• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ماذا يريد الارهابيون من وسائل الاعلام ؟؟؟؟ ( الجزء 1 ) .
                          • الكاتب : صلاح الاركوازي .

ماذا يريد الارهابيون من وسائل الاعلام ؟؟؟؟ ( الجزء 1 )

What do the terrorists want from the media????

قبل الخوض في هذه السلسلة من المقلات حول الاعلام والارهاب هنالك حقية مهمة جدرا الا وهي ، ان داعش وبقية المتظمات الارهابية كانت قد استفادت وسخرت تلاعلام لخدمة موضوعاتها وبرنامجها ، فلو نفترض أن عملا إرهابيا ما لم ينال إهتمام وسائل الإعلام المختلفة ولم يحظ بأية تغطية تذكر، فهذا يعني أن الحدث كأنه لم يكن وبذلك فلا أثر للعمل الإرهابي لا على الناس ولا على الجمهور ولا على الرأي العام ولا على صانعي القرار والمسئولين و السياسيين ولا على الرأي العام الدولي والمنظومة الدولية. فمصيرالإرهاب بدون وسائل الإعلامه التوقف والأفول. فما يريده الإرهابيون من وسائل الإعلام هو الحضورالإعلامي والتغطية الإعلامية التي تركز على الإثارة وعلى نشر الذعر والخوف ونشر حالة من الرهب بين الناس وحثهم على محاولة معرفة ماذا حدث ولماذا حدث وما هي الدوافع والأسباب وما هي المطالب وما هو عدد الضحايا وما هي الخسائر المادية...الخ. فبالنسبة للارهابيين، الأعمال الإرهابية هي الوسيلة الوحيدة لإثارة اهتمام الناس والرأي العام وصانع القرار حتى يسمع الجميع عنهم ويعرف مشاكلهم وقضاياىم و مطالبهم.

تستغل التنظيمات الإرهابية وسائل الإعلام الإلكترونية وعلى رأسها شبكات التواصل الأجتماعي التفاعلية التي نعرفها (فيسبوك، تويتر، يوتيوب) كمنصات لبث أفكارها وأخبارها وتنفيذ أجندتها، بسبب الانتشار الواسع لمواقع التواصل وسهولة استخدامها وامكانية تخطى الحواجز السياسية والجغرافية في عملية الاتصال المجاني الفوري بين اعضاء التنظيمات الإرهابية والتنسيق فيما بينهم والكم الهائل من المعلومات التي يمكن تبادلها، هذه التنظيمات تدرك جيداً ان استراتيجيتها الإعلامية الحرفية المتميزة تساعدها في تحقيق أهدافها الجهنمية.

الإشكال المطروح هنا أن وسائل الإعلام في العصر الحديث وفي المجتمعات الديمقراطية لا تستطيع أن تقاطع تغطية الأعمال الإرهابية لأن دورها في المجتمع، وعملها بمبدأ حق الجمهور في المعرفة، هو إخبار وإبلاغ الجمهور والرأي العام بكل الأحداث والوقائع محليا ودوليا. من جهة أخرى، لا تستطيع الدول الديمقراطية أن تتدخل في شؤون وسائل الإعلام وتضغط عليها للعزوف عن تغطية الأعمال الإرهابية وهذا عملا بمبدأ حرية الصحافة.

حسب( بريجيت ناكوس  Nacos,1994:34 (هناك ثلاثة أهداف تعمل على تحقيقها الجماعات

الإرهابية من خلال التغطية الإعلامية لأعمالها الإرهابية:

الهدف الاول -  الحصول على الاهتمام من خلال نشر الخوف والرعب وعدم الأمن والاستقرار بين الجماهير المستهدفة. وكذلك كشف ضعف وعقم وعدم قدرة الحكومة المستهدفة على حماية مواطنيها من الإرهاب.

الهدف الثاني -  تهدف هذه الجماعات ومناصريها إلى الحصول على الاعتراف بمطالبها وأطروحاتها وقضاياها

الهدف الثالث -  للجماعات الإرهابية الدولية هو الحصول على درجة من الاحترام والشرعية في المجتمعات المستهدفة.

