بدأ العراق يواكب التطور الحاصل في البلدان ، من خلال التعامل الالكتروني في شتى مجالات الحياة ، حيث قامت المصارف العراقية الحكومية والاهلية منها ، بتحويل نظامها الى الالكتروني والتعامل مع المواطنين من خلال صرافات آلية تقوم بصرف رواتب الموظفين والمتقاعدين حسب بطاقات (الماستر كارد ) مقابل عمولة تجبى عن كل راتب ، وقدمت المصارف خدماتها للمواطنين من اجل كسب اكبر عدد من الزبائن ، واهم تلك الخدمات هي السلف المالية ، وهذه من اولويات اسئلة المواطن العراقي لما يعانيه من شظف العيش ومتطلباته الكثيرة ، وعسر حاله المادي وعدم امتلاكه للأموال الكافية لسد احتياجاته اليومية ، فيضطر الى طلب السلف من غير ان يفكر بأي شيء اخر لقاء تسديدها ، فراحت المصارف تنشر اعلاناتها حول السلف الممنوحة من خلالها ، ولو تمعنا قليلاً حول آلية صرف تلك السلف ، تجدها عملية يسيرة جداً ومريحة وبوقت قصير ، على عكس السلف التي كانت تمنح للمواطنين سابقاً ، من خلال المصارف الحكومية ومنها الاسكان والعقاري وغيرها ، حيث كانت معاناة المواطنين تستمر اياماً طويلة ، ومراجعات متعبة اضافة الى كشوفات اللجان العديدة حتى الحصول على القسط الاول من السلفة ، والتي كانت تقسم على شكل اقساط متعددة ، لكن بالرغم من تلك المعاناة المنهكة ، فقد كانت الفوائد الممنوحة عن تلك السلف قليلة جداً فضلاً على ان مبلغ التسديد الشهري لتلك السلف يكون مبلغ بسيط وليس فيه اي تأثير على راتب الموظف ، عكس مانشاهده اليوم خلال منح السلف الالكترونية والتي يكون فيها الوقت يسير جداً لايتجاوز فيه النصف ساعة بعدها يتم ارسال رسالة للموظف يتم فيها منحه الموافقة وتحويل المبلغ في بطاقته ، ليتم بعدها تسديد السلفة الكترونياً وبشكل مباشر يستقطع المبلغ ، وبعدها تستمر معاناة المواطن العسيرة ورحلته الشاقة التي تستمر لسنوات في تسديد مبلغ السلفة ، وتثقل كاهل المواطن وتعري راتبه وتُصَعبَ من حياته كثيراً ، وكثيراً ما شاهدتُ الندم يعتلي على وجوه المستلفين بسبب ثقل التسديد خصوصاً بعد تفكيرهم بالفوائد التي تستحصل منه لقاء تلك السلفة ، وقد تكون تلك السلفة التي استلمها لم تحل مشاكله ولم تفك عقد معاناته المعيشية ، ان تلك السلف وفوائدها المترتبة على المواطن جعلته مكبلاً لديون تقصم الظهور ، وتزيد من معاناته بسبب تلك الفوائد الضخمة والتي قد تصل الى نصف المبلغ الكلي للسلفة ، وتتوصل فيها الى حقيقة مفادها ان الرابح الوحيد من تلك السلف هو صاحب المبالغ الممنوحة للمواطنين والتي تتضاعف فيها امواله بشكل خيالي ، ولم نشاهد التنافس بين المصارف في منح السلف ، من خلال تقليل الفوائد الممنوحة على تلك السلف وكأن الجميع اتفق على امتصاص راتب الموظف ، وزيادة معاناته فبعد ان كانت السلف تسدد خلال خمس سنوات اصبحت الان تسدد خلال ستة سنوات وهذا يزيد الحال صعوبة وعسراً على كاهل المواطن ، فكلما ازدادت مدة التسديد تزداد معها الفوائد ، فبالنظر الى ان السلف الممنوحة من المصارف للمواطنين قد تحل بعض المشاكل ، والمواطن من طبيعته يفرح عند استلامه مبلغ السلفة في بادئ الامر ، لكن تلك السلف هي ديون بفوائد جمة تكبل المواطن بديون واجبة التسديد بفوائدها خلال سنوات ، وان الاستمرار بمنح تلك السلف وبذات الفوائد ستصعب كثيراً من حياة المواطنين ، وتجعل من المجتمع غارق في ديونه ، مالم يتم النظر جلياً بموضوع الفوائد من الناحية الاسلامية خصوصاً وان دستورنا يعتمد الدين الاسلامي لتشريعاته وايضاً النظر من الناحية الانسانية وتقليل معاناة المواطن العراقي .
|