابل فإن امريكا التي تعاني إدارتها الحالية أزمة حادة منذ تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة عام ٢٠١٦ وحتى الان فترامب مقاطِع للإعلام ومُقاطَعٌ منه ، ومتهم بالتواطؤ مع روسيا في الانتخابات ، ومتهم بالتهرب الضريبي وأقال العديد ممن اختارهم هو لشغل مناصب معينة في ادارته كمستشار الامن القومي السابق ووزير الخارجية إذ بلغ عدد الموظفين الكبار الذين أقيلوا أو استقالوا منذ توليه الرئاسة ١٤ موظفاً كبيراً او وزيراً ، لذا فهو حريص أن لا يمنح معارضيه من الديمقراطيين وحتى بعض الجمهوريين حجج إضافية لعزله أو إحالته إلى محكمة برلمانية . فطرفا النزاع يحتاجان التفاوض وكلاهما يدركان أن الحرب مكلفة لا تستطيع الفواتير الاماراتية والسعودية سداد كلفها لأمريكا ، ولا تستطيع أذرع ايران وموالوها ايقاف تداعياتها إذا ماهي اندلعت . لا تستحي أمريكا من طلب التفاوض مع ايران بعد أن خرجت من الاتفاق النووي الذي تفاوضت عليه الادارة التي سبقت ترامب ومعها خمسة دول عظمى إثني عشر عاماً (٢٠٠٣-٢٠١٥م) وتقول انها تريد اتفاقاً جديداً ، اتفاقاً يضمن لها مصالح أكبر وأكثر . أما ايران فهي وإن قالت على لسان مرشدها لا حرب لا مفاوضات ، فإنها لن تفرط بهذا العرض الامريكي إلى النهاية لأن مجرد التوتر مع واشنطن يعني المزيد من هبوط عملتها وتضرر اقتصادها وانها وجدت الدول الاوربية لا تصلح ان تكون ولو خيال مآتة فهي لا تملك قرارها وإن قررت فقرارها غير منتج ، فالشركات النفطية انسحبت من ايران تحت ضغط العقوبات الامريكية ، واستيرادها للنفط الايراني توقف ، وكل وعودها بمساعدة ايران ذهبت ادراج الرياح ، بل راحت تغازل الموقف الامريكي ، في قضية التفاوض حول الصواريخ الباليستية التي لم تكن جزءً من الاتفاق النووي الموقع عام ٢٠١٥م وليس الموقف الروسي والصيني بأحسن حال ، أمام المصالح الاقتصادية الكبرى التي تربط البلدين بامريكا ، كما إن ايران غير مستعدة في الوقت الحاضرة أن ترتمي بالحضن الروسي أو الصيني ، وهي إن أرادت ذلك فتمحورها مع الأقوى أفضل وأنجع ، وعليه فلا سبيل أمام إيران إلا التفاوض ولكن ليس التفاوض المذل ، بل تفاوض القوي العاقل الذي يستفيد من نقاط قوته بغير غرور ولا ضعف وخنوع ، وبامكان الطرفين أن يخرجات بمفاوضات متكافئة فيها تنازل من الطرفين للوصول الى حلول مرحلية من شأنها حفظ مصالح الطرفين ولو بالحد الادنى . التفاوض لا يعني الاستسلام والهدنة لا تعني التنازل المطلق ، أو الهزيمة ، والترويج لمثل ذلك يريد أن يسد المنافذ على الدولتين لكي يصلا الى مرحلة الحرب وامريكا وايران تدركان ذلك .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=134166
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 05 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29