فيما يتعلق بموضوع الاهتمام فإن أي عمل إرهابي يستقطب اهتمام وسائل الإعلام من جهة، وبدرجة أكثر اهتمام الجمهور من جهة أخرى حيث أنه يصبح أسير وحبيس كل ما تقدمه وسائل الإعلام المختلفة وخاصة المرئية منها عن تفاصيل الحدث الإرهابي.

هذه الأخبار والمعلومات تصبح ذات أهمية قصوى بالنسبة للجمهور. من جهة أخرى، تعتبر وسائل الإعلام هي المؤسسات الوحيدة ذات الإمكانيات والقدرات لجمع الحجم الكبير من المعلومات ونشرها في أسرع وقت.

هذه المعلومات تكتسي أهمية حيوية وقصوى ليس للجمهور فقط وإنما للمؤسسات الخاصة والعامة. وعندما يصبح الجمهور على دراية بالعمل الإرهابي يصبح يبحث عن المعلومات وتفاصيلها عن طريق الرجوع إلى محطات الإذاعة و التلفزيون والجرائد على مدار الساعة لمعرفة أخر التطورات وأخر التدابير لمواجهة العمل الإرهابي.

هذه العلاقة الحميمة بين الجمهور ووسائل الإعلام وهذا الاعتماد على وسائل الإعلام تؤكده زيادة مبيعات الجرائد والمجلات والإقبال الكبيرجدا على مشاهدة القنوات التلفزيونية والاستماع إلى المحطات الإذاعية عندما تنفذ العمليات الإرهابية.

الإرهاب يتسلح بالإعلام الجديد عموماً والأجتماعي منه خصوصاً من اجل تحقيق عدة أهداف في آن معاً وهي:

اولا - الوصول إلى الرأي العام والترويج لأيديولوجيته والدعاية لفكره الظلامي المتطرف.

ثانيا - استعراض قوته واضفاء هالة مزيفة على فعالياته الأجرامية وتضخيم قدراته واظهارها بشكل أكبر من حجمها الحقيقي. ونشر أجواء الخوف والرعب بين الجماهير المستهدفة.

ثالثا - بث اليأس والأحباط بين عناصر قوى الأمن. وكشف ضعف او عجز الحكومة المستهدفة عن حماية مؤسساتها ومواطنيها وعن ضمان الأمن والأستقرار.

رابعا - حشد المناصرين وتجنيد الشباب من مختلف أنحاء العالم لديمومة بقائها.

خامسا - نشر ارشادات تشرح وسائل الاتصالات السرية وطرق صنع المتفجرات وتفخيخ السيارات وزرع الألغام والأسلحة الكيمياوية.

سادسا - جمع التبرعات عن طريق الانترنت من المستخدمين ذوي الميول المتطرفة او من الآخرين بأساليب الخداع والأحتيال.

وتختلف الجماعات الإرهابية في اعطاء الأولوية لهذا الهدف او ذاك، فعلى سبيل المثال نرى ان تنظيم داعش يركز على استعراض قوته وصدم الناس وترويعهم بوحشيته وأساليبه الدموية والنيل من معنويات القوات الأمنية العراقية واستدراج الشباب المسلم أينما كان وغسل عقولهم وحشوها بالغيبيات والخرافات والأباطيل من قبيل ترغيب وتحبيب الموت اليهم كطريق لدخول الجنة حيث سيغنم كل واحد منهم باربعين حورية وعد بهن.

فإذا أخذنا أزمة الرهائن الأمريكيين في إيران سنة 1979 كمثال نلاحظ أن الشبكات التلفزيونية الرئيسية الأمريكية الثلاث )سي. بي. أس، أي. بي. سي وأن. بي. سي( خصصت نسب تتراوح ما بين 41 إلى 61 % من النشرات الإخبارية للحدث. أما من جهة الجمهور فكان الأمريكيون يتابعون الحدث أول بأول طيلة أربعة عشر شهرا بدون كلل أو ملل. وخلال هذه الفترة تصد رت الأزمة الإيرانية الأخبار في القنوات الثلاث وكانت الحدث الأكثر تغطية على الإطلاق.

إن التغطية الإعلامية التي تحظى بها الأحداث الإرهابية والمقابلات التي تجريها القنوات التلفزيونية

والمحطات الإذاعية والصحف والمجلات مع رؤساء ومسئولي الجماعات الإرهابية وقادتهم تقدم خدمة جليلة تتمثل بالاعتراف بهم وبمطالبهم حيث يصبحون في مرتبة السياسيين وصناع القرار وصناع الأخبار في أوساط الجمهور والرأي العام, وتصبح لديهم علانية وحضور إعلامي وحضور في أذهان وأفكار الناس وفي الرأي العام.

