• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : لاتبقوا لاهل هذا البيت باقيه – الفصل الخامس (حسبنا كتاب الله) .
                          • الكاتب : نجم الحجامي .

لاتبقوا لاهل هذا البيت باقيه – الفصل الخامس (حسبنا كتاب الله)

عن ابن عباس انه قال : لمّا حضر النبيّ (ص) وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، قال: هلمّ أكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده، قال عمر: إنّ النبيّ (ص) غلبه الوجع وعندكم كتاب اللّه، فحسبنا كتاب اللّه، واختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول ما قال عمر، فلمّا أكثروا اللغط والاختلاف قال: قوموا عنِّي ولا ينبغي عندي التنازع) ( 1) 

نجح الخليفه عمر بمساعدة أكثر الصحابة الحاضرين حول سرير رسول الله (ص) أن يحقق هدفين ضخمين حول القرآن والسنة
الأول:
 أن القرآن هو المصدر الرسمي للإسلام فقط، والسنة ليست مصدرا إلى جنب القرآن وفي مستواه، بل هي مصدر انتقائي يختار منه عمر ورؤساء قريش ما يناسب، ويتركون ما لا يناسب، أو يمنعون صدوره
الثاني:
 أن عمر الزعيم المقبول من كافة قبائل قريش - ما عدا بني هاشم - هو المفسر الرسمي للقرآن، وله الحق أن يمنع النبي صلى الله عليه وآله من كتابة وصيته التي قد تلزم المسلمين بمفسر رسمي من بني هاشم
وقد اضطر الخليفة عمر من أجل تحقيق هذين الهدفين الضخمين، وفي تلك اللحظات الحاسمة من حياة النبي صلى الله عليه وآله.. أن يستعمل الغلظة والشدة، ويجابه نبيه بقرار أكثرية الصحابة ويقول له بصراحة:
 أيها الرسول، لا حاجة بنا إلى وصيتك، فالقرآن كاف شاف، ولا نحتاج أن تنصب له مفسرا من بني هاشم لأن تفسيره من حقنا نحن!
 لقد قبلنا نبوتك والقرآن الذي أنزله الله عليك، ولكن قريشا تشاورت فيما بينها وقررت أن لا يستأثر بنو هاشم بالنبوة والخلافة فلا يبقى لقبائل قريش شئ
وبما أن الوصية التي تريد أن تكتبها لا تنسجم مع هذا القرار، فليس فيها إلا الضرر علينا من بعدك، فنشكرك أيها الرسول، فإنا لا نخاف على أنفسنا الضلال من بعدك حتى تؤمننا منه
وقد قلت للحاضرين بلسان قريش: لا تقربوا له شيئا، لا دواة وقرطاسا، فخير لك أن تصرف النظر عن كتابة الوصية، وإلا فإني سأشهد الحاضرين عليك بأنك تهجر وأن كلامك لم يعد وحيا، بل هذيان )(2)
الكتاب والحكمه
ان الدين الاسلامي يرتكز على ركيزتين هما (الكتاب والحكمه) اي الكتاب والحديث ( السنه ) فماذا يعني اسقاط احدهما ؟
يقول علماء اهل السنه في تفسير( كتاب الله والحكمه) : 
   يقول ابن القيم الجوزيه في كتاب الروح ج1ص218  
 (أن الله سبحانه وتعالى أنزل على رسوله وحيين وأوجب على عباده الإيمان بهما والعمل بما فيهما وهما الكتاب والحكمة وقال تعالى:
 (وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (النساء 11)
 وقال تعالى:
 (  هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ )  (الجمعه 2) 
وقال تعالى  :
( وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا    (  الاحزاب 34) 
والكتاب هو القرآن والحكمة هى السنة باتفاق السلف وما أخبر به الرسول عن الله فهو في وجوب تصديقه والإيمان به كما أخبر به الرب تعالى على لسان رسوله.. هذا أصل متفق عليه بين أهل الإسلام لا ينكره إلا من ليس منهم وقد قال النبي إنى أوتيت الكتاب ومثله معه )

