الميزة التي تحتفظ بها اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن سواها من اللجان, والمؤسسات, والمنظمات الدولية إنها لا تتخذ مواقف متشنجة أو انفعالية في علاقتها مع الحكومات ,أو الأطراف المتنافسة ,أو تلك التي تدخل في نزاعات مسلحة مع بعضها البعض، وفي مناطق مختلفة من العالم تشهد أزمات وحروباً وكوارث طبيعية يخسر الناس جراءها مساكنهم وأوطانهم أحياناً, ويهجرون ويفقدون أحبتهم أو يعاقون أو يجرحون أو تصيبهم الأمراض والأوبئة عملت اللجنة الدولية على إيصال مختلف المساعدات ,وأشكال الدعم, وواصلت بين الأسر التي تقطعت بها السبل في مدن بعيدة, وقرى نائية ومناطق منعزلة دون أن تخسر ثقة الأطراف المتنازعة, وبقيت هذه الثقة في العلاقة مع الحكومات أو الجماعات المسلحة المتمردة.

يصف البعض أسلوب عمل اللجنة بأنه مثل (حبة الباراسيتول),ويطالبونها بأن تتحول الى مايشبه دور المبضع في العمليات الجراحية الكبرى التي قد يموت نتيجتها المصاب,ثم لاتعود الثقة متوفرة بين الطبيب ومرضاه..وفي أحيان يكون هذا الدور ضروريا لغنقاذ الملايين بدلا من الإنشغال بروح واحدة قد تجد من يسعف صاحبها لكن لو تم تجاهل الملايين فقد تصيبهم الأوبئة ,او يموتوا جوعا,أو يقتلوا ببشاعة.

على مدى السنوات العشرين الماضية تابعت بعناية عمل فرق تابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر في أكثر من مكان في العالم...في العراق مثلا, وبعد حرب عاصفة الصحراء إنقطعت خدمات الماء والكهرباء والعلاجات الطبية عن ملايين العراقيين,كانت فرق الصليب الأحمر تجوب القرى والمدن البعيدة ,وتوزع الأدوية, وتضع مجمعات لتنقية المياه,وتمنح مساعدات بأشكال مختلفة لكل الذين كانوا بحاجة إليها,وتحمل أعضاء تلك الفرق مصاعب جمة وتعرضت حياتهم للخطر الجسيم لكنهم واصلوا المهمة بنجاح ,وحازوا ثقة كل الأطراف..

نجحت تلك الفرق في تخفيف المعاناة في دول عدة تعاني ,رواندا بروندي,افغانستان ,الصومال,لبنان,باكستان,فلسطين,سوريا ,ودول في أمريكا اللاتينية,وأوربا, وأفريقيا ,وآسيا......

في كل هذه الإنحاء من العالم كان الصليب الأحمر حاضرا بحيادية منقطعة, وبأسلوب متزن لايستفز السلطات المحلية, ولا من يعارضها من مسلحين ,أو سواهم.

قافلة النبلاء ,التوصيف الأكثر ملائمة الذي أستخدمه لوصف علاقتي باللجنة الدولية للصليب الاحمر عبر السنوات الماضية,وهكذا عرفتهم.

mediaafree@yahoo.com