• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تأملات في الآيات (4):والعصر .
                          • الكاتب : جعفر المحمدي .

تأملات في الآيات (4):والعصر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)
     
      قيل العصر هو الدهر كما ورد عن ابن عباس« » والفراء« » والجمع: أعصار وعصور واعصر وعُصر وقيل اليوم والليلة وقال قتادة : العصر العشي أقسم به كما اقسم بالضحى لما فيهما من دلائل القدرة« »  وقيل العصر هو الدهر بمعنى انه الزمن الذي تقع فيه الحوادث والافعال« »..
ومهما قيل في ذلك فهو قسم وطبعاً العظيم لا يقسم إلا بشيء عظيم..
لننظر لهذا القسم نجد ان الكلام الذي بعده يدل على التوكيد (إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) ولا يخفى عليكم ان تدل على التوكيد وموقع الجملة في محل جواب القسم لا محل له من الاعراب« »  ..
    وهذا التوكيد يبين ان اسم الجنس (الانسان) في غبن او خسران وقال الليث الخُسرُ: النقصان « » وهذه اللفظة نستعملها حتى اليوم في كلامنا الشعبي المتداول فالخسر كلمة واضحة الدلالة في مفهومنا , وكلمتي الغبن والنقص وردتا كثيرا في احاديث اهل البيت -ع- ومنها قول الإمام الكاظم –ع- : 
(من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون، ومن لم يعرف الزيادة في نفسه فهو في نقصان، ومن كان إلى النقصان فالموت خير له من الحياة) « »
     وعن الإمام الصادق -ع- روي انه قال: (من اعتدل يوماه فهو مغبون، ومن كان في غده شرا من يومه فهو مفتون، ومن لم يتفقد النقصان في نفسه دام نقصه، ومن دام نقصه فالموت خير له) « »
      بعد ان اقسم رب العزة والجلالة بالعصر وكان جواب القسم (إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) وقد عرفنا مفهوم الخسر مما تقدم حيث ان هنالك توكيد على ان الجنس الانساني هو في غبن وخسران ونقصان وبما ان لكل قاعدة استثناء لذلك الاستثناء ورد في قوله تعالى (إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ...).
      وقد ذهب مرتضى مطهري الى أنّ السعادة البشرية إنما تنهض على أربعة أركان: الأوّل هو الإيمان، والثاني العمل الصالح، الثالث التواصي بالحق، أمّا الركن الرابع فهو التواصي بالصبر. « » وهو بحق رأي محترم ويدل على الذوق العالي في فهم النص القرآني.
جعلنا الله وإياكم ممن يسير على منهج من آمن حق الايمان وارتقى درجة للعمل الصالح ثم تواصى بالحق وتجنب الباطل بشكل اشكاله وتواصى بالصبر وتجنب الغضب لأن الغضب يضر بصحة الانسان فهو يسبب اكثر من مرض منها انه يرفع الضغط ويسبب السكتة الدماغية فضلا عن اضطرابات النوم والصداع وغيرها.. 
اللهم لا تجعلنا نوصي عبادك بما لا نعمل فينطبق علينا قول الشاعر: 
يا أيها الرجل الْمُعَلِّمُ غَيْرَهُ                
                                هَلَّا لِنَفْسِك كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ وَذِي الضَّنَى
                                    كَيْمَا يَصِحَّ بِهِ وَأَنْتَ سَقِيمُ
ابْدَأْ بِنَفْسِك فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا
                                 فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ تُعْذَرُ إنْ وَعَظْتَ وَيُقْتَدَى 
                                بِالْقَوْلِ مِنْك وَيحصل التسليمُ
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ 
                                  عَارٌ عَلَيْك إذَا فَعَلْت عَظِيمُ


واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

                                              جعفر المحمدي
                                              4/ربيع الاول/1441هـ
2/12/2019م الاثنين                                            
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=140016
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 12 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19