الاحاديث وحي من الله  ومنكر السنه كافر
قال الدكتور صالح بن فوزان الفوزان في كتابه اتحاف القاري بالتعليقات على شرح السنه ص 177
فالاحاديث وحي من الله وان كانت الفاظها من الرسول اما القران فلفظه ومعناه من الله 
اما السنه والاحاديث النبويه فمعناها من الله والفاظها من كلام رسول الله الذي لاينطق عن الهوى فالفاضه معصومه وصدق ولا يتطرق اليها الشك 
فمن انكر السنه فانه كافرلانه عطل الاصل الثاني والقران لابد له من السنه تبينه وتوضحه (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٤٤﴾ النحل
((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (الحشر7) 
( وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى" ) النجم 3-4
والذي يعمل بالقران ولايعمل بالسنه فانه كذاب لم يعمل بالقران لان القران فيه (  وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ  )الحشر 7
وقد يامر الرسول باشياء لم ترد في القران مثل تحريم الجمع بين المراه وعمتها والمراه وخالتها والقران نهى عن الجمع بين الاختين

منكر السنه زنديق
ويقول الشيخ صالح بن فوزان الفوزان  في شرح السنه للبربهاري ص372
  (واذا سمعت الرجل تاتيه بالاثر فلا يريده ويريد القران فلا تشك ان هذا الرجل قد احتوى على الزندقه  فقم من عنده ودعه)
ويشرح قائلا :
هناك جماعه يسمون بالقرانيه لايحتجون الا بالقران بزعمهم ويرفضون السنه وهؤلاء زنادقه لان العمل بالسنه عمل بالقران قال تعالى:
( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ  ) الحشر 7
لان السنه مفسره للقران ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٤٤﴾ النحل    
وهؤلاء القرانيه قد اخبر عنهم النبي بقوله: 
  (رب رجل شبعان على اريكته يقول بيننا وبينكم كتاب الله فما كان فيه من حلال احللناه وما كان فيه من حرام حرمناه ) 
قال( ص) الا واني اتيت القران ومثله معه والله يقول 
(  وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى" ) النجم 3-4
فالاحاديث وحي من الله وان كانت الفاظها من الرسول لكن معانيها من الله فهذا الذي يحتج بالقران بزعمه ولا يحتج بالسنه زنديق يعني منافق)

قريش تمنع كتابه حديث رسول الله (ص)
اولا- قريش تنهى عن كتابه حديث الرسول (ص)
قال عبد اللّه بن عمرو بن العاص :
كنت أكتب كلّ شي‌ء أسمعه من رسول اللّه (ص) فنهتني قريش وقالوا:
تكتب كلّ شي‌ء تسمعه من رسول اللّه (ص) ورسول اللّه (ص) بشر يتكلّم في الغضب والرضا  فأمسكت عن الكتابة فذكرت ذلك لرسول اللّه (ص) فأومأ بإصبعه إلى فيه وقال : اُكتب ! فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلاّ حق
ثانيا- ابو بكر يجمع احاديث رسول الله ويحرقها 
ورد عن عائشة أنَّها قالت:
جَمَع أبي الحديث عن رسول الله (ص) وكانت خمسمائة حديث، فبات ليلته يتقلّب كثيراً
قالت: فغمّني، فقلت: أتتقلّب لشكوى أو لشيء بَلَغك؟
فلمّا أصبح قال: أي بُنيّة، هَلُمِّي الاَحاديث التي عندك
فجئته بها، فدعا بنار فحرقها
فقلت: لِمَ أحرقتها؟
قال: خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنتُه ووثقتُ [به]، ولم يكن كما حدّثني فأكون نقلت ذلك (3)
ولا ندري لماذا احرق الصديق الاحاديث التي سمعها من رسول الله (ص) مباشره وكتبها بيده
ثالثا- ابو بكر يمنع الناس من التحديث باحاديث الرسول (ص)
أنّ الصدِّيق جمع الناس بعد وفاة نبيّهم، فقال:
 إنَّكم تحدّثون عن رسول الله (ص) أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشدّ اختلافاً، فلا تحدّثوا عن رسول الله شيئاً. فمن سألكم فقولوا:
 بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلّوا حلاله، وحرّموا حرامه. (4)
رابعا – عمر يامر المسلمين بجلب مالديهم من احاديث مكتوبه ويحرقها وحدهم بني هاشم لم يمتثلوا لامره واحتفظوا بما لديهم من احاديث الرسول (ص)
 عن عبد الله بن العلاء قال سألت القاسم يملي علي احاديث فقال: (انّ الاحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب فأنشد الناس أن يأتوه بها فلمّا أتوه بها أمر بتحريقها )(5)
 خامسا – عمر ينهى الصحابه من التحديث باحديث الرسول (ص)
وفي رواية : 
فلمّا قدم قرظة بن كعب قالوا: حدّثنا، فقال: نهانا عمر ( 6)

