بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين
ان القرآن الكريم صريح فصيح في بيان الحقائق والمعارف لا غبار عليه ولا ضباب يشوش معارفه .
ان الاسلام يبدء بكلمة لا اله الا الله فلو تاملنا هذه الكلمة التي كلها خير وبركة ونعمة نجدها تبدء بكلمة "لا" وهي النفي والنهي وهي البراءة من كل معبود سوى رب العالمين سبحانه وتعالى .
اذن البراءة اولا .
وقال تعالى في سورة البقرة :
لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ فقد استَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لاَ انْفِصامَ لَها وَ اللَّهُ سَميعٌ عَليمٌ (256)
وهنا الكفر اولا ثم الايمان وهل هناك اوضح وانصع من هذه الكلمة فمن لم يكفر بالطاغوت لا يستطيع ان يستمسك بالعروة الوثقى .
فمن هو الطاغوت الذي اصبح البراءة منه شرط التمسك بالايمان ولا بد ان له وجود لذلك يامر رب العالمين بالبراءة منه اولا:
جاء في الكتاب اللغوي للشيخ الطريحي
مجمع البحرين ج : 1 ص : 275
الطاغوت : فعلوت من الطغيات وهو تجاوز الحد وقد يطلق على الكافر والشيطان والاصنام وعلى كل رئيس في الضلالة وعلى كل من عبد من دون الله
والآن من هو الطاغوت ؟؟
ان الطاغوت حسب ما ورد في كتب اللغة هم من تركوا اوامر الله سبحانه ومن اوامره تعالى هو اطاعة الرسول الكريم والاخذ بما امر به والنهي عما نهى عنه :
لقد جاءت آيات قرانية كريمة كثيرة تامر بذلك ومنها ما ورد في سورة النساء:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَ أَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59) ... وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَ إِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) ....وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (69) ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَ كَفى بِاللَّهِ عَلِيماً (70)
ومن الاوامر التي امر بها وهي من متواتر الحديث في تفسير قوله تعالى :
وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)( سورة الشعراء )
انقل لكم بعض ما ورد في هذه الاية المباركة :
عن کتاب الميزان في تفسير القرآن، ج15، ص: 336
و في المجمع، عن تفسير الثعلبي بإسناده عن براء بن عازب قال: لما نزلت هذه الآية جمع رسول الله صلى الله عليه واله - بني عبد المطلب و هم يومئذ أربعون رجلا- الرجل منهم يأكل المسنة و يشرب العس- فأمر عليا برجل شاة فأدمها ثم قال: ادنوا بسم الله فدنا القوم عشرة عشرة- فأكلوا حتى صدروا. ثم دعا بعقب من لبن فجرع منه جرعا ثم قال لهم: اشربوا بسم الله فشربوا حتى رووا- فبدرهم أبو لهب فقال: هذا ما سحركم به الرجل- فسكت صلى الله عليه واله يومئذ و لم يتكلم.
ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام و الشراب- ثم أنذرهم رسول الله صلى الله عليه واله فقال: يا بني عبد المطلب إني أنا النذير إليكم- من الله عز و جل فأسلموا و أطيعوني تهتدوا.
ثم قال: من يواخيني و يوازرني- و يكون وليي و وصيي بعدي- و خليفتي في أهلي و يقضي ديني؟- فسكت القوم فأعادها ثلاثا كل ذلك يسكت القوم- و يقول علي أنا فقال في المرة الثالثة: أنت- فقام القوم و هم يقولون لأبي طالب: أطع ابنك فقد أمر عليك.
قال الطبرسي،: و روي عن أبي رافع هذه القصة و أنه جمعهم في الشعب- فصنع لهم رجل شاة فأكلوا حتى تضلعوا- و سقاهم عسا فشربوا كلهم حتى رووا. ثم قال:
إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي و رهطي، و إن الله لم يبعث نبيا إلا جعل له من أهله أخا- و وزيرا و وارثا و وصيا و خليفة في أهله- فأيكم يقوم فيبايعني على أنه أخي و وارثي و وزيري- و وصيي و يكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ فقال علي: أنا فقال: ادن مني- ففتح فاه و مج في فيه من ريقه و تفل بين كتفيه و ثدييه- فقال أبو لهب: بئس ماحبوت به ابن عمك- أن أجابك فملأت فاه و وجهه بزاقا- فقال صلى الله عليه واله ملأته حكمة و علما.
أقول:
و روى السيوطي في الدر المنثور، ما في معنى حديث البراء عن ابن إسحاق و ابن جرير و ابن أبي حاتم و ابن مردويه و أبي نعيم و البيهقي في الدلائل من طرق عن علي رضي الله عنه و فيه: ثم تكلم النبي صلى الله عليه واله فقال: يا بني عبد المطلب- إني و الله ما أعلم أحدا في العرب- جاء قومه بأفضل مما جئتكم به- إني قد جئتكم بخير الدنيا و الآخرة- و قد أمرني الله أن أدعوكم إليه- فأيكم يوازرني على أمري هذا؟ فقلت و أنا أحدثهم سنا: إنه أنا، فقام القوم يضحكون.
و في علل الشرائع، بإسناده عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: لما نزلت «وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» أي رهطك المخلصين- دعا رسول الله ص بني عبد المطلب- و هم إذ ذاك أربعون رجلا- يزيدون رجلا و ينقصون رجلا فقال: أيكم يكون أخي و وارثي و وزيري و وصيي- و خليفتي فيكم بعدي، فعرض عليهم ذلك رجلا رجلا كلهم يأبى ذلك- حتى أتى علي فقلت: أنا يا رسول الله.
فقال: يا بني عبد المطلب هذا وارثي و وزيري- و خليفتي فيكم بعدي فقام القوم يضحك بعضهم إلى بعض- و يقولون لأبي طالب- قد أمرك أن تسمع و تطيع لهذا الغلام.
ومنها تبين ان کل من خالف هذا الامر النبوي المبارک فهو طاغوت يُعبد من دون الله وهذا من البديهي ولا يعشو عنه ويعمى عنه الا من كتب عليه الشقاء .
اللهم آمنا بوصيك وخليفتك امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام فاكتبنا من الشاهدين وببركته اقض حوائجنا فوق ما نامل منك يا ارحم الراحمين اللهم صل على محمد واله |