• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : لا تبقوا لأهل هذا البيت باقية .
                          • الكاتب : نجم الحجامي .

لا تبقوا لأهل هذا البيت باقية

رفع بنوا اميه شعار ( لاتبقوا لاهل هذا البيت باقيه ) في يوم عاشوراء وقتلوا كل من اتى مع الحسين عليه السلام من اهل بيته حتى الطفل الرضيع  ولم ينجو الا الامام زين العابدين (ع) الذي حمته الاراده الالهيه لكي لاينقطع نسل محمد صلى الله عليه واله وسلم

فماهي اسباب هذا الحقد الاسود الذي فاق كل الحدود الانسانيه والاخلاقيه والدينيه ؟ ومتى نشأ ؟وكيف تطور ؟

هذا ما اتطرق اليه في فصول ان شاء الله

 

الفصل الاول

اسباب الحقد والنزاع

هناك في اعتقادي ثلاثه اسباب

1- الحسد على المكانه الرفيعه والمنزله العاليه التي رفعهم الله اليها

2- التنازع على السلطه

3- رفض الدين الاسلامي الذي اتى به الرسول الهاشمي محمد صلى الله عليه واله وسلم ومحاوله محوه

وسنتطرق بشئ من التفصيل للاسباب الثلاثه

 

 

الحسد

في البدايه دعونا نلقي نظره على الحسد وكيف فعل فعله في الامم السابقه والنتائج الكارثيه التي تسبب بها

الحسد  يقود الى الخطيئه

معنى الحسَد

الحسَد: هو أن يرى الإنسان لأخيه نعمةً، فيتمنى أن تزول عنه وتكون له دونه

اسباب او نتائج الحسد

النقاط التاليه اهم اسباب الحسد وقد ينشا الحسد من واحده او اكثر من هذه الاسباب وقد تكون بعض هذه النقاط  ناتجه عن الحسد

 اولا -العداوة والبغضاء

وهذه أشد أسباب الحسَد؛ فإن مَن آذاه شخص بسببٍ من الأسباب، وخالفه في أمرٍ ما بوجهٍ من الوجوه، أبغَضه قلبُه، وغضب عليه، ورسخ في نفسه الحقدُ، والحقد يقتضي منه التشفِّيَ والانتقام

وقد تكون العداوه والبغضاء من نتائج الحسد الذي حدث بفعل سبب اخر كالكبر والعصبيه العنصريه كما حدث لابليس حين تكبر وظن ان اصله النار افضل من الطين فتكبر وحسد ادم وعصى الله ونصب العداوه والبغضاء لادم وبنيه الى يومنا هذا

قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 63]

قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(الحجر 39)

وقد تكون العداوه ناتج عن حسد حدث بسبب حب الرئاسه مثلا اوخبث النفس وسوء الاصل والمنبت مثلما حصل لبني اميه مع بني هاشم حيث ناصب احفاد بني اميه احفاد هاشم العداوه الى يومنا هذا وسالت بسبب ذلك الحسد الدماء الغزيره ولا زالت تجري

ثانيا - التعزُّز والترفُّع

وهو أن يثقُلَ على الشخص أن يتقدم عليه غيرُه، فإذا أصاب أحدُ زملائه أو أقرانه مالًا أو منصبًا أو علمًا او كرامه من الله حسده وتمنى زوال ذلك منه وهو ماتصفه الايه الكريمه

وقال سبحانه: ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 54]

والعصبيه العنصريه ثالثا - التكبُّر 

ظن ابليس ان النار افضل من الطين وانه افضل من ادم فاصله من نار واصل ادم من طين لذلك احس التكبر في نفسه فحسد ادم  وعصى امر الله سبحانه وتعالى

 (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا)

 رابعا – التعجب والعجب        

وورد في كتاب احياء علوم الدين للغزالي  ان بعض الناس يرى غيرَه في نعمة، فيندهش ويتعجب كيف حصل عليها هذا الشخص، وهو مثله، أو انه أحق بها منه؟ فعند ذلك يقع في الحسَد؛ لتزول هذه النعمة عن الغير

قال تعالى: إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ ﴿ ١٤ ﴾ قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَٰنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ ﴿ ١٥ ﴾ [يس: 15]،

 وقال تعالى: ﴿ فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 47].

