• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : من يحضر العزاء يشارك بالنصر .
                          • الكاتب : جاسم جمعة الكعبي .

من يحضر العزاء يشارك بالنصر

  خرجت المنظمات والجماعات لا تلوي على شيء غير تنكيلا أو تنفيسا لهمومها، زاحفة نحو ساحة التحرير، تجر خلفها كل تراكمات العملية السياسية التي نشأت تحت وطء الاحتلال الضاغط والأداء المربك لقادة الحراك السياسي الذي التحف بالمبدأ السامي، وتسربل بالجشع الظامئ، فأنتج فسادا وخرابا للذات قبل الأدوات، فعسعس الواقع أصناما وهياكل معابدٍ، ليترك خلف أسواره همس الفقراء والمعوزين وآلام الملايين يهمسون بلعن الإله والمعابد، وهم يطوفون (مكاء وتصدية) في خربة عقول عفنتها العبودية للمنصب والسلطة. فيعتلي سنامها متربص ماكر ومنحسر خاسر، ليخرج الشيطان الأكبر مغرزه، وتشرئب فيها أعناق المنافقين، مزايدة على العباد والبلاد تقطع في أمصارها وتقضم ثمارها. لتسفر عن دماء وأكباد حركتها لذلك الحاجة وتلفظها دون غايتها الفتنة.

   فقد عمل الجميع تحت مسميات عدة.. العراق والعروبة والإسلام، وقدم كل فلسفته فيما يرى، ولأن التضاد كان ومازال هو الصفة التي تسود الساحة السياسية، نتيجة وجود المحتل الذي كان لا يترك شاردة ولاواردة، إلا وصيرها كمينا أو لغما، ليوجه الفرقاء نحوه، فيقرب من يشاء ويبعد من يشاء، فينمي بين الحين والآخر أوراما سرطانية يعل بها جسد العراق، فكان يغذي أوهام المغرورين، ويضخم أحجام المخاتلين، ويغول قوى المقامة ليجعل لكل منهم سببا لبقائه. ولا يخفى على المراقب معاقبة الامريكان للعراق، عندما استفاد من فترة الانتخابات، والبرنامج الذي كان يتحدث به آنذاك باراك أوباما، بفتح ملف انسحاب الجيش الامريكي الذي انتهى بعبارة يمضون ونبقى، لتبدأ صفحة عش الدبابير، فتلد حبلى السياسة داعش الأوغاد، ليكون الآفة التي تحرق الأخضر واليابس، فيتنازع أخوة يوسف في وصفه، فبين مرحب به، ومراقب بحذر، وحاضن له، لا يحرك ساكنا، خوفا على حاله. وبتماد واضح يقضم المحافظات وهي تسقط كأحجار الدومنا، فيترك أبناء الشعب دون ناصر، وتسقط فلسفة المتصدين لتصدر فتوى الجهاد المبارك، وتغير وجه المعادلة بقادة النصر وأبناء علي، والأحرار من أبناء العراق الغيارى، ويجهز العدوان الصهيو-أمريكي على نشوة الانتصار، ويحول دون قطف الثمار من خلال استنزاف قوة الحشد ومحاولة إشغاله بتعاون مع الأنذال وأقزام السياسة، لجره إلى محرقة الحرب، وقد يئس من ذلك، في الوقت الذي تتقلص فيه خياراته في سوريا، فيهدد الحكومة العراقية وينذرها انصياعا لأمره، ويأتي الرد بفتح منفذ أبو كمال، ويكون تأكيدا على ثبات المسيرة، ويعقب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، عن أن امنكم اقتصادي إقليمي، وتستمر عملية الصراع بين الحكومة الأمريكية والحكومة العراقية، فبتصعيد واضح من الامريكان في ضرب مواقع الحشد المقدس من قبل الصهاينة، ولا تتردد الحكومة العراقية من ذكر الحدث وتحمل الكيان الصهيوني مسؤولية ذلك، فتتعاقد مع الألمان على تطوير قطاع الكهرباء، وتمضي أبعد من ذلك في عقد اتفاقية الصين التي كانت بمثابة المسمار الاخير في نعش الاحتلال.

  وتتوالى الأحداث، ويعمل الجميع على تجزئة الضغط الامريكي من خلال تشتيت القرار فتحرك أميركا كل تابعيها وحلفائها، في الضغط على الحكمة العراقية المتمثلة بالمرجعية المباركة والمكون الشيعي والشرفاء من المكونات الاخرى ، من أجل تغيير سلوك الحكومة، والعودة الى أحضان المحتل، لكن دون جدوى، لينتهي الموقف بقتل كوكبة من الشهداء، ثم قادة النصر، مع مجموعة أخرى، بعد أن عجزت عن مواجهتهم، فيجتمع الرافضون للاحتلال تحت قبة البرلمان، ويصدرون قرار إخراج القوى الأجنبية من العراق، ومن تلك اللحظة، بدأ تشكيل الحكومة التي يترأسها شخص يرشحه المكون الشيعي، شريطة أن يستمر في هذه المسيرة الصعبة. فعلمت الاطراف موقعها القادم من العملية السياسية، وحاولت جاهدة إخفاء رغبتها الشرهة في كعكة الميلاد، فمن يأتي نتحدث معه، ومن لا يأتي لبس ثوب الزهد، وتكلم بمطالب الجماهير، فأخرج الواقع تكالبهم وكذب ادعائهم.

 وهنا أود الإشارة إلى الفرق بين المحاصصة والاستحقاق الانتخابي، فالمحاصصة تذهب الى تمليك الوزارة للحزب الحاصل عليها. والاستحقاق الانتخابي ينتهي داخل البرلمان بعدد المقاعد التي يحصل عليها الكيان، ذلك أن دوره تشريعي رقابي، وينتهي دون الكابينة الوزارية. فعلى الجميع أن يعلم أن الامريكان لا تخرجهم السياسة فقط، بل بالمقامة نخلق عمقنا السياسي ونسند المفاوض الصادق، فالأرض لا يحررها إلا أبناؤها. ولن يستقيم أمر الدولة دون ذلك.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=142523
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 03 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20