• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أزمات أمريكا وحديث النهاية .
                          • الكاتب : قاسم شعيب .

أزمات أمريكا وحديث النهاية

 لا توجد امبراطورية لم تسقط مهما بلغت من القوة. بل ان فلاسفة التاريخ يماثلون بين أعمار الدول وأعمار البشر الذين يبدأون صغارا ويمرون بفترة قوة وشباب ثم يشيخون ويموتون في النهاية..

يحدثنا التاريخ عن امبراطوريات ضخمة عاشت طويلا ثم انهارت كما هي حالة امبراطوريات الفراعنة والقرطاجيين والرومان والعباسيين والفاطميين والعثمانيين والبريطانيين.. بل ان بعضهم حكم الأرض كلها كما يقال عن نمرود وبخت نصر وذي القرنين وسليمان.. لكنهم جميعا انتهوا..

هذا الأمر ينسحب على الولايات المتحدة بلاشك، رغم أن بعض الباحثين يستبعد ذلك في شأنها، ويرى أنها ستظل فاعلا أساسياً في أي نظام دولي مستقبلي، مثل ريتشارد هاس في مقال شهير له عنوانه “عالم بلا أقطاب”. ومثل فريد زكرياء، وهو أمريكي من أصول هندية، حيث يقول، في كتابه "عالم ما بعد أمريكا" أن الولايات المتحدة تملك ما يلزم من الحيوية السياسية، وأنها ما زالت بعيدة عن الإصابة بوهن الشيخوخة، وستبقى تقود العالم لزمن طويل ممتد في الألفية الثالثة.

لكن آخرين يرون أن انهيار الإمبراطورية الأميركية حتمية تاريخية وأن ذلك بات قريبا كما فعل إيمانويل تود، المفكر الفرنسي، ويوهان جالتونج، عالم الاجتماع النرويجي، اللذين حددا بداية انحسار النفوذ الأمريكي حوالي 2020م وينتهي الأمر بانهيارها. وهذا المصير توقعه أيضا المؤرخ البريطاني بول كينيدي في كتابه “صعود القوى العظمى وسقوطها”.

يحتاح الانهيار، الذي تواجهه أية امبراطورية، إلى عوامل داخلية وخارجية متظافرة تتمثل في مزيج من الفوضى الداخلية والكوارث الطبيعية والحروب الخارجية الناتجة عن المآزق الاقتصادية والاجتماعية الداخلية..

لا يحدث سقوط الدول والامبراطوريات فجأة، بل إنه يكون مسبوقا عادة بأزمات متتابعة سياسية واجتماعية واقتصادية. والأهم من ذلك تآكل القيم التي بنيت عليها الدولة. وهذا ما يحدث مع الولايات المتحدة منذ سنوات حيث تتفشى العنصرية والجريمة والفساد ويكثر المشردون والفقراء والمساجين..

وذلك السقوط لا يعني العدم بل يعني التراجع والتفكك والضعف.. والمثال الأقرب تاريخيا هو الاتحاد السفياتي الذي تفكك وظهر على انقاضه الاتحاد الروسي الذي لم يتمكن من أخذ موقع النظام السابق دوليا ووجد أمامه اكثر من قوة جديدة على غرار الصين والاتحاد الأوروبي.. فضلا عن الولايات المتحدة التي تصارع اليوم لتجنب مصير مماثل..




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=144887
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 05 / 31
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18