• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الطهارة الحسنية وأثرها على الإنسان .
                          • الكاتب : الشيخ صادق الحاج احمد الدجيلي .

الطهارة الحسنية وأثرها على الإنسان

محاضرة فضيلة الشيخ صادق الحاج احمد الدجيلي بمناسبة ولادة الامام الحسن السبط (عليه السلام )
           ( الطهارة الحسنية وأثرها على الإنسان )

    قال الله العظيم , في كتابة الكريم(  ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)(الأحزاب/٣٣) يوجد في الكون قانون هو قانون الارتباط والتفاعل , وهو على قسمين ,  تكويني,  تشريعي,  
     القانون التكويني 
       عندما نطالع  في دعاء يستشير , وهو من الادعية العظيمة ,  المروي عن الامام امير المؤمنين عليه السلام ,  بتعليم النبي صلى الله تعالى عليه واله , في هذا الدعاء نقرا عن هذا القانون التكويني , حينما يقول الامام عليه السلام : 
        ( .... اَنْتَ اللهُ لا اِلـهَ اِلاّ اَنْتَ رَبُّ الْعالَمينَ، اَنْتَ الْخالِقُ وَاَنَا الْمَخْلوُقُ وَاَنْتَ الْمالِكُ وَاَنَا الْمَمْلوُكُ وَاَنْتَ الرَّبُّ وَاَنَا الْعَبْدُ وَاَنْتَ الرّازِقُ وَاَنَا الْمَرْزُوقُ وَاَنْتَ الْمُعْطى وَاَنَا السّآئِلُ وَاَنْتَ الْجَوادُ وَاَنَا الْبَخيلُ، وَاَنْتَ الْقَوِىُّ وَاَنَا الضَّعيفُ وَاَنْتَ الْعَزيزُ وَاَنَا الذَّليلُ، وَاَنْتَ الْغَنِىُّ وَاَنَا الْفَقيرُ، وَاَنْتَ السَّيِّدُ وَاَنَا الْعَبْدُ، .... ) 
       كم جميل هذا المقطع من ادعية امير المؤمنين عليه السلام , الذي يكشف فيه عن قانون الارتباط التكويني , وهذا القانون , ايها الاحبة , واضح في علاقة الانسان مع النبات والحيوان , وله ارتباط مع الحجر , وهكذا ... 
      وكذلك النبات له ارتباط مع الحيوان , والنبات مع الحجر , والنبات مع النبات , وهكذا ... 
    اذن هذا  القانون يسري في هذه الامور التكوينية , وكذلك يسري في الامور التشرعية  
 
 
   قانون الارتباط التشريعي :  
      وهذا القانون واضح في قوله تعالى   :(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (الاحزاب/٥٦)   
     القران هنا يؤسس لقانون مهم ,  ألا وهو قانون الارتباط التشريعي , الصلاة قانون ارتباط تشريعي , الصوم  ارتباط تشريعي , و اجلى مصاديق هذا القانون , في حديث الثقلين , حينما يقول النبي الخاتم صلى الله تعالى عليه واله : 
        (... صحيح مسلم( ج /٧،ص١٢٤)ونصه: عن زيد بن أرقم قال: (ثم قال: قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوماً خطيباً بماء يدعى خماً بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكّر ثم قال: أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغّب فيه ثم قال: وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي. انظروا كيف يؤسس , صلى الله تعالى عليه واله ,  لهذا القانون التشريعي ، و الطهارة الحسنية , ارتباطنا بهامن جنبتين من جنبة تكوينية حسنية واخرى تشريعية  
      وبعابرة اخرى , كيف نتعلم ان نرتبط بالإمام الحسن عليه السلام تشريعا , وتكوينا ,  او قل 
  كيف نفهم الطهارة الحسنية , حتى نرتبط بها ارتباطا تكوينيا , وتشريعيا , لا يمكن ان ينفعل الانسان , بالطهارة الحسنية , وهي قسم من اقسام الطهارة المذكورة  في الاية المباركة انفت الذكر, والتي تحتوي على طهارة محمدية , وعلوية , وفاطمية , وحسنية , وحسينية , ... 
 