وهذا ما يعني أنه ومن خلال تغطيتها للاحداث الإرهابية بطريقة تتسم بالإثارة والإطناب والتفاصيل والسبق الصحفي تقدم وسائل الإعام الإرهابيين ومطالبهم للرأي العام ما يعني الاعتراف بهم وبقضيتهم وأطروحاتهم وحججهم. فبالوصول إلى وسائل الإعام وإلى الرأي العام لا يختلف الإرهابي عن رئيس الحزب السياسي أوالوزير أو العضو في البرلمان. حيث أنه يدخل في اتصال مباشر مع الجمهور ويطرح قضيته ورؤيته للامور ووجهة نظره وحلوله وأفكاره. ومن دون أدنى شك سيجد هناك بين الملايين من يتعاطف معه أو من يشاطره الرأي خاصة من بين هؤولائك المهمشين أو المحرومين أو الفاشلين في حياتهم.

هذه الفئة تثأر لنفسها بمناهضة النظام القائم والسلطة وكل مؤسسات الدولة والتعاطف مع الإرهابيين حيث ترى فيهم الوسيلة لتغيير أوضاعه وحل مشاكله.

وسائل الإعلرم تعطي إذن الصبغة الإنسانية للجماعات الإرهابية كما تعترف بهم كفاعلين في النظام السياسي لهم قضايا ومشاكل يطرحونها ولهم وجهات نظر وحلول لهذه المشاكل تختلف عن الأطروحات الرسمية للنظام ولمؤسساته المختلفة.

يرى البعض أن مجرد إجراء مقابلة تلفزيونية أو صحفية مع مسئول أو قائد أو رئيس جماعة إرهابية هو اعتراف وإضفاء للشرعية على الإرهابيين ومطالبهم. ترى(( ناكوس)) أن عملية وآلية مقابلة إعلامية مهما كانت طبيعة الوسيلة الإعلامية لشخصية ما سواء كانت إرهابي أو دبلوماسي أجنبي أو مسئول حكومي، هي في الأساس نفس العملية. إن مجرد إجراء مقابلة مع إرهابي من قبل ممثل وسيلة إعلامية محترمة والتعامل معه كشخصية تساهم في النقاش العام هو الاعتراف الضمني بأن ما يدلي به وما يقوله موضوع اهتمام وهذا ما يرفع الإرهابي إلى مستوى السياسي الشرعي.

وتختلف الجماعات الإرهابية في اعطاء الأولوية لهذا الهدف او ذاك، فعلى سبيل المثال نرى ان تنظيم داعش يركز على استعراض قوته وصدم الناس وترويعهم بوحشيته وأساليبه الدموية والنيل من معنويات القوات الأمنية العراقية واستدراج الشباب المسلم أينما كان وغسل عقولهم وحشوها بالغيبيات والخرافات والأباطيل من قبيل ترغيب وتحبيب الموت اليهم كطريق لدخول الجنة حيث سيغنم كل واحد منهم باربعين حورية وعد بهن.

ان اخلاقيات المهنة في التعامل مع أخبار الإرهاب مساءلةمهمة جدا حيث نعتقد إن الالتزام بأخلاقيات المهنة والشرف الصحفي وتغطية الحوادث بأسلوب حضاري، بعيداً عن الإثارة الصحفية والاستغلال التجاري للماسي البشرية لا تتعارض أبدا مع حرية الإعلام وحق المواطن في معرفة الحقائق التي لها مساس بحياته ومستقبله.

وثمة درس بليغ قدمته الفضائيات الأميركية الأكثر شهرة وانتشاراً، عندما قررت بعد أيام معدودة من حوادث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عدم إعادة عرض الريبورتاجات عن هذه الحوادث، وما عدا بعض الاستثناءات القليلة، امتنعت هذه الفضائيات عن عرض صور الناس الذين كانوا يرمون بأنفسهم من نوافذ ناطحتي السحاب في نيويورك.

