• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : محورية العقل في حياة الفرد والجماعة .
                          • الكاتب : نبيل علي .

محورية العقل في حياة الفرد والجماعة

هناك ثلاثة أشياء لها ارتباط وثيق فيما بينها هي ( العقل ) و ( الدين ) و ( الحياء) فالعاقل هو متدين ذو حياء.
والعقل سمي عقلًا لأنه يعقل الإنسان ويمنعه من الخطأ، والدين عبارة عن هدى يمنع صاحبه من الردى، والحياء سلوك إيجابي يبعد الإنسان عن السلوك السلبي، وهو ايضًا سور منيع، لذا ورد في الروايات: ( اذا لم تستح فاصنع ما شئت ).
وقد ورد عن علي عليه السلام قال: هبط جبرئيل على آدم عليه السلام فقال: يا آدم إني أمرت أن أخيرك واحدة من ثلاث فاخترها ودع اثنتين فقال له آدم: يا جبرئيل وما الثلاث؟ فقال: العقل والحياء والدين، فقال آدم: إني قد اخترت العقل فقال جبرئيل للحياء والدين: انصرفا ودعاه فقالا: يا جبرئيل إنا أمرنا أن نكون مع العقل حيث كان، قال: فشأنكما وعرج.
وهذا يدل على أن العقل هو المحور ، فإذا أردنا الحصول على مجتمع صالح ، فعلينا الاهتمام بالعقل وتمكينه في سلوك الفرد والمجتمع؛ لأن العقل سيجلب الدين والحياء.
أما إذا كان هناك فرد او مجتمع فيه ما يسمى دينًا او حياءًا ظاهريين بلا عقل، فهذا الفرد وهذا المجتمع هشّ الأساس، ودينه نفاق وحياؤه جبن في الحقيقة؛ لأن الدين والحياء مع العقل فقط.
واليوم ومع شديد الأسف تعاني مجتمعاتنا من الدين والحياء الظاهريين، ولا تجد للعقل مكانًا في سلوكهم، على الرغم من الصوم والصلاة والحج وغيرها، إلا أن ذلك أشبه شيء عندهم بالعادات والتقاليد الشعبية المتوارثة، كما تتوارث بعض الشعوب عبادة البقر مثلًا.
ويمكننا أن نلمس حالة السطحية هذه من خلال النظر إلى حياة المسلمين اليوم فهي مليئة بالانكسارات والخيبات والمشاكل وضياع الحقوق، وتسلط الحكام الفاسدين الظالمين، الذين هم أبناء هذه المجتمعات ويمارسون الطقوس العبادية لمجتمعاتهم، وربما يكون لبعض الفاسدين منزلة دينية في المجتمع مستمدة من هذا الدين الظاهري الذي ليس معه عقل.
لذلك ينتشر في مجتمعاتنا الدجل والسحر والشعوذة المغطى بغطاء ديني فترى الكثير من الشرائح يؤمنون بهذه الخزعبلات وينفقون أموالهم وجهودهم لأجلها حتى تحوّل الدجالون والسحرةإلى أصحاب شركات وفضائيات وإعلام بسبب جهل الناس، وابتعادهم عن العقل.
وكذلك ترى بعضهم يدعي التدين وهو بعيد كل البعد عن مصادر الدين الحقيقية للدين كالفقهاء الذين نصت عليهم الروايات، فتراه يتبع أي حركة وينعق خلف كل ناعق، أما إذا وصل الأمر إلى اتباع الفقيه والعالم الذي يروي ما وصل إليه من الهُداة تجده يتحرز ويشكل، ويبتعد عن الحقيقة ليقع فريسة للتزييف والنفاق.
واذا ارادنا أن ننهض ونعيش بهناء وسعادة في الدنيا والآخرة، فعلينا الاهتمام بالعقل وطلب العلم من مصادره الصحيحة والإنفاق على التربية والتعليم، لأن ذلك يؤدي إلى حفظ الدين والحياء، أما الاهتمام بالمظاهر فقط فهو إتلاف للجهد والمال وتخريب للأوطان، ويؤدي إلى تعزيز ظاهرة النفاق ووصول الانتهازيين إلى الحكم والتسلط على رقاب الناس وحينئذ لا ينفع دعاؤنا ولا صومنا ولا حجنا لأننا كنا سبب عزل العقل من حياتنا فعزلنا بذلك الدين والحياء، وصرنا العوبة بيد من لا يرحمنا حتى يخرج علينا المتسلط وينتهك حرمة الدين بلا رادع ، ويتكلم بكل وقاحة وبلا خجل ولا حياء.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=136200
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 07 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20