في الجزء الأول من البحث بيّنا حقيقة تيس الخطية . وهنا نقول بعد زعمهم أن التيس هو شخصية المسيح الحامل للخطايا والذنوب وقد اثبتوا ذلك في تفاسيرهم ودافعوا عن هذه العقيدة بشدة تبين أن هناك نصا يقول بأن التيوس الحاملة للخطايا والذنوب إثنين وليس تيس واحد. تيس يحملها على ظهره ويذهب بها بعيدا في البرية. والتيس الآخر يُذبح وتُفرى أوداجه لتموت الخطايا وتُدفن معهُ إلى الأبد!.
هذا النص سبب حيرة كبيرة لكل علماء ومفسري المسيحية حيث ان السيد المسيح لم يُذبح ولم يُطلق سراحه ، بل صُلب ومات حسب رواياتهم. فكيف يُفسرون ذلك ، إنهم استطاعوا أن يحلّوا مسألة تيس واحد وإذا بتيس آخر يظهر!. هنا انبرى المفسر المسيحي ليضع حدا لهذا الجدال فهؤلاء يجدون دائما ضحية أخرى ليُقحموها في تفسر امثال هذه النصوص فقال المفسرون: (قُدم التيس الأول ذبيحة للرب بينما طُرد الثاني حيًا. يقول بيلاطس للكهنة وللشعب اليهودي: من تريدون أن أطلق لكم: باراباس أم يسوع الذي يُدعى المسيح؟! حينئذ صرخ كل الشعب أن يطلق باراباس لكي يُسلم يسوع للموت).(1)
ولكن المعروف في العقيدة المسيحية أن يسوع لم يُذبح بل صُلب، وفي عقيدتنا نحن المسلمون فإن السيد المسيح لم يُصلب ولم يُذبح ولم يمسهُ سوء بل رفعهُ الله إليه.يضاف إلى ذلك أن باراباس مليء بالخطايا والذنوب وكان مجرما قاتلا ناهبا سالبا اقض مضاجع الناس والدولة ، فما كان هذه حاله كيف يحمل خطايا الناس؟
ي ضاف إلى ذلك أن اختيار التيس له مغزى فهو من الحيوانات التي تتهمها المسيحية بأن الشيطان متقمص فيها ولذلك فإن وضع الذنوب على ظهر التيس يعني أرجاع الخطايا للشيطان فيحملها بدلا عن الإنسان لأنهُ هو السبب في هذه الخطايا والذنوب من خلال اغوائه للإنسان . فهل كان يسوع شيطانا أو من اعوان الشياطين ؟ وعلى ما يبدو من خلال قول فإن المسيح كان حليف الشيطان لأكثر من اربعين يوما.
يؤكد الكتاب المقدس من أن أحد أهم شباك إبليس التي يوقع فيها الناس هي الزواج (فقال له الملاك رافائيل: استمع فأخبرك من هم الذين يستطيع الشيطان أن يقوى عليهم؟ إن الذين يتزوجون، ويتفرغون لشهوتهم كالفرس والبغل أولئك للشيطان عليهم سلطان).(2) فالسيد المسيح حسب روايتهم لا سلطان للشيطان عليه لأنه لم يوقعهُ في حبائله من خلال الزواج.
يضاف إلى ذلك أن أحد اهم مصائد الشيطان الأخرى هي ان الانسان لا يُصلي ولا يصوم كما نفهم من الوصية فيقول بولص : (تفرغوا للصوم والصلاة لكي لا يجربكم الشيطان لسبب عدم نزاهتكم).(3) فهل كان السيد المسيح لا يصوم ولا يُصلي وبذلك تسلط الشيطان عليه فكان يقوده اربعين يوما كما نقرأ : (وكان يقتاد في البرية أربعين يوما يجرب من إبليس).(4)
أما الكتاب المقدس وبعيدا عن تيوس الخطية فإنهُ يؤكد أن غفران الخطايا والذنوب فقط لله تعالى بعد توبة العبد ورجوعه إلى الله. وهذا ما نراه بأوضح صوره في ثنايا هذا الكتاب العجيب. فماذا نفعل بالنصوص الكثيرة التي تُجزم بان لا أحد يغفر الذنوب إلا الله كما نقرأ : (من يقدر أن يغفر خطايا إلا الله وحده).(5) وعندما كان المذنبون يطلبون من المسيح ان يغفر لهم كان جوابه : (اطلب إلى الله عسى أن يغفر لك).(6)
وأما في الإسلام فحتى الإنسان الخاطئ الظالم لنفسه يرجوا رحمة ربه كما يقول تعالى : (وإنّ ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم).(7)
المصادر :
1- انجيل متى 27:17. انظركتاب ذبائح العهد القديم وعلاقتها بذبيحة الصليب عبد الله عبد الفادى .ص 28.
2- سفر طوبيا 6: 16.لم يثبت لنا أن المسيح تزوج او بقى عازبا؟ ولكننا من خلال سيرة الانباء قبله وبعده وجدنا ان سنة الزواج جارية على جميع الأنبياء بلا استثناء. إلا في المسيحية فإنه زعموا أن المسيح لم يتزوج لأن ذلك سيوقعهم في حيرة : كيف يتزوج الإله؟
3- رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 7: 5.
4- إنجيل لوقا 4: 2.وفي نص إنجيل مرقس 1: 13(وكان هناك في البرية أربعين يوما يجرب من الشيطان).
5- إنجيل مرقس 2: 7.
6- سفر أعمال الرسل 8: 22.يضاف إلى ذلك نصوص كثيرة جدا تؤكد بأن لا أحد يغفر الذنوب إلا الله فلا تيس ولا تيوس. كما نقرأ في بعضها: في . سفر يهوديت 8: 14(أن الرب طويل الأناة، فلنندم على هذا ونلتمس غفرانه بالدموع المسكوبة). وفيسفر أعمال الرسل 10: 43 (له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال غفران الخطايا).وفي سفر طوبيا 3: 13: (يغفر الخطايا للذين يدعونه).وفي سفر المزامير 103: 3 (باركي يا نفسي الرب الذي يغفر جميع ذنوبك. الذي يشفي كل أمراضك).
7- سورة الرعد آية : 6. قال المفسرون : أي إنه ذو عفو وصفح وستر للناس مع أنهم يظلمون ويخطئون بالليل والنهار .
|