سادسا – عمر يفرض الاقامه الجبريه على الصحابه الذين يرفضون كتمان احاديث الرسول (ص)
وكان في الصحابة من خالف سنّة الخلفاء وروى سنّة الرسول (ص) واحاديثه فلقي من الارهاق  مالقي ونذكر أمثلة في ما يأتي :
عن عبدالرّحمن بن عوف قال: ما مات عمر بن الخطاب حتّى بعث إلى أصحاب رسول اللّه فجمعهم من الافاق عبداللّه بن حذيفة وأبا الدرداء وأباذرّ وعقبة بن عامر، فقال:
 ما هذه الاحاديث الّتي أفشيتم عن رسول اللّه في الافاق؟
قالوا: تنهانا؟
قال: لا، أقيموا عندي، لا واللّه لاتفارقوني ما عشت، فنحن أعلم نأخذ منكم ونردّ عليكم، فما فارقوه حتّى مات (7) 
عمر حبس ثلاثه من الصحابه
وروى الذهبي أنّ عمر حبس ثلاثة ابن مسعود وأبا الدرداء وأبا مسعود الانصاري فقال:
 أكثرتم الحديث عن رسول اللّه ( 8)
سابعا-عثمان يسير على خطى ابو بكر وعمر ويمنع نشر الحديث
حيث قال على المنبر: 
 (لا يحلّ لاحد يروي حديثا لم يسمع به على عهد أبي بكر ولا على عهد عمر) (9) 
ثامنا - على عهد معاوية
عن عبداللّه بن عامر اليَحْصُبِيّ قال: سمعت معاوية على المنبر، بدمشق، يقول:
[أيُّها النّاس!] إيّاكم وأحاديث رسول اللّه (ص) إلاّ حديثا كان يُذكَرُ على عَهْدِ عمر (رض) فإن عمر كان يخيف الناس في اللّه عزّ وجلّ (10)
وعن رجاء بن أبي سلمة قال: بلغني أنّ معاوية كان يقول: عليكم من الحديث بما كان في عهد عمر فانّه كان قد أخاف الناس في الحديث عن رسول اللّه(ص) (11)
وروى المدائني في كتاب الاحداث وقال: كتب معاوية نسخة واحدة إلى عمّاله بعد عام الجماعة
(أن برئت الذمّة ممّن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته، وكان أشدّ البلاء حينئذ أهل الكوفة)
وفي هذا السبيل قتل حجر بن عدي وأصحابه صبرا، وقتل وصلب رشيد الهجري وميثم التمّار
انّ مدرسة الخلفاء حين أغلقت على المسلمين باب التحديث عن رسول اللّه(ص) فتحت لهم باب الاحاديث الاسرائيليّة على مصراعيه. وذلك بالسماح لامثال تميم الداري النصراني، وكعب أحبار اليهود وكانا قد أظهرا الاسلام بعد انتشاره، وتقرّبا إلى الخلفاء بعد الرسول (ص)
ففسحت مدرسة الخلفاء لهما ولامثالهما المجال أن يبثّوا الاحاديث الاسرائيليّة بين المسلمين كما يشاؤون، وقد خصّص الخليفة عمر تميم الداري ساعة في كل اُسبوع يتحدّث فيها قبل صلاة الجمعة بمسجد الرسول، وجعلها عثمان على عهده ساعتين في يومين