في هذه الآيات المباركة تعجَّبَ المشركون أن يفوز بشرٌ مثلُهم برتبة الرسالة  فحسَدوهم، وتمنَّوْا زوالَ النبوة والرساله عنهم

 خامسا - الخوف من فَوْتِ المقاصد

هذا مِن أكثر أسباب الحسَد وقوعًا، وأوسعها انتشارًا، وهذا يقع بين أصحاب المهنة الواحدة؛ فالطبيب يزاحم طبيبًا غيره؛ حتى يحصل على شهرة أكبر مِن صاحبه، وهكذا بين العلماء والفلاحين والمدرسين والمهندسين وغيرهم، وكذلك الإخوة يتحاسدون من أجل نيل المنزلة العالية في قلوب الأبوَينِ،

وحسد اخوه يوسف اخاهم لما راوا ان اباهم يهتم به اكثر منهم لموت امه

 قال تعالى : قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴿ ٥ ﴾

 سادسا - حب الرياسة وطلب الجاه مِن أسباب الحسَد

وهذا الذي منَع كثيرًا من صناديد قريش أن يؤمنوا برسالة النبي صلى الله عليه واله وسلم؛

    قال تعالى:﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾ [الزخرف: 31]،

حسدت قريش النبي(ص) على نبوته وتمنت النبوه لعروه بن مسعود الثقفي بدلا عن محمد (ص) والقريتين المقصوده هما مكه والطائف

عن أبي عبد الله (عليه السلام) في تفسير الايه السابقه قال: " أنه عروة بن مسعود الثقفي،  

ولقد امتنع كثير من اليهود عن الإيمان بالنبي (ص) خشيةَ أن يفقدوا رياستهم، وكذلك هرقل ملك الروم، الذي أيقن نبوة الرسول صلى الله عليه واله وسلم، ولكنه لم يؤمن به خشيةَ أن يفقد رياسته على الروم

 سابعا - خُبْث النفس وسوء المنبت

كان تبني العبيد في الجاهليه شائعا وبالتبني تساوي الجاهليه بين العبد وبين (اخيه الجديد ) ذو الشرف الرفيع والمكانه العاليه

 وبذلك يطمح العبد ان يساويه بالرفعه والسمو ولكنه يعجز لفساد في طبعه سيما اذا كان من ابناء الزنا وذوات الرايات والعهر وهذه مهن تخلق الشر في النفوس وتبعث على الحسد وهذا ماحدث مع اميه العبد الذي تبناه عبد شمس( وسنتطرق لاثبات عبوديته في بحث منفصل) ومع بني اميه عموما ذو المنبت السئ وابناء الزنا وذوات الرايات

كل اؤلاء يملكون نفوسا تميل بطبعها الى الحسد والخسه تحسد كل شريف ساد باخلاقه واصله او تكريم الله له

وقال سبحانه: ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 54]

اضمر اميه وبنو اميه حسدا وحقدا رهيبا على بني هاشم

 

ابليس اول الحاسدين

عبد ابليس ربه اكثر من سبعه الاف سنه حتى ظن الملائكه انه منهم وحين خلق الله ادم امر ابليس بالسجود له

(  قال تعالى : (ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (11)‏ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (12) الاعراف

تحركت العصبيه العنصريه  والكبر في نفس ابليس فقادته الى الحسد فقال انا خير من ادم خلقتني من نار وخلقته من طين

وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴿ ٣٤ ﴾

وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ﴿ ١١ ﴾

والحسد قاد ابليس الى عصيان امر الله والى ان يضمر العداء لادم وذريته الى يوم القيامه

قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿ ١٦ ﴾ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴿ ١٧ ﴾

قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا(الاسراء 62)

قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: (إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ أَقْبَلَ إِبْلِيسُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ حَسَداً لِمَا يَرَى مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ الَّتِي تَغْشَاهُ )

 

قابيل يحسد اخاه فيقتله

 قال تعالى : وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴿ ٢٧ ﴾ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴿ ٢٨ ﴾ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ﴿ ٢٩ ﴾ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿ ٣٠ ﴾المائده

ويقول السيد هاشم الحسيني البحراني في البرهان في تفسير القرآن

عن سليمان بن خالد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)

جعلت فداك، فيم قتل قابيل هابيل؟

فقال: ” في الوصية

” ثم قال لي: ” يا سليمان، إن الله تبارك و تعالى أوحى إلى آدم أن يدفع الوصية و اسم الله الأعظم إلى هابيل، و كان قابيل أكبر منه، فبلغ ذلك قابيل فغضب، فقال: أنا أولى بالكرامة و الوصية

 فأمرهما أن يقربا قربانا بوحي من الله إليه، ففعلا، فقبل الله قربان هابيل، فحسده قابيل، فقتله

 

اخوه يوسف يحسدون اخيهم فيرمونه في الجب

إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ﴿ يوسف 4)

قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴿ يوسف 5)

وحدث ماتوقعه يعقوب (ع) فكاد اخوه يوسف له وحاولوا قتله

إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴿ ٨ ﴾ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ ﴿ ٩ ﴾ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ﴿ ١٠ ﴾

استعر الحسد في قلب اخوه يوسف من حب ابيهم له فكادوا له ورموه في الجب ليموت هناك

 

اليهود يحسدون رسول الله محمد صلى الله عليه واله وسلم

قال تعالى

إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴿ ٥٦ ﴾غافر

يقول الزمخشري في الكشاف

{ إِن فِى صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ } إلا تكبر وتعظم، وهو إرادة التقدّم والرياسة، وأن لا يكون أحد فوقهم، ولذلك عادوك ودفعوا آياتك خيفة أن تتقدّمهم ويكونوا تحت يدك وأمرك ونهيك، لأن النبوة تحتها كل ملك ورياسة. أو إرادة أن تكون لهم النبوّة دونك حسداً وبغياً

وقال تعالى

مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴿ ١٠٥ ﴾البقره

قال البيضاوي في انوار التنزيل

وفسر الخير بالوحي. والمعنى أنهم يحسدونكم به وما يحبون أن ينزل عليكم شيء منه { وَٱللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء }

وقال علي بن ابي طالب عليه السلام ان المقصود بالرحمه هنا هي نبوه محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم

وقال الله تعالى

﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ﴾ [البقرة: 109]

قال الإمام الحسن بن علي العسكري أبو القائم (عليهما السلام)، في قوله تعالى: { وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً }. " بما يوردونه عليكم من الشبهة { حَسَداً مِّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ } لكم، بأن أكرمكم بمحمد و علي و آلهما الطيبين { مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْحَقُّ } المعجزات الدالات على صدق محمد (صلى الله عليه و آله وسلم)، و فضل علي (عليه السلام) و آلهما

وقال سبحانه

 ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 54]

عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)

{ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَٰهِيمَ ٱلْكِتَٰبَ } فهو النبوة { وَٱلْحِكْمَةَ } فهم الحكماء من الأنبياء من الصفوة، و أما الملك العظيم، فهو الأئمة الهداة من الصفوة

والمقصود ان الله انعم على محمد صلى الله وسلم عليه وعلى اله بالنبوه وعلى علي عليه السلام بالامامه  وعلى الائمه الهداه من بعده بالملك العظيم اي الطاعه المفروضه

 