   واذا كيف نتعرف , ونرتبط بهذه الطهارة الحسنية , تكويننا وتشريعا ، او قل كيف تترشح هذه الطهارة , حتى نتطهر بها , لا يكون ذلك إلا اذا كان للإنسان ,  استعدادا للاستفادة من هذه الطهارة بعد ان يكون له تخلية  من الرذائل , والذنوب , ثم تكون لديه , تحلية بالمحاسن ومكارم الاخلاق , ولذا صاحب النفس الشريرة , الحسود،والحقود ,والكذبوب ،وغيرهم  لا يمكن ان ينتفع او ينفعل , بهذه الطهارة الحسنية , الا ان يعمل على التخلية , ثم  التحلية ,   
    فإذا عمل فاضت  عليه الطهارة  وأثرت  عليه تكورينا , لأنه عمل على تنقية الظرف ـ وهو القلب ـ فأصبح مستعدا لاستقبال تلك  الفيوضات الحسنية , والتي عبرنا عنها بالطهارة الحسنية , فينتفع بها  
   ومصداق ذلك الانفعال  ما رواه  المبرّد، وابن عائشة أنّ شاميّا ً رآه راكباً فجعل يلعنه والحسن لا يردّ فلمّا فرغ أقبل الحسن   فسلّم عليه وضحك فقال: (أيّها الشّيخ أظنّك غريباً ولعلّك شبّهت؛ فلو استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا أحملناك، وإن كنت جائعاً أشبعناك،   وإن كنت عرياناً كسوناك، وإن كنت محتاجاً أغنيناك، وإن كنت طريداً آويناك، وإن كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حرّكت رحلك إلينا وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك كان أعود عليك، لأنّ لنا موضعاً رحباً وجاهاً عريضاً ومالا كثيراً)
فلمّا سمع الرّجل كلامه، بكى ثمّ قال: (أشهد أنّك خليفة الله في أرضه، الله أعلم حيث يجعل رسالته وكنت أنت وأبوك أبغض خلق الله إليَّ والآن أنت أحبّ خلق الله إليَّ وحوّل رحله إليه، وكان ضيفه إلى أن ارتحل، وصار معتقداً لمحبّتهم).(مناقب ال ابي طالب/ابن شهر اشوب، ج/٣،ص١٨٤) 
       انظر لهذه الطهارة ماذا فعلت بهذا الشامي فالعلة التامة لا تؤثر أثرها إلا عند اكتمال اجزائها فتؤثر في معلولها فتطهر ذلك الشامي ،ومصداق اخر 
 كان عبداً للإمام الحسن (عليه السلام)، وتعمد الإساءة للإمام، بهدف إدخال الهم والغم إلى قلبه، لكن الإمام يقابل تلك الإساءة بالإحسان إليه، فيعتقه ويجزل له في العطاء! 
إذ وجد الإمام الحسن (عليه السلام) شاة عنده قد كسرت رجلها فقال لغلام       
من فعل هذا بها؟  
قال الغلام: أنا. 
قال الإمام: «لمَ ذلك؟». 
قال الغلام: لأجلب لك الهم! 
فتبسم الإمام وقال له: «لأسرنك، فأعتقه، وأجزل له في العطاء )(مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي، ج/١، ص١٤٧) 
    ومثال ثالث للطهارة الحسنية 
اجتاز عليه السلام يوماً على غلام أسود بين يديه رغيف يأكل منه لقمة ويدفع لكلب كان عنده لقمة أخرى، فقال له الإمام: " ما حملك على ذلك فقال الغلام: إنّي لأستحي أن آكل ولا أطعمه". وهنا رأى الإمام فيه خصلة حميدة، فأحبّ أن يجازيه على جميل صنعه، فقال له: "لا تبرح من مكانك، ثم انطلق فاشتراه من مولاه، واشترى الحائط البستان الذي هو فيه، وأعتقه وملّكه إيّاه .(البداية والنهاية /ابن الاثير،ج/٢،ص١٣٨)
 فنحن في طهارة الامام الحسن عليه السلام , بين ثلاثة امثلة , منها من تغير , وانفعل , بالطهارة الحسنية , وهوالرجل الشامي ,   ومنها ما لم تؤثر فيه تلك الطهارة الحسنية  , وهو الغلام الذي كسر رجل الشاة , وهذا يوضح الفرق في الاستعداد للتغير ,  فهو لم ينتفع , لانه اسس لعدم قبول قلبه( ظرفه) ,للتقبل , والانفعال , والتغير , 
فهو لم يعمل على نفسه , ولم يقم بالتخلية , والتحلية , وبين المثال الثالث, وافاظت تلك الطهارة عليه فكان طاهرا . 
نسال الله تعالى ان نكون مصداق  للمثال الثالث  , بلى اعلى منه ان شاء الله تعالى .   والحمـــــــــــــــــــــد لله رب العالمين    وصلى الله تعالى على سيـــــــــــدنا ومولانا ابي محمد الحسن   وعلى جده  وعلى ابيــــــــــه وامــــه واخيه  والتسعــــــــــة الانوار من ولد اخيه   لاسيما بيقية الله تعالى في ارضه  سلام الله تعالى عليهم اجمعين


كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : محمد جعفر الكيشوان الموسوي ، في 2020/05/10 .

شيخنا الجليل المتألق دامت توفيقاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لجنابكم الكريم شبه بالخطيب اللامع الشيخ محمد صالح الدجيلي فقد كان صديقا لأبي رحمهما الله تعالى ورحم امواتكم جميعا.
موضوع مهم ومفيد بأسلوب شيّق وممتع.
حزاكم الله عن الحسن المجتبي خير جزاء المحسنين وأصلح بالكم

تحياتنا ودعواتنا





  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=144268
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 05 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16