أمّا كعب أحبار اليهود فكان الخلفاء عمر وعثمان ومعاوية يسألونه عن مبدأ الخلق وقضايا المعاد، وتفسير القرآن، إلى غير ذلك
وروى عنهما صحابة أمثال أنس بن مالك وأبي هريرة وعبداللّه بن عمر بن الخطاب وعبداللّه بن الزُّبير ومعاوية ونظرائهم من الصحابة والتابعين(12)
وعمد معاويه الى بعض بقايا الصحابة ممّن كان في دينه رقّة، وفي نفسه ضعف من أمثال عمرو بن العاص، وسمرة بن جندب، وأبي هريرة، فاستجابوا له ووضعوا له من الحديث ما يساعده، ثمّ رووه عن رسول اللّه (ص)
وللامعان في نسيان حيث رسول الله اخترعوا قضيه القصاصين الذين يجلسون في المساجد لنشر القصص الخرافيه بدلا من التحدث باحاديث الرسو(ص)
على عهد عمر بن عبدالعزيز
لمّا ولي عمر بن عبدالعزيز الاموي أمر برفع الحظر عن كتابة سنّة الرسول(ص)، وكتب إلى أهل المدينة (أن انظروا حديث رسول اللّه (ص) فاكتبوه فإنِّي خفت دروس العلم وذهاب أهله)
غير أنّه لم يتمّ الامر؛ لوفاة عمر بن عبدالعزيز بالسمّ عام (101ه‍‍ )، وفُقد ما كان دوّن في عصره
وكذلك لم يبق ما دوّن غيره من العلم، حتّى ولي أبو جعفر  المنصور وحرض العلماء على التدوين، وذلك في سنة 143: 
وهكذا وبعد مرور اكثر من 125 سنه على وفاه الرسول (ص) تم تدوين هذا الكم الهائل من الاسرائيليات والاحاديث الموضوعه او الناقصه او المحرفه والقليل القليل من احاديث الرسول (ص) ممن سلمت من الضياع بعد وفاه جيل الصحابه وقسم كبير من جيل التابعين على انها سنه الرسول (ص)


    (1) ( البخاري، كتاب العلم، باب العلم 1 /22 )
  (2) الشيخ علي الكوراني في كتابه تدوين القران ص60 والمحامي احمد حسن يعقوب في كتابه نظريه عداله الصحابه
  (3) تذكرة الحفّاظ 1: 5، والاعتصام بحبل الله المتين 1: 30،و حجّيّة السنّة: 394
 (4)تذكرة الحفّاظ للذهبي بترجمة أبي بكر 1 / 2 و 3
 (5)طبقات ابن سعد 5 / 140 بترجمة القاسم بن محمّد بن أبي بكر       
(تذكرة الحفاظ للذهبي 1 / 4 و5 ) (6)
(الحديث رقم 4865 من كنز العمال) (7)
   (تذكرة الحفّاظ 1 / 7 بترجمة عمر) (8)
 (منتخب الكنز بهامش مسند أحمد 4 / 64)(9)  
(10) مخطوطة تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر
(11 ) (تذكرة الحفاظ للذهبي 1 /7 )
(12) مرتضى العسكري في كتابه معالم المدرستين ج2 ص48
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=146279
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 07 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19