• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع :  السيد السيستاني.... رجل المواقف .
                          • الكاتب : غفران الموسوي .

 السيد السيستاني.... رجل المواقف

 الرجل الصامت، صاحب المواقف الناطقة، فكثيرة هي المواقف المشرفة التي وقفها سماحة المرجع الاعلى السيد السيستاني (مُد ظله) للعراق وشعبه، مواقف أبوية ترعى جميع أطيافه ومكوناته بلا تمييز بين حسب أو عرق او إنتماء.

فلو تطرقنا الى مواقفه في الجانب السياسي، لوجدنا فيها ما يحفظ المصالح العليا للبلد والشعب، وقد بدا ذلك جليا في قضية الحكم بعد سقوط النظام البائد الذي بقي ثقلا على الصدور لنيف وثلاثين سنة، حين دعا سماحته الى ضرورة إجراء انتخابات مبكرة، والتأكيد على أن يكون للشعب العراقي دستور خاص يكتب بأيديهم بعيدا عن التدخلات والاملاءات الخارجية التي لا تسعى إلا للحفاظ على مصالحها دون الاهتمام لمصلحة البلد والشعب. كما وحرص على الحفاظ على امن واستقرار العراق بعيدا عن التبعيات الأخرى ورفض التخطيط الأجنبي لمستقبل البلاد السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وفي الوقت الذي اشتدت فيه أزمة عدم الاستقرار بعد سقوط النظام ما بين (٢٠٠٤ - ٢٠٠٧) وتعرض البلد إلى الوجود الإرهابي من القاعدة وازلام النظام البائد الذين سعوا الى اسقاط العراق في حرب أهلية مذهبية كادت ان تكون الشرارة الاولى لتأجيجها تفجير قبة الامامين العسكريين (ع)، فكان للمرجع الاعلى دور هام في إيقاف نزيف الدم، من خلال التشديد على الوحدة واللحمة الوطنية ونبذ الفرقة والطائفية وعدم إفساح المجال أمام من لا يريد للعراق وشعبه امنا واستقرارا وازدهارا، فاستطاع سماحته من إشاعة الخطاب الوطني وكان خطابه إلى العراقيين كافة إلى التكاتف والتعاضد وحل المشكلات بالحوار بعيدا عن العنف، وكان لسماحته قول لايزال يردده العراقيون إلى يومنا هذا (لاتقولوا إخواننا السنة بل قولوا انفسنا)، وهكذا وئدت الفتنة وخسر المروجون.

أمنيا: كانت لمواقف المرجع الاعلى (طال بقاؤه) وتوجيهاته السديدة سببا في بقاء العراق شامخا بشعبه ومقدساته، لاسيما بعد أن كان البلد قاب قوسين أو أدنى من الانهيار ، عندما تعرض إلى أشرس هجمة مدروسة منظمة من قبل العديد من القوى التي لا تريد للعراق وشعبه خيرا عام ٢٠١٤ ، جاءت فتوى الجهاد المقدسة وكانت كالصاعقة في مواجهة اعتى تنظيم عرفه التاريخ المعاصر مايسمى بدولة الإسلام (داعش)، لبى على إثرها الملايين من ابناء الشعب النداء حتى جاءوا بالنصر المؤزر خلال ثلاث سنوات ، بعد أن رجح العديد ان الحرب ستستغرق سنينا، ولكن كان لفتوى المرجع الاعلى رأي آخر في تحويل المسار وتحقيق الانتصار.
إنسانيا: لم يغفل سماحته (دام ظله) عن ابناء الضحايا وعائلاتهم، فلم تُترك تلك الشريحة بلا رعاية و لا اهتمام يعانون صعوبة الظروف بعد فقد المعيل، سواء أكان ذلك في المرحلة الأولى إبان سقوط النظام البائد، او ما بعد فتوى الجهاد، موعزا إلى الجهات المختصة بضرورة القيام بدورها تجاههم، كما وأشرف على عمل أكبر المؤسسات الإنسانية في العراق (مؤسسة العين) التي انبرت في العمل بإذنه على توثيق مظلومية الشهداء وضحايا الإرهاب، وتقديم الرعاية لذويهم، وفي احصائية تشير إلى أن المؤسسة تحتضن (٦٣٠٨٠) يتيما من يتامى العراق وتقدم لهم الدعم في مجالات الصحة البدنية و النفسية،  والتربية والتعليم، والعمل.
وغيرها من المنجزات التي يطول الحديث عنها لو عرضناها تفصيلا، كرعاية النازحين الذي لاذوا فرارا من مدنهم بسبب تجبر وبطش داعش، و تشكيل لجان من وكلائه ومعتمديه في عموم العراق لتفقد أسر الشهداء المتطوعين، إضافة الى إنجاز المشاريع الخدمية لأبناء الشعب العراقي من مجمعات سكنية ومستشفيات ومدارس.
رجل يشهد العالم بحكمته فهو من حارت به الألباب حتى انها عجزت عن وصف مخزون العلم والحكمة في صدره، فكلما أشتدت أزمة، أو طرأ طارئ كان له رأي يسهل الأمر العسير، ويعبر بنا نحو النجاة، ولأنه رجل المواقف، لم تخل أزمة جائحة كورونا التي انهكت العالم، بتسجيل إنجاز كبير يحسب للعراق رغم محدودية امكاناته مقارنة بالدول الأخرى، فهو بحمد الله لم يصل إلى مراحل  معقدة في مواجهة الفايروس القاتل، الذي راح ضحيته الآلاف في أمريكا و ايطاليا وإسبانيا والصين وغيرهم رغم إمكاناتهم المتطورة، ولعل الكثير يتساءل كيف تمكن العراق لغاية اللحظة من احتواء الأزمة رغم توسطه بلدان أصبحت بؤرا للفايروس؟ ، لا شك أن الإجابة تكمن في "الحكمة"... ففي العراق رجل يؤت الحكمة يأتيه منها خير كثيرا، فلم يبخل بتوجيهاته ونصحه للالتزام بما يدعو له المختصون، اذ لم يكن ليلتزم الناس بتجنب التجمعات، وترك الزيارات لو لم يكن سماحته داعيا لذلك رغم عظمتها في نفوسهم، وليس هذا فحسب بل أبهر العالم ايضا بلحمة ابناء الشعب العراقي وتعاضدهم، حتى أصبحوا مضرب الامثال في الكرم والجود والعطاء، بعد ان افتى سماحته بضرورة التكافل الاجتماعي، والوقوف جنبا الى جنب مع المتضررين ومساندتهم لحين تخطي الأزمة بسلام.
جميع هذه المواقف ستبقى عالقة في ذاكرة العراقيين، الذين وثقوا بحكمة رجل المواقف الذي لم يخذلهم  يوما ما ، وحتما كما قال أمير المؤمنين (ع) من وثق بماء لم يظمأ.
 ولاشك أن كل ما ذكر لا يعتبر سوى "جزء من كل" فمهما كتبنا لا نستطيع حصر مواقف المرجع الاعلى (دام ظله) وعطاءه في سطور مقالات أو تقارير او كتيبات.

من القلب ... شكرا لك سيدي على عطائك




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=143512
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 04 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28