وكانت هذه الخطوة التي أقدمت عليها تلك الفضائيات بمحض إرادتها مثالاً جيدا على الإحساس بالمسؤولية تجاه المجتمع، ذلك لأن عرض الريبورتاجات المصورة عن هذه الحوادث، خلال وبعد حدوثها مباشرة ألحق ضرراً بالغاً بالحالة النفسية لملايين الأميركيين وأدى إلى رفع معنويات الإرهابين، وبعد إدراك هذه الحقيقة المرة، قامت بعض الفضائيات الأميركية بعرض بعض اللقطات المتفرقة الثابتة غير المتحركة ومن دون صوت. وامتنعت عن عرض كل ما يلحق الضرر بأميركا والأميركيين.

ومن المفارقات المهمة جدا هو ان دور الإعلام العربي في الترويج لداعش وبث الرعب في النفوس

كان قد أسهم بقصد او من دون قصد {قطاع عريض من الإعلام العربي} في بث سموم داعش، عندما يقوم بنقل أخبار التنظيم على نحو غير موضوعي وبث ما تنتجه ماكنة البروباغاندا الداعشية من مواد دعائية منحازة مثل الصور ومقاطع الفيديو عن قطع الرؤوس وقتل المدنيين العزل وتدمير المعابد والأضرحة. ونحن لا نقصد هنا الإعلام الناطق بأسم الجهات المساندة لداعش فقط، التي تشن حرباً إعلامية هدفها اشاعة اليأس والأحباط في النفوس، بل أيضاً إعلام الإثارة التجاري، الذي يهدف الى الحصول على المال ولا يهتم كثيراً بالتأثير النفسي السيئ لما ينشره من اشاعات، أو ما يروج له من محتوى إعلامي عنيف والذي يوحي للمشاهدين والقراء ان داعش غول قوي وغني وخطير يصعب او يستحيل القضاء عليه، في حين رأينا كيف ان حماة بلدة صغيرة مثل كوباني البطلة تصدوا لداعش ودباباته وصواريخه ومدافعه وسلاحه الكيمياوي بأسلحة بسيطة وعزم لا يلين وألحقوا بعناصره وآلياته خسائر فادحة، ذلك لأن المعنويات العالية للمقاتلين لا تقل أهمية عن الأسلحة المستخدمة في أرض المعركة.

اذن فإن داعش ليس ذلك التنظيم الخرافي الذي لا يقهر، بل تنظيم إرهابي يمكن دحره عسكرياً في ميادين القتال وإعلامياً على نفس الشبكات التي يبث عليها داعش دعايته المسمومة ودحض أفكاره الظلامية ومنهجه التدميري بفضح دوافعه واساليبه المجردة من كل القيم الإنسانية والأخلاقية وخنقه إعلاميا بعدم التركيز على ما يقوم به من جرائم بشعة تقشعر لها الأبدان.

فلا معنى للإرهاب من دون وسائل الإعلام  Terrorism does not make sense without the media حيث إن تأريخ الإرهاب الدولي حافل بأمثلة كثيرة تدل على أن الهدف الأول للإرهابيين هو الوصول إلى وسائل الإعلام والتأثير النفسي في الجمهور العريض والإعلان عن أنفسهم وايصال أصواتهم السياسية أو الدينية أو القومية الى الرأي العام في بلدانهم ونقل مطالبهم وتهديداتهم إلى الجهات المعنية في استعراض رخيص لسلاحهم الوحيد وهو الخطف والقتل والذبح دون اى اعتبار للقيم الدينية إلى يزعم الإرهابيون أنهم (يجاهدون في سبيلها).

وقد لوحظ إن التخطيط لعملية الحادي عشر من سبتمبر/أيلول في الولايات المتحدة الأميركية، قد جرى بشكل يتيح الفرصة لعدسات مصوري التلفزيون ووسائل الإعلام الأخرى لتسجيل كيفية اختراق الطائرة الثانية لناطحة السحاب الثانية، كما إن العديد من الإرهابيين الذين قاموا باحتلال السفارات أو مقرات المنظمات الدولية أوخطف الطائرات واحتجاز المدنيين، قد اعترفوا بأن هدفهم الأول كان الظهور على شاشات التلفزيون من اجل نشر بياناتهم ومطالبهم وقد استسلموا بعد عقد مؤتمر صحفي سريع أو الإدلاء ببيان إلى وسائل الإعلام.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=143744
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 04 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3