• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : سكريات الزعيم والبلطجية .
                          • الكاتب : رأفت تادرس .

سكريات الزعيم والبلطجية

عندما قابلت صديقي الحمار سكر اليوم كان حزيناً ومهموماً اكثر من المعتاد. سألته "ما بالك يا صديقي اليوم؟"
أجابني وعيناه مشتتان في الم وحيرة "هناك امران يبعثان علي الهم والأسي بجانب حادثة بورسعيد التي لا أجد لها وصفاً" اجبته في شبه أستنكار "وما هو الأمر الذي يمكن ان نذكره بجوار هذه الجريمة المروعة؟" هز رأسه في اسي وقال "بل هي امورتسير كلها في نفس إتجاه جريمة بورسعيد العجيبة: الأول يخص الزعيم والثاني البلطجة في مصر"
الزعيم ضد البلطجية
ثم إستطرد "بعد حالة الصدمة التي اصابتني من جراء الحكم الإرهابي بالسجن ثلاثة اشهر للفنان المصري عادل إمام , الذي يناديه المصريون بلقب الزعيم حباً وتقديراً " اجبته ونفس الشعور بالصدمة يملأ حلقي مرارة "نعم وكأنهم أفاقوا فجأة وأدركوا انه يزدري الأديان"
اجاب سكر وعيناه مثبتتان علي نقطة ما في الأفق كأنه يري الي مسافة ابعد "هل لاحظت ما قالوه في الحيثيات؟ لقد قالوا انه يحتقر اللحية ويستهزئ بالجلباب" قلت مؤكداً "ولكن ألم يفعل هذا؟ في الحقيقة اعماله تعطي هذا الإيحاء بالفعل" اجاب مندهشاً "وماذا في هذا الأمر؟ هذه هي مشكلتهم هم الذين إختصروا الدين والبر في ذقن وجلابية وهم في الحقيقة ليس لهم دين إلا مطامعهم"
ثم اضاف في إستنكار "ثم ما هي حكاية إزدراء الأديان هذه؟" قاطعته "لا أري في هذا عيباً بل هو امر يشهد لمدي تقوي المصريين وحرصهم علي دينهم" أجابني سكر"الا تري ان هذا القانون في حد ذاته فيه إستهانة بالدين وإزدراء له؟" ثم اضاف موضحاً "المالك الحقيقي للدين هو الله ذاته سبحانة ذو القدرة وحده. هذا القانون يقول له تنحي انت جانباً واترك لنا الدفاع عنك وعن عقيدتك. هذا هو اقصر الطرق لكي اقول ان الله ضعيف ويحتاج الي من يدافع عن (حاشا له)"
اجبته متسائلاً "الم يدرك الذين وضعوا هذا القانون مثل هذا الفخ؟"
"الإجابة علي تساؤلك المُبَرَرْ هو انهم لم يقصدوا حماية الدين بل حماية انفسهم. والدليل هو مثل هذا الحكم الذي يدافع عن لحاهم وجلابيبهم ويرهب كل من يجرؤ علي مخالفتهم في الفكر. فهم الذين يزدرون الأديان بإزدرائهم بالناس وإستعبادهم لهم بإسم الدين"
قلت معلقاً "والآن عودة الي الزعيم عادل إمام, ما هو ذنبه؟" اجابني "ليس هذا بذنبٍ وانما هو شرف له يتوج مواقفه العظيمة في خدمة كل المصريين بما حباه الله من موهبة. لست اراه إلا اكثرمن كل حاسديه خدمة للخالق ولخليقته وما نعرفه عن اعماله يؤكد هذه الحقيقة"
"ولكن لماذا الآن؟" اجابني "انظر الي نواب البرلمان بلحاهم وجلابيبهم لتعرف الإجابة. وعموما هو ثأر قديم لأنه لم يخضع لإرهابهم واصر علي فضحهم. في الحقيقة هذا الحكم يفضحهم ويفضح بلطجتهم"

زعيم البلطجية
سألته "حسناً, وما هو موضوع زعماء البلطجة؟"
قال سكر "اولاً, دعني اقول ان كابوس اي دولة, متحضرة كانت ام حتي متخلفة, هو نظام الأحكام الغوغائية او ما يُسَمًي بالإنجليزية ‘Lynch system’ وفيه يتولي الغوغاء إصدار الأحكام بل وتنفيذها بدون اي قواعد للقضاء او سلطة للدولة. وهنا ينتهي مفهوم الدولة ويبدأ نظام الفوضي والغوغائية في السيادة. هذا كابوس مرعب لأي شخص او هيئة او دولة"
قلت له "ولماذا تذكرت هذا الأمر الآن مع ان الفوضي تسود مصر منذ شهور طويلة؟"
قال الحمار "الكارثة ان هذه الدعوة لم تأتي من بلطجي او حتي من ثورجي. ايضاً لم تأت من برلماني معارض او حتي من الأغلبية او من إعلامي او كاتب. هذه الدعوة اتت من اعلي رأس في النظام الآن"
قلت مندهشاً "اتقصد المشير طنطاوي؟ وهل دعا المشير الي حكم الغوغاء؟"
اجابني حزينا "بماذا تفسر ما قاله طنطاوي إذن تعقيباً علي حادثة بورسعيد ’ الشعب ساكت عليهم ليه؟" لابد من اتخاذ موقف تجاه هذه الأحداث’" ثم إستطرد سكر "هل يمكنك ان تفسر لي بالضبط, ماذا يريد المشير من الناس ان يفعلوا مع هؤلاء المسكوت عليهم؟؟ ليس هناك إلا إحتمالان لا ثالث لهما, اولهما ان المشير لا حول له ولا قوة ويطلب الحماية من الشعب اي انه عبءُ علي الشعب. الإحتمال الثاني هو ان المشير يريد ويشجع الغوغائية والفوضي وهنا هو متآمر علي الشعب والوطن. في الحالتين الوضع معكوس تماماً ويصبح المشير إما عِبئاً او متآمراً علي مصر"
أضفت "وهل تري ان هذا يفسر الغياب بل والتواطؤ الأمني المريب في اثناء الأحداث؟"
"كثيرون يتساءلون ايضاً ويتعجبون. عموماً هذا الموضوع ايضاً مفتوح ويناقشه الكل في مصر"
قلت له مواسياً "مع ذلك لا تحزن يا صديقي سكر, فثقتي في مخزون الحضارة المصرية تطمئنني علي زوال هذه الغُمًة"
إثناء إستدارته ليذهب لمحت في عينيه نظرة رضا وموافقة علي كلامي. سمعته وهو يغمغم بينه وبين نفسه لحنا يقول "عمار تباتي وكمان تصبحي يا مصر عمار..وأعاديك بيقولوا عليً انا الحمار, عجبي!"
مع خالص تحياتي وشكري لمصر وشعب مصر
رأفت تادرس

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=13794
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 02 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16