• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قرار دمج الحشد الشعبي ضمن المؤسسة الامنية (فرضية التأثيرات الخارجية والاستجابة الداخلية) .
                          • الكاتب : د . اسعد كاظم شبيب .

قرار دمج الحشد الشعبي ضمن المؤسسة الامنية (فرضية التأثيرات الخارجية والاستجابة الداخلية)

 اصدر مجلس الوزراء قبل يومين قراراً ديوانياً يتكون من عدد من النقاط تنطوي على عملية دمج جميع فصائل الحشد الشعبي(مجموعة من القوى المسلحة والاحزاب والتيارات خاضت معارك ضد تنظيم داعش) ضمن المؤسسة الأمنية، وبموجب هذا المبادئ سيكتسب افراد هذه القوى الصفة الرسمية بعيداً عن الانتماء العضوي لهذا الفصيل او ذاك مثلما كان، ووضع القرار قيادة هذا القوات تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة شانه بذلك شان قيادة القوات المسلحة بجميع تشكيلتها، وأن يكون مسؤولا عليها رئيس هيئة الحشد الشعبي الذي يعينه القائد العام، وبذلك اوجب القرار التخلي عن جميع المسميات التي عملت بها فصائل الحشد في معارك التحرير، وتستبدل بتسميات عسكرية (فرقة، لواء، فوج، إلخ)، كما يحمل أفرادها الرتب العسكرية المعمول بها في القوات المسلحة، وبالتأكيد هذا المبدأ يحتاج الى تنظيم وتقنين كون الرتب العسكرية للممنوحة للقوى العسكرية قد تتخلف عن ظروف ومرحلة منح الرتب لأعضاء هيئة الحشد الشعبي، وفرض القرار بقطع وحدات الحشد أفرادا وتشكيلات أي ارتباط سياسي أو آمري من التنظيمات السابقة، واغلاق جميع المقرات التي تحمل اسم فصيل من فصائل الحشد الشعبي داخل المدن وخارجها، كما فرض القرار على الفصائل التي لا تلتحق بالقوات المسلحة أن تتحول إلى تنظيمات سياسية خاضعة لقانون الأحزاب، ويمنع حملها للسلاح إلى بإجازة لمقتضيات حماية مقراتها المدنية، واوجب في الوقت ذاته باغلاق جميع المكاتب الاقتصادية أو السيطرات أو التواجدات أو المصالح المؤسسة خارج الإطار الجديد للحشد الشعبي، وإغلاق المكاتب الاقتصادية وقرنها بالسيطرات، واللجان هذه مهمتها الكسب من خلال السياسي وبما يعني أن تلك السيطرات هي جزء من الجباية والأموال التي طالتها شبهات كثيرة، وبموجب المبادئ المذكور اريد دمج المنتسبين في هيئة الحشد الشعبي رسميا ضمن قوات الجيش العراقي وفصل ما بين العسكري والسياسي والاقتصادي اذ في طوال السنوات الماضية هناك من استغل اسم وتضحيات هذه القوات لتحقيق مارب سياسية واقتصادية وقد يتعرض الامن الوطني الداخلي للخطر بفعل الانتماءات والولاءات بعض الاحزاب والقوى للقوى الاقليمية.