اليهود والنصاري يعرفون محمدا صلى الله عليه واله وسلم باسمه ويتوسلون به قبل نبوته تمنيا ان يكون منهم ولما بعث الله محمد من بني هاشم حسدوه وانكروه

 

يقول الله عز و جل: { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ } يعرفون محمدا في التوراة و الإنجيل، كما يعرفون أبناءهم في منازلهم { وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * }

 اولا :تدل على أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى يعرفون محمداً صلى الله عليه واله وسلم كما يعرفون أبناءهم

وهذه المعرفة لم تكن بسيطة ، بل كانت في أعلى مستويات المعرفة ، بدلالة الآية الكريمة

ثانيا : تصريح بعض أهل الكتاب باسمه فيما كانوا يبشرون به من خروج نبي آخر الزمان ، فقد كان بعض العرب قد سمى ابنه محمدا طمعا في أن يكون النبي المنتظر لما سمعوه من التبشير بخروجه

كما ان بعض اليهود سموا ابنائهم محمدا متمنين ان تكون النبوه فيه ومن هؤلاء محمد بن مسلمه

فأهل الكتاب يجدون ذكر نبوة محمد صلى الله عليه واله وسلم في كتبهم التوراة والإنجيل

قال تعالى : {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ }[ سورة الصف الآية :6].

وقال تعالى

وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ(البقره )89

قال الإمام العسكري (ع): ” ذم الله اليهود، فقال: { وَلَمَّا جَآءَهُمْ } يعني هؤلاء اليهود الذين تقدم ذكرهم، و إخوانهم من اليهود، جاءهم { كِتَابٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } القرآن { مُصَدِّقٌ } ذلك الكتاب لِما مَعَهُمْ من التوراة التي بين فيها أن محمدا الأمي من ولد إسماعيل، المؤيد بخير خلق الله بعده: علي ولي الله { وَكَانُواْ } يعني هؤلاء اليهود { مِن قَبْلُ } ظهور محمد (صلى الله عليه و آله) بالرسالة { يَسْتَفْتِحُونَ } يسألون الله الفتح و الظفر { عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } من أعدائهم و المناوئين لهم، و كان الله يفتح لهم و ينصرهم

قال الله عز و جل: { فَلَمَّا جَآءَهُمْ } جاء هؤلاء اليهود ما { عَرَفُواْ } من نعت محمد (صلى الله عليه و آله) و صفته { كَفَرُواْ بِهِ } جحدوا نبوته حسدا له، و بغيا عليه، قال الله عز و جل: { فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ }

 

اليهود يتوسلون الله بالنبي محمد (ص) قبل نبوته

قال أمير المؤمنين (ع): إن الله تعالى أخبر رسوله بما كان من إيمان اليهود بمحمد (ص) قبل ظهوره، و من استفتاحهم على أعدائهم بذكره،

قال (ع): ” و كان الله عز و جل أمر اليهود في أيام موسى (ع) و بعده إذا دهمهم أمر، أو دهتهم داهية أن يدعوا الله عز و جل بمحمد و آله الطيبين، و أن يستنصروا بهم، و كانوا يفعلون ذلك حتى كانت اليهود من أهل المدينة قبل ظهور محمد (ص) بسنين كثيرة يفعلون ذلك، فيكفيهم الله البلاء و الدهماء و الداهية

ثلثمائه يهودي ينتصرون على ثلاثه الاف بمحمد وال محمد(ص)

 

و كانت اليهود قبل ظهور محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم بعشر سنين تعادي أسد و غطفان- قوم من المشركين- و يقصدون أذاهم، فكانوا يستدفعون شرورهم و بلاءهم بسؤالهم ربهم بمحمد و آله الطيبين، حتى قصدهم في بعض الأوقات أسد و غطفان في ثلاثة آلاف فارس إلى بعض قرى اليهود حوالي المدينة، فتلقاهم اليهود و هم ثلاثمائة فارس، و دعوا الله بمحمد و آله فهزموهم

