• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الهيموفيليا .. آفة تأكل اطفالنا .
                          • الكاتب : راقية مهدي .

الهيموفيليا .. آفة تأكل اطفالنا

 قصة ارعبتني وانا احاول ان ادون ما جاء فيها من نقل لواقع مرير , قصة اطفال بعمر الورد , يستجدي ذويهم الدواء من المحسنين واصحاب القلوب الرحيمة في بلد كان يفترض ان يكون من الدول المانحة للمنظمات الانسانية العالمية لكن الصورة انعكست في ضل خراب المؤسسات العراقية ليكون العراق ناقما على من فيه فمثل الكهرباء والماء كان الدواء 

محمد , هذا الطفل نموذجا لما تقدم , فمنذ نعومة اضفاره بان على جسده مرض لم يعرفه ذويه رغم كون علاماته ظاهرة للعيان , اذا كان الطفل ينزف دما من اماكن غير محدودة في جسده , لجأ ذويه بعد ما رأوه من هول الى اقرب مستشفى لداره في مدينة من بغداد هو مستشفى الاسكان سمي باسم المحلة , وعرض حينها على اللجان الطبية وبعد ثلاثة اشهر من الفحوصات لم يحدد اطباء المستشفى حالته المرضية , يبدو ذلك بسبب قلة الخبرة ونقص الاجهزة وعدم تمام فحوصات ما فيها من أجهزة .
 لجأ ذويه الى المختبرات الاهلية ولم تحظ بنتيجة لتهدأ حالة ام الطفل التي ترقد مع ابنها في المستشفى ذاته لثلاثة اشهر وعائلته بالكامل بسبب عدم تعرف الجهات الصحية والمختبرات بضمنها المركز الوطني للدم على حالة ابنهم  .
بعد جهد جهيد جمعت عائلة الطفل ما يمكنها جمعه لتسافر به الى بيروت وهناك تم تشخيص الحالة انه آفة الهيموفيليا أي مرض نزف الدم الوراثي الذي سيطر على مئات الاطفال العراقيين والاغلبية منهم غادروا مثل جاءوا الحياة الى رب رحيم , لكن عائلة محمد كانت مصرة على الاستمرار بمعالجته مهما كلف الأمر فبعد العودة من لبنان استنفذوا كل ما يملكون واصبحت حياة محمد على المحك ان لم يجدوا السبيل للاستمرار بتوفير العلاجات واهمها الحقنة الاسبوعية النادرة في العراق بل ضائعة تماما والغالية بأسعارها في بلد أخر  .
الرقة والحب للطفولة كان هذا الطفل ( محمد ) محظوظا حين التقت احدى سيدات مجتمعنا بحالته ليكون شغلها الشاغل وهي تحاول توفير ما تستطيع لعلاجه رغم غلاء اسعار العلاج وبعد مصدره فاستطاعت السيدة ( راقية ) توفير بعض علاجاته من الابر عن طريق الامارات ولكنها اتخذت من موضوعه رأيا انسانيا ليكون موضوعها لصناعة حياة الاطفال المصابين بهذا المرض وايصال تلك المشكلة الى الجهات المعنية بالدولة وعرض المشكلة من خلال وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي لتكون قضية رأي عام اضافة لما سعت اليه والدة الطفل التي كرست حياتها له حتى اصبح عمره ثلاثة سنوات , من مقابلات للجان الطبية في العراق ومناشدتها لإصحاب القلوب الرحيمة على صفحات التواصل الاجتماعي تلك التي فتحت بابا لهذا الطفل وعائلته فبادر بعض من سمع الى مساعدتهم فكانت المحطة التالية هي ايران من خلال احد الاشخاص المتيسرين الذي سخر ماله وعلاقاته في ايران حتى استطاع توفير الابر (أوكتا بلاكس) الذي تتراوح العبوة الواحدة من 250 الى 350 دولار والتي لا تكفي سوى لأسبوع واحد ولهذا المشكلة لم تنتهي عند هذا بعد تفاقمت حالات المرضى من الاطفال الذين حالتهم تشبه حالة محمد  .
هذا النموذج المتمثل بقضية محمد واطفال العراق ممن أكلتهم افة الهيموفيليا , هي معاناة لا تنتهي تتحملها وزارة الصحة العراقية والمؤسسات الحكومية التي فقدت شرعيتها تماما حين لم يكن لها جدوى سوى انها تشبه البطالة المقنعة في ادائها وتقصيرها حالها تلك التي لم تقدم للشعب العراقي شيء سوى انها تعد عالة على الاقتصاد العراقي المنهار. 
 
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=141633
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 02 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20