• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : أدب الفتوى .
                    • الموضوع : الرؤيا .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

الرؤيا

 استيقظ فجأة وهو يلهث في تنفس سريع مضطرب الحال، يحاول أن يتذكر الرؤيا بوضوح، لاشيء يتذكره سوى ضريح أبي الفضل العباس (عليه السلام)، قالت زوجته العلوية فتحية:ـ رؤيا خير إن شاء الله.. عسى الله تعالى أن يرزقنا بالولد، فتأخذه لتطوف به الضريح، وتحمد الله في مرقد ابي الفضل العباس (عليه السلام) ولابد أن نسميه عباس..

سقطت قذائف هاون قريبة شتت جلسة المقاتلين الى أن صاح احدهم:ـ انتهى القصف وولى الشر.. فأكمل يا حاج عباس لنا الحكاية.. 
:ـ أي حكاية وجماعة داعش ركزوا قصفهم على مواضعنا..؟ 
:ـ لعن الله داعش.. لقد شوقتنا يا حاج لحكايتك.. 
قال عباس:ـ عائلة عراقية بلا اطفال تعاني الكثير من الألم، فأصدقاء الزوج من الرجال يطرحون عشرات الاسئلة الضاجة بالحزن.. 
:ـ ما القضية يا حاج، نريد ان نفرح بولد يحمل اسمك.. 
ويتجرأ البعض فيجري تحقيقاً بسبب تأخر النسل.. 
:ـ هل العيب منك ام منها؟ وما هي اسباب هذا التأخر في الانجاب؟ ربما عقم دائمي وتحرم من الخلفة، او ربما هي عاقر وعليك بالزوجة الاخرى لتعمل الغيرة عملها، فحمل الثانية سيحفز حمل الزوجة الاولى..! 
والحاج علي يضحك ويبدأ بتهدئة الموقف المكرر كل يوم تقريباً:ـ انها قسمة الله ورزقه، والله كريم، وزوجتي العلوية فتحية امرأة عاقلة ومن الصعوبة ان تقارن بأخرى، ومن ثم نحن طلبنا الولد من الله وبحضرة وشفاعة ابي الفضل العباس عليه السلام وسألناه الدعاء، وهو كفيل بالأمر وهو لا يقصر.. 
اما العلوية فتحية فتعيش حالة حصار نسوي، وأسئلة وتحذيرات متنوعة:ـ لابد من ولد وإلا فسيتزوج عليك ثانية مهما كان طيبا وابن ناس.. 
اكمل الحاج عباس الحكاية فقال:ـ كانت امي العلوية فتحية (رحمها الله) تذهب كل صباح الى مرقد ابي الفضل العباس (عليه السلام):ـ يا كفيل زينب، سأسميه عباس؛ لأنه سيخرس ألسنة اهل الفضول، ومادام هو وليد دعائك سيدي سيكون بركة وسلام.. 
هذه الحكاية شدت الجماعة، فصاروا يلحون على التكملة.. 
:ـ وفي يوم ولادتي، حملني ابي الى مرقد ابي الفضل (عليه السلام)، فكان يوم استبدال شباك أبي الفضل العباس (عليه السلام)، وارتبط تاريخ ولادتي بهذا الشباك المبارك الذي وضع بحضور السيد عبد المحسن الحكيم (قدس سره)، صارت كنيتي (عباس ابو الشباك) وأصبحت جزءاً من فرحة الناس.
تسأل النساء أمي:ـ كم عمر ابنك الله يسلمه؟
فتجيب:ـ ولد يوم نصب شباك ابي الفضل العباس عليه السلام. 
الحاج عباس مقاتل وأب لأربعة مقاتلين.. نالوا شهاداتهم العليا، وجاءوا متطوعين مع الحشد برفقة الأب الذي راح يجمعهم على حب الوطن والدين، ليملأ ميادين العز مواقف ترفع الرأس.. لكن الملاحظ أن تغيراً ما طرأ على شخصية الحاج عباس، كاعتكافه الطويل للصلاة وصمته، وحديث النفس حتى المسموع منه.. 
:ـ خير حاج عباس؟
:ـ انا بخير.. 
الرجل الوحيد الذي يستطيع قراءة ما يجول في ذهنية الحاج هو ابنه البكر الدكتور علي عباس علي، عاش معه الحياة بعمق، وراح يقرأ كل مفردة في وجدان الأب، تسأله أمه:ـ علي، ما به ابوك، لقد تغير حاله كثيرا هذه الأيام..؟
علي:ـ اماه.. القضية عميقة قد لا تقدرين على أن تستوعبي معناها.. 
تزعل الأم وتقول غاضبة:ـ اي.. انا امية لا افهم.. 
:ـ لا يا امي، المسألة ليست مسألة كتابة وقراءة، مسألة معنى، فعمر ابي ارتبط ضمن رؤيا جدي بشباك العباس (عليه السلام) هل فهمت الآن..؟
:ـ لا.. 
حاول الدكتور علي اقناع الاب الحاج عباس بضرورة تمتعه بإجازة، ليكون قريبا عن الشباك المقدس عند تبديله، لكنه أبى وقال:ـ انا هنا خير لي.. 
وبعد يومين او ثلاثة شلت الحياة في جسد الحاج عباس، فعرف الدكتور علي ان الشباك المقدس القديم بدأوا بإزاحته عن القبر الشريف، توقفت الحياة في جسد الحاج عباس شهيدا يرفع جسده مع كل قطعة ترفع الشباك المقدس.. رحم الله المرحوم (عباس الشباك).




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=136601
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 08 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19