واذا ما احطنا ظروف وعوامل واطراف اتخاذ مثل هكذا قرار لابد من بيان تركيبة اتخاذ القرار الداخلي خاصة ونحن نعلم ان ادارة السلطة التنفيذية تدار من قبل اقوى مكونان للحشد الشعبي هما تحالف الفتح والذي يضم منظمة بدر، والعصائب واخرون وتحالف سائرون والذي يضم التيار الصدري الذي لديه فصيل سرايا السلام التي تمتلك عناصر بشرية كبيرة مسجلة وغير مسجلة ضمن هيئة الحشد الشعبي والتي لا تزال تمسك بالأرض في سامراء، وبما ان هذان المكونان هما من يدير السلطة التنفيذية وقد اختارا رئيس الحكومة بالتوفق فربما هما من وجه رئيس الحكومة عادل عبد المهدي باتخاذ هذا القرار لا سيما بعد الترحيب والمقبولية التي حضي بها القرار مباشرة بعد اعلانه من عدد من قادة الفصائل، حيث اصدر السيد مقتدى الصدر بيان بعد اقل من ساعة رحب به بالقرار واعلان عن تفكيك سرايا السلام وتسليم مقراتها للجيش العراقي عن ان يكون القرار ملزم للجميع وان تعامل سرايا السلام بعدالة في انضمام افرادها للجيش العراقي، كما رحبت منظمة بدر بزعامة السيد هادي العامري بالقرار "بدر بالوقت الذي تثمن فيه الأمر الديواني الذي صدر من القائد العام للقوات المسلحة تثميناً للدور والعطاء الريادي للحشد الشعبي المقدس، فإننا نود الإشارة إلى أن هذه الخطوة ليست بعيدة فقد تم بيانها قبل عامين من قبل رئيس تحالف الفتح هادي العامري والتي أشار فيها إلى المباركة بالفتوى الرشيدة وأن يعطى الدور الاستثنائي والريادي للحشد كونه يمثل صمام الأمان للبلد ولولاه لما تحققت الانتصارات على زمر داعش الإرهابية". واصدر زعيم عصائب اهل الحق الشيخ قيس الخزعلي بيان في السياق ذاته جاء فيه قرار رئيس مجلس الوزراء الاخير خطوة بالاتجاه الصحيح ليكون الحشد جزءا مهنيا وثابتا من القوات المسلحة ويفشل محاولات حله او دمجه، ان ابعاد الحشد الشعبي عن التجاذبات السياسية وتوفير ما يحتاجه من قضايا لوجستية كفيل بضمان قوة الحشد الشعبي ليقوم بواجبه المقدس في ضمان امن لعراق ومستقبله، وهذه القوى الداعمة هي المؤثرة في حين رفضت قوى تحسب على هيئة الحشد الشعبي بالمرة ككتائب سيد الشهداء، وكتاتب حزب الله حيث جاء في بيان الكتائب "حلّ الحشد الشعبي، ليس من أولويات الدولة العراقية" فضلا عن رفض فصائل اخرى كجماعة واثق البطاط واخرين، ان المثير للجدل هنا لماذا رحبت فصائل كالعصائب وبدر ورفضت اخرى مع الاخذ بنظر الاعتبار كل المؤثرات الخارجية بمعنى ان هناك علاقة وثيقة تجمع بدر والعصائب بإيران على سبيل المثال فهذه القوى رحبت بالقرار في حين هناك قوى اخرى ككتائب سيد الشهداء وحزب الله رفضت القرار وهي ايضا له علاقة وثيقة بإيران لربما ان العصائب وبدر وهي تشترك بقوة في العملية السياسية وهي بمرحلة ما بعد تنظيم داعش الارهابي، وتدرك ايضا تعقيدات التوتر الامريكي الايراني وتأثيراته على العراق وبالأخص على القوى المحسوبة على ايران فأنها قبلت به من اجل عدم الحرج في أي توتر مستقبلي كما انها تضمن من خلاله نفوذها الغير مباشر في القوى الرسمية كخيار وسط بعد دمج الحشد الشعبي ضمن الجيش العراقي وانهاء التنظيمات والتسميات المرتبطة به كقوى عسكرية وللجان اقتصادية وما الى ذلك.