فقالت أسد و غطفان بعضهما لبعضهم: تعالوا نستعين عليهم بسائر القبائل فاستعانوا عليهم بالقبائل و أكثروا حتى اجتمعوا قدر ثلاثين ألفا، و قصدوا هؤلاء الثلاثمائة في قريتهم، فألجئوهم إلى بيوتها، و قطعوا عنها المياه الجارية التي كانت تدخل إلى قراهم، و منعوا عنهم الطعام، و استأمن اليهود فلم يأمنوهم، و قالوا: لا، إلا أن نقتلكم و نسبيكم و ننهبكم

فقالت اليهود بعضها لبعض: كيف نصنع؟

 فقال لهم ذوو الرأي منهم: أما أمر موسى أسلافكم و من بعدهم بالاستنصار بمحمد و آله الطيبين؟

أما أمركم بالابتهال إلى الله عز و جل عند الشدائد بهم ؟ قالوا: بلى قالوا: فافعلوا

فقالوا: اللهم بجاه محمد و آله الطيبين لما سقيتنا، فقد قطع الظلمة عنا المياه حتى ضعف شباننا، و تماوت ولداننا، و أشرفنا على الهلكة فبعث الله تعالى لهم وابلا ، ملأ حياضهم و آبارهم و أنهارهم وأوعيتهم و ظروفهم،

 فقالوا: هذه إحدى الحسنيين ثم أشرفوا من سطوحهم على العساكر المحيطة بهم، فإذا المطر قد آذاهم غاية الأذى، و أفسد أمتعتهم و أسلحتهم و أموالهم، فانصرف عنهم لذلك بعضهم، لأن ذلك المطر أتاهم في غير أوانه، في حمارة القيظ، حين لا يكون مطر

فقال الباقون من العساكر: هبكم سقيتم، فمن أين تأكلون؟ و لئن انصرف عنكم هؤلاء، فلسنا ننصرف حتى نقهركم على أنفسكم و عيالاتكم، و أهاليكم و أموالكم، و نشفي غيظنا منكم

فقالت اليهود: إن الذي سقانا بدعائنا بمحمد و آله قادر على أن يطعمنا، و إن الذي صرف عنا من صرفه، قادر على أن يصرف عنا الباقين

ثم دعوا الله بمحمد و آله أن يطعمهم، فجاءت قافلة عظيمة من قوافل الطعام قدر ألفي جمل و بغل و حمار محمله حنطة و دقيقا، و هم لا يشعرون بالعساكر، فانتهوا إليهم و هم نيام، و لم يشعروا بهم، لأن الله تعالى ثقل نومهم حتى دخلوا القرية، و لم يمنعوهم، و طرحوا أمتعتهم و باعوها منهم فانصرفوا و بعدوا، و تركوا العساكر نائمة ، فلما بعدوا انتبهوا، و نابذوا اليهود الحرب، و جعل يقول بعضهم لبعض: إن هؤلاء اشتد بهم الجوع و سيذلون لنا

قال لهم اليهود: هيهات، بل قد أطعمنا ربنا و كنتم نياما، جاءنا من الطعام كذا و كذا، و لو أردنا قتالكم في حال نومكم لتهيأ لنا، و لكنا كرهنا البغي عليكم، فانصرفوا عنا، و إلا دعونا عليكم بمحمد و آله، و استنصرنا بهم أن يخزيكم

فأبوا إلا طغيانا، فدعوا الله تعالى بمحمد و آله و استنصروا بهم، ثم برز الثلاثمائة إلى ثلاثين ألفا، فقتلوا منهم و أسروا واستوثقوا منهم بأسرائهم، فكان لا ينالهم مكروه من جهتهم، لخوفهم على من لهم في أيدي اليهود

فلما ظهر محمد (ص) حسدوه، إذ كان من العرب، فكذبوه




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=145438
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 06 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28