• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قطب الرحى .
                          • الكاتب : حنان الزيرجاوي .

قطب الرحى

 لم يستطع أي قلم –من غير المعصوم طبعاً- منذ الخليقة أن يميز الحق تميزاً مطلقاً أو يكشف الباطل كشفاً مطلقاً، فترى الحق عند البعض باطلاً، والعكس صحيح، لكن شاء الله أن يجعل في خلقه عقلاً كاشفاً للحق والباطل وجعل القلب وعاء النتائج، 

باطل ابليس اعتبره البعض حقاً ، وحق آدم اعتبره البعض باطلاً ، فهل يجرئ أن يتكلم عن الحق الحقيقي، ذاك الحق الذي إن عرفه الخلق تذوقوا عبودية الله الحقيقية التي تذوقها الرسل والأنبياء والأولياء حينما تذوقوا رشفات منه فكان نصيبهم ملكاً لا يحصى عند الله، فأي حق علينا أن نكتب عليه؟!
إن من شأن الباطل أن يجعل من نفس الإنسان ظلاماً دامساً، ويزرع الحقد والحسد والنفاق والغيبة والنميمة فيها، بخلاف الحق الذي ينير دربها ويبدد ظلامها، والخطير في الأمر أن الباطل لا يأتيك على صورته الحقيقية، ولا يدخل عليك بشكله البشع، لأنه في أغلب الأحيان يلبس زي الحق ويرتدي عباءته، لكي تلتبس علينا الأمور وتشتبه، وهذا ما يسمى بالشبهة في الإسلام. وقد أشار إليها الإمام علي (سلام الله عليه) في نهجه فوضّح أنها سميت شبهة لأنها تشبه الحق من حيث الشكل. 
وهنا السؤال الذي لابد ان  يطرح
:ـ إذا كان الأمر كذلك فكيف نعرفها وكيف نفرق بين الحق والباطل؟
الجواب: نجده عند أمير المؤمنين (عليه السلام): (أما أولياء الله فضياؤهم فيها اليقين ودليلهم سمت الهدى، وأما أعداء الله فدعاؤهم فيها الضلال ودليلهم العمى.
وخير مثال نضربه على الشبهة وعلى أولياء الله وأعدائه، هو موقف كل من عمر بن سعد، والحر الرياحي من الإمام الحسين عليه السلام))
إن عمر بن سعد وأصحابه من أمثال الشمر ويزيد بن الركاب والحصين بن نمر وشبث بن ربعي وكعب بن طلحة وحجار بن أبجر، كان بينهم من هو جبهته سوداء من أثار السجود والصلاة مثل حجار بن أبجر، وشبث بن ربعي الذي كان عالماً يحضر دروس الفقه ومجالس الإمام علي (عليه السلام) وعلى الرغم من ذلك قادهم الشيطان في درب الضلال، وتلبس الباطل أمامهم بلباس الحق وتزين بزيه لهم. 
وفي اليوم العاشر من محرم التفت عمر بن سعد إلى المؤذن وأمره أن يرفع صوته بالأذان من أجل الصلاة، يريد أن يصلي بالناس بعد التسبيح والاستغفار! 
وفي الجهة المقابلة كان الإمام الحسين (عليه السلام) يصلي في أصحابه! 
إن من يراقب هذا المشهد من حيث الظاهر يشتبه عليه الأمر، ولكن أولياء الله ضياؤهم اليقين، فهم يعرفون بيقينهم أن صلاة الإمام الحسين (عليه السلام) هي الصلاة المؤمنة في حين أن تلك الصلاة هناك في الجانب الآخر هي صلاة كافرة.
إن أولياء الله يدركون بيقينهم أن ابن سعد كافر وأن الإمام الحسين (عليه السلام) هو الطهر الطاهر وبن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسيد شباب أهل الجنة وأن الحق إلى جنبه. 
أما ضعيف اليقين فيرى ما يراه عمر بن سعد عندما عرض عليه بن زياد ملك الري مقابل أن يخرج لحرب الإمام، وبات ليلته يفكر في الأمر، وسمع يقول: 
أأترك ملك الري والري رغبتي * أم ارجع مذموما بقتل حسين 
وفي قتله النار التي ليس دونها * حجاب وملك الري قرة عيني 
هذا النوع من التفكير لا يستقيم مع الإيمان فضلاً عن العقل السوي. 
بالمقابل نلاحظ اختلاف التفكير عند الحر بن يزيد الرياحي الذي لم يفكر سوى لحظات حتى اهتدى إلى طريقه السوي ثم راح يدنو من الإمام قليلاً ..  حين قال الحرفي محتدم الصراع : إني أُخير نفسي بين الجنة والنار، والله لا أختار على الجنة شيئا ولو أحرقت،. 
نحن إذا طلبنا الحق فليس أمامنا إلا أهل البيت عليهم السلام، لاسيما الإمام الحسين عليه السلام الذي اتحد بالحق واتحد الحق به، يقول في خطبته: (إنه قد نزل بنا من الأمر ما قد ترون وإن الدنيا قد أدبرت ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل ....،ألا ترون إلى الحق لا يعمل به وإلى الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء ربه محقا، فإني لا أرى الموت،

إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا شقاء وبرما).
لذلك نسأل الله أن ينفعنا بحب الرسول وأهل بيته، لاسيما قطب الرحى في هذه الدوحة العطرة، عنيت به أبا عبدالله وسيد الشهداء سلام الله عليه
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=135953
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 07 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29