• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : إضاءات في عيد الغدير .
                          • الكاتب : د . حميد مسلم الطرفي .

إضاءات في عيد الغدير

- في الغدير نتذكر لنتعظ أن المصلحين والقادة وكل عظام النفوس هم فرصة الأمة بالنهوض والتقدم والصلاح ، فإن ضيعتهم ونصّبت غيرهم فمن يخسر هو الأمة وأجيالها اللاحقة .
- في الغدير نتذكر أن اختيار القادة لمواقع التصدي فرصة للأمة لا ينبغي تضييعها ، وإذا ما فرطت الأمة بهذه الفرصة فلن ينفع الندم ، وما كان ممكناً اليوم قد لا يكون ممكناً غداً ، فالقائد ليس ألهاً بل يعمل وفق سنن الطبيعة ومجريات الأمور ، فقد لا يكون بإمكانه إصلاح ما أفسده قبله .
- في الغدير نوقن أن المناصب الدنيوية السياسية والاجتماعية والجاه والسلطة ليست من مطامح الصالحين ولا من غاياتهم ، وإنما المقامات القيمية والأخلاقية والدرجات الإلهية والقرب من المُثُل العليا هي مبتغاهم ومنيتهم ، ومحل تكريمهم ، أما مناصب الدنيا فلا تساوي عفطة عنز عندهم .
- في الغدير نتذكر أن مقامات الصالحين ومنازلهم الحقيقية قد لا يطلع عليها ولا على قدرها ابناء جيلهم وإنما الأجيال التي تلحق بهم جيلاً بعد جيل ، فالصالحون الاتقياء قد يولدون لجيل غير جيلهم ، فيتأوهون على علمٍ جم في صدورهم لا يفقهه معاصريهم بل يصدون عنه .
- في الغدير نتذكر أن خيارات الأمم قد لا تكون مُصيبة ولكنها تُحترم من الصالحين ، فلا إكراه على اختيار ، ولا إجبار على ولاية ، لأن الحرية تعني الاختيار ، والاختيار يعني المسؤولية ، ولأن الصالحين ليس لهم طمع في منصب إلا أن يقيموا به حقاً أو يدفعوا به باطلاً ، فإن أرادتهم الأمة قبلوا وأن رفضت فهي الخاسرة لا هم ، (يا بن أبي طالب لك ولاء أمتي فإن ولوك في عافية وأجمعوا عليك بالرضا فقم بأمرهم، وإن اختلفوا عليك فدعهم وما هم فيه فإن الله سيجعل لك مخرجا ) .
- في الغدير نتذكر أن رجال الله لا يحاربون الدول لأنهم حُرموا من المناصب فيها ، بل يقومونها بكل ما أوتوا من قوة يقوّمون قضاءها ، وأمنها ، وقوانينها ، لا يهمهم في ذلك إقصاء ولا تهميش ، عيونهم شاخصة للمصلحة العامة ، وحفظ النظام العام ( وواللـه لأَسَلّمَنَّ ما سلمتْ أمورُ المسلمين ولم يكن فيها جور إلاّ عَلَيَّ خاصة ، التماساً لأجر ذلك وفضله ، وزهداً فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه ) .
في الغدير نتذكر أن هناك من يريد أن يكون علوياً أكثر من علي نفسه ، فعلي عليه السلام لم يُسلب من إمامته الالهية ، ولا موقعه الرباني ، ولا قربه من ساحة القدس وحضرة الملكوت فذلك كله بقي لعلي عليه السلام ، وإن كان أوذي في حليلته الزهراء عليها السلام فلم يسب ولم يشتم كما يفعل بعض القوم اليوم ، ولم يلهج بذلك إلا فيما ندر ( هَيْهَاتَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ تِلْكَ شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ ثُمَّ قَرَّتْ ) ، رعايةً لمصالح المسلمين وزهداً فيما يراه الآخرون أنه عظيم وهو عند الصالحين أهون ما يكون ، فصاحب الذكرى يقول :( وَ إِنَّ دُنْيَاكُمْ عِنْدِي لَأَهْوَنُ مِنْ وَرَقَةٍ فِي فَمِ جَرَادَةٍ تَقْضَمُهَا ) ، فكل الدنيا لا تساوي عنده ورقة شجر مقضومة !! فماذا عسى أن يساوي موقع سياسي هنا أو هناك ؟
- في الغدير دروس وعبر أكبر من الطائفة والمذهب والقومية فهي عابرة لكل تلك الحدود لأن علي عليه السلام فوق ذلك كله .
عيدكم مبارك وثبتنا الله على ولاية الحق والعدل ولاية علي عليه السلام .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=136959
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 08 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19