ومما تقدم فان الاهم من مبادى القرار هو اليات تطبيقه ومدى التزام كل الاطراف به المسجلة وغير المسجلة في دوله تعاني من هشاشه في تطبيق القوانين وتسودها التقاسم والتحاصص، عموما فان هذا القرار من حيث المبادئ يعد قراراً صائباً للغاية ومن الممكن ان ينفذ بصورة مهنية اذا كانا اطراف السلطة التنفيذية الحالية راغبين فعلاً في بناء الدولة وهياكلها الرئيسية، في وقت تتصاعد فيه حدت التوتر ما بين الولايات المتحدة وايران وطالما ان الصراع بينهما على النفوذ في المنطقة فهذا يعني ان حلفاء ايران في الواجهة ايضا، ونحن نعلم طبيعة خارطة القوى السياسية في العراق، فهذا القرار فاذا لم يكن من تداعيات هذا التوتر فهو قد يجنب العراق الكثير من المخاطر اذ بالأمس القريب تعد الولايات المتحدة الامريكية عددا من قوى الحشد الشعبي هي نسخة طبق الاصل من الحرس الثوري الايراني، وبالتالي فهذا القرار يرصن من بناء الدولة وسيادة القانون لاسيما وهو بمثابة المرحلة الثانية من هيكلية وبناء الافراد والقوى المنتمين لهيئة الحشد الشعبي بعد مدة قصيرة من تصويت مجلس النواب على قانون هيئة الحشد الشعبي رقم(40) العام2016 الذي بين كيفية تنضم وطبيعة ومرجعية عمل قوى الحشد الشعبي والفصل ما بين السياسي والعسكري "يتم فك ارتباط منتسبي هيأة الحشد الشعبي الذين ينضمون الى هذا التشكيل عن كافة الاطر السياسية والحزبية والاجتماعية ولا يسمح بالعمل السياسي في صفوفه"، حيث انه لا يختلف كثيرا عن القرار الديواني المذكورة في اعلاه اذ تضمنت المادة(1/ثانيا) من القانون على ان الحشد الشعبي هو جزء من القوات المسلحة ويرتبط بالقائد العام كما هذه المادة حددت تشكيلته العسكرية "يتألف التشكيل من قيادة وهيأة اركان وصنوف وألوية مقاتلة" مثلما جاء في نص قرار مجلس الوزراء الاخير.
وفي الختام يمكن تلخيص ابعاد قرار مجلس الوزراء القاضي بدمج قوى الحشد الشعبي ضمن المؤسسة الامنية بمايلي: 
1. ان هناك طرفين من قوى الحشد الشعبي احدهما يرغب في ترصين هيئة الحشد الشعبي في الاتجاه الذي يضمن له نفوذه ويبعده عن المخاطر والاتهامات التي تطاله واذا ما دمج الحشد الشعبي ضمن المؤسسة الامنية فان ذلك يضمن لتلك القوى وجودها سياسيا ونفوذها عسكريا وما يكسبها ايضا استمرار مقبوليتها لدى الشارع العراقي اما عكس ذلك أي ان تصرفات وتجاوزات غير قانونية ومنفرة من داخل اعضاء هذا التشكيل ينعكس سلبا على هذه القوى، اما الطرف الثاني فهو يحرص على بقاء وجوده خارج سياق القوى الامنية لأسباب عديدة ومنها المصالح المالية والولاءات الخارجية، والعمل خارج سياقات القوانين النافذة، وهذا ما جعل رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي يصرح قائلا: "حان الوقت لتنظيم وضعهم بطريقة قانونية.. وهذا يعني عدم وجود أسلحة خارج نطاق الدولة.
2. ان لمرحلة ما بعد داعش في نظر بعض القوى السياسية الفائزة في الانتخابات الاخيرة تفرض طرح خيارات اخرى وهي وان كانت غير بعيدة عن شعارات التضحية ومقاتله تنظيم داعش لكنها ترغب في مغازلة الشارع كقوى سياسية ساعيه لتبيه مطالبه، وفي ذلك فان الرغبة في دمج الحشد الشعبي كانت قد بدأت من رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي لكن رغبة القوى آنذاك لم تكن موافقة بالكامل وكانت تدخلها في نطاق الضغوطات الامريكية واحيانا الخليجية، اما اليوم فأنها قد حققت ما رادت فالظروف والمرحلة في نظر هذه القوى ملائمة جداً.
3. ان تطبيق هذا القرار ومن قبله مواد قانون هيئة الحشد الشعبي رقم(40)لعام2016من الممكن ان يساهم في بناء منظمة عسكرية ذات مرجعية عسكرية واحدة وتخضع لقوانين الدولة العراقية وقانون العقوبات العسكرية.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=135540
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 07 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29