• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حرية ام جهل؟ .
                          • الكاتب : مجتبى الحلو .

حرية ام جهل؟

عندما قام صدام حسين بتجديد بناء آثار بابل, قررت الأمم المتحدة بحذفها من الآثار التاريخية, لأن الآثار فقدت أصالتها ولونها التاريخي. بمعنى آخر, ينظر العالم دائما الى الشرق على انه العالم الذي يحمل الكثير من الأسرار والعجائب التاريخية والتحف الفنية التي تعطيها قيمة لا تضاهيها منطقة أخرى, فعندما تفقد تلك التاريخية, تفقد معها رغبة العالم فيها. وكما ذكر احد المستشرقين البريطانيين بأن السبب الوحيد (كما يدعي) في رغبة بريطانيا بالشرق هي الأصالة التاريخية والدينية التي تمتاز بها هذه الدول. فكما لاحظتُ في الهند, يقصدها السائحون من شتى بلدان العالم لحفاظ سكانها على ثقافتهم واصولهم الدينية والتاريخية من دون الشعور بالخجل امام العالم "المتحضر".
فالعراق يمتاز بأصالته التاريخية والدينية والتعددية في الأهواء والأذواق, وبالأخص في مدن تحمل قداسة خاصة للملايين من سكان هذا البلد وسكان بلدان أخرى حول العالم, فمن منطلق التعددية في المذاهب والأديان واحترام الآخر, كان يجب على القائمين على العاب كرة القدم التي اقيمت في مدينة كربلاء المقدسة ان يراعوا مشاعر مئات الملايين حول العالم, اذ يرونها مدينة لها قدسية خاصة تختلف عن باقي مدن العالم. 
وما جذب انتباهي في هذه الحادثة ان الذين أيدوا اقامة حفلة الرقص في ملعب مدينة كربلاء قد اتفقوا على الجهل وعدم المعرفة فيما تخص فلسفة التعددية التي تتخذها الدول الاوروبية شعارا لها في كل المحافل, فدولة ألمانيا تعاقب كل من يجاهر بالشرب والاستماع الى اغاني صاخبة في الملأ العام يوم عيد الفصح ويجب على كل الحانات ان تغلق ابوابها امام زبائنها في ذلك اليوم لقداسته في قلوب المسيحيين في المانيا, وبخلافه تفرض الدولة غرامات ثقيلة على المخالفين لهذه القوانين. اما في الولايات المتحدة الأمريكية فقد حظرت بث انواع خاصة من الأغاني واقامة بعض الحفلات بعد الحادثة الارهابية في سبتمبر عام 2001, اما مدينة سدني الاسترالية تمنع تشغيل واقامة حفلات في مناطق معينة في المدينة, وكذلك نجد حالات مشابهة في ولايات مختلفة في امريكا والفاتيكان وكندا والصين والكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة البريطانية, اذ تسعى هذه الدول مراعاة مشاعر جزء من سكانها لأسباب دينية وثقافية. فعلى هؤلاء المنتقدين ان يتأسوا بهذه الدول "المتقدمة والمتحضرة" ان يراعو مشاعر المئات من الملايين حول العالم الذين ينظرون الى هذه المدينة بقدسية خاصة.
لكل مواطن الحق في ان يمارس ما يراه حقا مشروعا له بشرط الا يتعدى على مشاعر وحقوق الآخرين, فلنحافظ على معلم من معالم العراق الذي يقصده الملايين سنويا من حول العالم.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=136423
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 08 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19