• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الرشد واختيار القائد.  .
                          • الكاتب : مصطفى الهادي .

الرشد واختيار القائد. 

 المشكلة أن الشعوب نفسها التي تنتخب او ترضى عن الحاكم المثالي لا تستطيع أن تحميه ، ولربما تخذله وتتسبب في إزاحته او مقتله.

ففي التاريخ شواهد مريعة لما حدث للقادة الرساليين المثاليين الذين كانوا في مستوى طموح الأمة ويحققون أحلامها في بناء نظام سعيد متكامل. خذ مثلا الرسل والأنبياء عليهم السلام . فهؤلاء لم يكن في الأرض مثلهم من حيث العدالة والانصاف ولكن الشعوب خذلتهم ولربما ساهمت في قتلهم . وهكذا قس على بقية الأئمة بعد النبي ومثال على ذلك الإمام الحسين عليه السلام فبعد أن رأت الأمة فيه القائد المثالي وأرسلت رسائلها تستدعيه وإذا بها تخذله ، وتساهم في قتله بطريقة وأخرى.

وفي زمننا المعاصر مثلا نأخذ مثالا كعراقيين حالة عبد الكريم قاسم الزعيم المثالي الذي رأى بحكمته أنه استلم مسؤولية جسيمة لخدمة هذا العشب . فنراه لم يتزوج لكي يتفرغ لخدمة هذا الشعب . ونراه يستخدم مكتبه بيتا ينام فيه والتلفون قرب راسه لكي يكون حاظرا مع الأمة . ولكن الشعب ومن دون أن يساهم في قتله ساهم في خذلانه مقابل شرذمة استعمارية كان بإمكانه القضاء عليها لو تحرك الشعب معه

المسألة تكمن في الرشد الاجتماعي. فمتى ما بلغت الأمة رشدها، عندها سيكون القائد المثالي في خدمتها وستحميه ولكن الامم تختار عدم إتباع الرشد نتيجة لاختلاف اهوائها : (وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا).(1) وهذا ما شكى منهُ الأنبياء حيث كانوا يُخاطبون اممهم : (أليس فيكم رجلٌ رشيد؟). (2)

خذ مثلا صاحب الزمان عليه السلام كقائد رسالي مثالي مرتقب ، تنتظره الأمم ليُقيم حكومة العدل الإلهي . هذا القائد ينتظر أن تبلغ الأمة رشدها من خلال ما تمر به من محن واختبارات ستأهلها يوما لإستقبال القائد وعدم خذلانه. ولكنه عند ظهوره سوف يُجابه بالرفض : (ارجع يا ابن فاطمة فلا حاجة لنا بك).(3)

ولا تبلغ الأمة رشدها إلا بكتابها ودستورها الإلهي ، فهي اذا التزمت به بلغت أروع مراحل الرشد . كما اخبرنا تعالى : ((قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد )) 
وهذا ما بحث عنه النبي (لوط) في قومه عندما صرخ بوجوه القوم قائلا : ((أليس منكم رجل رشيد)) .

فالرشد شرط ضروري للنجاح ، ومن هنا فإن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ، أول عمل يقوم به عندما يؤذن له بالخروج هو أن يجمع الناس على رأي واحد لأن في الاختلاف والتناحر دليل على عدم نضوج الأمم ولذلك فهو يجمعهم على امر واحد أولا ثم يبدء في تطبيق العدل الإلهي . ((فيضع يده على رؤوس الخلائق فتكتمل عقولهم ويجمعهم على أمرٍ واحد)). (4) أي يصلوا مرحلة الرشد ببركته الشريفة وما يوفره لهم من أدلة تفتح عقولهم.

المصادر: 
1- سورة الاعراف آية : 145.
2- سورة هود آية : 78.
3- جواهر التاريخ - الشيخ علي الكوراني العاملي - ج ١ - الصفحة ٣٨١. 
4- مختصر البصائر: 319ـ320 ح344.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=136516
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 08 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20