مصطلحان يستخدمهما عالم الاجتماع البولندي ( زيجمونت باومان ) في كتابه ( الشرّ السائل ) ، حيث يشير الى تبدّل الشر العالمي - بنوعيه الاجتماعي والسياسي - من شكله الصلب واستعمال القوة الى شكله السائل حيث يرتدي ثوب وعباءة الخير والحب ..
ومن أخطر أساليب الشرّ السائل هو أنه يُشعرك بحالة العيش مع اللابديل ويجعلك تدور في فلكه فقط ..
ومن أساليب الشرّ السائل ايضاً اتباع اسلوب الإغواء والانسحاب في تسويق نفسه ..
أصبحت التكنولوجيا ووسائل الاتصال التي حوّلت المجتمعات من لغتها ( الجمعية ) الى اللغة ( الاتصالية ) ، وذابت بها الحدود الطبيعية والدولية .. من أدوات الشرّ الحداثوي ..
الشرّ الصلب يتعلق بغزو الأراضي واحتلالها بينما السائل يضرب استقرار الاقتصاد والحياة في المجتمعات من خلال إثارة الفوضى والخوف والقلق .. ثم يصل الى هذه النتيجة المرعبة : إن الشر القابل للسيطرة عليه انسكب وهو الآن يغمر الأسوار ويتجاوز الحدود مهما كانت عالية وسميكة ، ومهما كانت مراقبة ومسلحة ، فالشرور الفتاكة بجسد الانسان وروحه وبالمجتمع الانساني لم يعد بالإمكان احتوائها .. انها تتدفق بحرية وتخترق بسهولة ..
فالشر السائل يجري وينسكب وينساب وينهمر ويتسرب ..
وبهذه الكلمات الدقيقة التي يصرح بها عالم الاجتماع هذا يتبين لنا أطوار جديدة للشرّ وأجيَلة حديثة لأدواته ، والمشكلة أننا نعيش حقاً شعور اللابديل في التعامل مع هذه المنظومة الجديدة للشر .. من حيث ندري او لا ندري ..
|