حين يصرّ رتاج الشمس ولون الزرقة
يتضاءل في آخر نزع عند رصيف الجوع
ومساء بيوت الطين النائمة خلف البرد القارس
والمطر التشريني المنهمر عند خفوت طبول الحرب
تتفتق رائحة الخمر المخبوءة في سرداب قبور
تتسكع في دهاليز الروح المظلمة مثل رماد حرائق
غامضة مثل عواصف ثلج تخلط حدود الأشياء
قادمة من أغوار غيابات الجبّ وخلف غيوم سماوات
ترسم حلقات فارغة من كل الأشياء لتظلل جميع الأشياء
تساقط مثل زجاج مكسور ينتشر فوق الطرقات وتحت الخطوات
الماشية في جنح من مطر أسود
يتلحف فوق مماشي الأسفلت ومحطات السفر كأشباح السفر
نحو الأفق الموحش في غيب النفس
في عمق الصحراء كتائب من آلاف الأجيال تصهل كالفرس المعمي
من غير ملامح تبدو خلف مرايا الثلج مبررة فوضى الاسماء
وفوضى عناوين اللوحات الموغلة في رحم القِدَمِ
وعربدة بيوت ترسم وجه المدن الناثرة الشعر
وقطيع جموع هادرة مترعة الأشداق وفارغة الأهواء
تومض كالزرقة تشرب غوغاء سكارى الحانات
هي أجواق مجانين تنتحب ضحك حياة
بزيف نداءات واهمة خلف الغيب
أيّ شموع تحرق وهي فتيل مآربها؟
وأيّ الصور ستزمر وهي جنائز موتى تحتضر؟
وأيّ نعوش أجسادهمو تزف بشارتها الأجداث؟
وأيّ قبور أجوافهمو طربت تقويس الأضلاع؟
وتلال الأكفان المرصوفة كلوح سفين
تجدف في خفية يمّ من غير قرار
في طيّ عباءات أو أصبع كاهن أو جلّاد
فقراء الأرض وأهل جنوب الأرض
وليل القمر المطلي بلون غروب
وسريالية وهم وتجريد نبوءات الشعراء
كل نبوءات الحب حمّى حرب
وصرخة وجه بوهيمي في لجّ ضباب
والطرق المرصوفة نحو النشوة ولذّة كأس سحري
فللشعر مدن ترقد خلف البحر فوق رمل كاذبة
مدن الشعر أكذوبتنا نحن الشعراء
وخرافتها طرق الآتين أليها
نحو اليوتوبيا
-------------------------------------------------------
علي بدر_روائي عراقي رائع له روايات من مثل الطريق ألى تل المطران وبابا سارتر ومصابيح أورشليم وحارس التبغ وغيرها