• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قاتل ماقتل أحد .
                          • الكاتب : هادي جلو مرعي .

قاتل ماقتل أحد

شاهد العالم منذ سنوات حوادث جمة كان مسرحها الكبير العراق بفعل تنظيم داعش الإرهابي، وقيامه بقتل الناس على أساس طائفي وديني، وقد فعل الكثير من الفظائع التي يندى لها الجبين، وشكلت عارا على من قام بها، ومن دعمها، وسكت عنها، ورضي بها علنا وسرا، وتحول القتل الى حالة من الهوس مع إن الإنفعال الوجداني والتعصب والتطرف والأمراض النفسية والإختلالات العقلية حولت كثرا الى قتلة متنقلين، وذئاب منفردة تنهش حينما تجد الفرصة للنهش، وتنفرد بالضحية بسبب ضعف أجهزة الأمن، أو حين تكون الفوضى غالبة في مكان من العالم حيث إنتقل هذا الهوس عبر التاريخ من جغرافيا الى أخرى، ولايمثل القتلة مجتمعا بأسره، بل هي لحظات إختلال وضياع، وفي بعض الأحيان هستيريا كونية كما في الحربين الأولى والثانية التي كانت القارات الخمس مسرحا لها، وكما في الحروب الصليبية والإحتلالات البشعة، والغزوات الكبرى وحروب القبائل، وهجمات المغول على إمتداد آسيا، وفي حروب بلدان أوربا أزمنة التخلف.

يقتل الناس بعضهم البعض لأسباب مختلفة منها التافه للغاية، ومنها الذي يجد تبريرا مع إن القتل فعل عظيم قيدته الأديان والقوانين السماوية والوضعية لأن قتل النفس لايمكن أن يكون إلا في حال التعدي المكشوف والكامل على حقوق الآخرين، أو أن يكون المقتول مستحقا بعد الإجماع، وليس الإجتهاد في الحكم، وفي حالات يكون القتل عند البعض ممارسة يومية عندما لايكون للقانون دور وتأثير، ويكون الأقوياء في حل من أي إلتزام، وحين يكون القتلة مطلقي اليد بفعل عوامل تراجع تسود المجتمعات بسبب الوهن السياسي وتفكك منظومة الأمن.

تحدث العراقيون عن حادثة الوثبة، وهي ساحة من ساحات الجانب الشرقي لنهر دجلة ( الرصافة ) وكانت معروفة في تاريخ الدولة العراقية الحديثة منذ العهد الملكي، وشهدت تظاهرات، وإحتجاجات متكررة عبر عقود من الزمن لكنها إنطبعت في الذاكرة العراقية خلال الفترة الراهنة قبل نهاية العام 2019 بفعل ماحدث من عمل شنيع تمثل بقتل أحد الشبان والتنكيل به، وتعليق جثته في ميدان عام، وذبحه بسكين بعد مفارقته للحياة بوجود العشرات من المتفرجين، والذين كانوا يقومون بالتصوير، ثم ثبت إن الذين قاموا بهذا الفعل مجموعة من الأشخاص ظهرت إعترافاتهم على الشاشات، لكنهم لم يكونوا يمثلون المجموع العام من الناس، بل يمثلون أنفسهم، ومن يشبههم، ولايحق بالضرورة لأحد أن يتهم الجميع بأنهم يمارسون الهوس بالقتل والجريمة، فالمجتمع هو مجموعات وفئات وإتجاهات، ولكن الغالب منهم يرفض القتل والترويع، ولذلك فالأفضل أن نحصر الجريمة بفاعليها لكي نضمن سلامة المجتمع، وعدم جره الى ساحة الإتهام، والترويج لرؤية تقول: بأن القتل ثقافة والسحل ثقافة، وهنا يكون على الدولة مسؤولية القيام بما عليها دون تحميل الأخرين مسؤولية ذلك.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=140170
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 12 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28