• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أهمُّ مبادئ إدارة الوقت وتفريغ الطاقة في نظر الإمام علي عليه السلام والمُعطيات .
                          • الكاتب : مرتضى علي الحلي .

أهمُّ مبادئ إدارة الوقت وتفريغ الطاقة في نظر الإمام علي عليه السلام والمُعطيات

 من المعلوم أنّ الإنسان محكوم بقوانين وجودية لها آثارها الإيجابيّة والسلبيّة عليه - وينبغي به الالتفات إليها في حياته وتنظيم شؤونه وفقها بحسب القدرة الشخصيّة والشرعيّة والعقليّة ، ومن هذه القوانين الحسّاسة هو قانون الوقت وقانون النيّة وقانون معرفة الغاية تصوراً وتحقيقاً وقانون التدّين الفطري و الامتثال الواجب والخالص.

ووفق حقيقة هذه القوانين الحاكمة على الإنسان في مساراتها - لقد قدّم أمير المؤمنين علي عليه السلام مجموعة مبادئ تصوريّة وتصديقيّة تدخل في صميم إدارة الإنسان لنفسه في وقته المُتاح إلهيّاً في محطّة الحياة الدنيا - وذلك من أجل اغتنام الكم الأكبر الموفور من الوقت قبل فواته وتصرّمه تدريجيّاً بحيث يجد الإنسان حاله وقد مضى عليه عامل الوقت من غير رجعة ونفد خزينه من القدرة والجهد والطاقة والقوّة ممّا يعرّضه للخسران والحساب والندامة.
ويمكن تصوير فن وثقافة إدارة الوقت والطاقة بحسب ما ورد عن الإمام علي عليه السلام في عهده لمالك الأشتر حينما ولّاه مصرا بما يلي.
١- (وامضِ لكلّ يومٍ عمله -فإنّ لكلّ يومٍ ما فيه )-
وهنا يضع الإمام علي منتظماً ذكيّاً ورياضيّاً لصرف القدرة في الوقت المتاح تكويناً وقضاءً وقدرا ، فعلى الإنسان أن ينجز مهامه وأعماله بمناطات الأهمّ والمهمّ والضروري وتقديمها على غيرها- ويلتزم بتكاليفه في يومه دون تأخير أو تأجيل غير مضمونين بقاءً ، ولعلّه يموت من غده فيفوته ما أخرّه وأجله.
ولذا علّل (عليه السلام) بأنّ لكلّ يوم ما فيه - إشارةً إلى واقعيّة الوقت وأهمّيته ومسؤوليّة الإنسان عنه عقلاً وشرعا.
٢- (واجعل لنفسكَ فيما بينك وبين الله تعالى أفضل تلك المواقيت وأجزَلَ تلك الأقسام)-
وفي هذا المبدأ التدبيري الثاني في فن إدارة الوقت والطاقة يضع الإمام معياراً توازنيّاً في صرف الوقت والقدرة فيه وذلك بضرورة التوجه لله تعالى وامتثال تكاليفه وإطاعته في أفضل أوقات اليوم التي أشار إليها القرآن الكريم من الليل والفجر والغروب وغيرها من المخصوصات - تجنّباً لهدر الوقت في أمورٍ ما على حساب ما هو أهمّ منها عقلاً وشرعاً.
- فترويح النفس باستحضار وجود الله سبحانه في مساحة وجودها أمرٌ لازم وضروري - لا أن يكون الوقت كلّه والطاقة جلّها للجسم وحاجاته وإن كانت ضروريّة… فالتوازن مطلوب ومرغوب يقينا.
٣- (وإن كانت كلّها لله إذا صَلحَت فيها النيّةُ وسلمت منها الرعيّةُ)-
إنّ هذه المقولة القيّمة توفرّ للإنسان الواعي في يومه كماً كبيراً من القبول والرضا الإلهي بخلوص النيّة لله تعالى في كلّ شيء نحياه ونعيشه - إذ أنّ النيّة الخالصة والسليمة صمام أمانٍ للإنسان نفسه وينتفع بها يوم الجزاء والمصير ، فضلاً عن انتفاع العباد منه بصلوحها قصداً وتوجها .
فخيريّة الإنسان في نفسه ومأموليّتها لغيره هي بحدّ ذاتها تمنح الأمان منه للآخرين وتمنعهم من شرّه.
٤-( وليكن في خاصةِ ما تخلصُ لله به دينَكَ :إقامة فرائضه التي هي له خاصة) -
من أهمّ ما يجب أن يلتفتَ إليه الإنسان في إدارة وقته وجهده وطاقته هو امتثال ما وجب عليه في دينه الحقّ من تكاليف عقلية وشرعيّة وأخلاقيّة فرديّةً واجتماعيّةً .
ولله سبحانه علينا حقوق ملزمة وواجبات خاصة يجب الإتيان بها على أتمّ وأكمل وجه - وهنا يتراءى أنّ للدّين وتعاليمه الأولويّة النافذة من غيره من متعلقات الدنيا وشؤونها غير الضرورية .
٥-( فأعطِ اللهَ من بدنكَ في ليلك ونهارك ، ووفِّ ما تقرّبتَ به إلى الله من ذلك غير مثلوم ولا منقوص، بالغاً من بدنك ما بلغَ)-
إنِّ وقت يوم الإنسان مقسوم ما بين ليل ونهار ، ولكلّ قسم شؤونه ومتطلباته ، وقد يطغى إشباع ذلك على حساب حقوق الله تعالى في عبادته وطاعته ومراعاة واجباته .
فالمطلوب توظيف شطراً من الليل والنهار لله سبحانه في تحقيق ذلك ، وبصورة تامة وخالصة من الرياء والنقصان والغفلة والنسيان مهما كان الحال ،لطالما القدرة عند الإنسان موفورة والوقت متاح والطاقة موجودة.

: ينظر - بخصوص المقاطع أعلاه عهد أمير المؤمنين لمالك الأشتر في نهج البلاغة ،ت ،د ،صبحي الصالح،ص ٤٢٧:




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=141351
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 02 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 2