• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : وللبحر فيّ خفقٌ واشتهاء .
                          • الكاتب : د . سمر مطير البستنجي .

وللبحر فيّ خفقٌ واشتهاء

وللبحر فيّ خفقٌ واشتهاء...
يا بحر !!!
أيها المتدفق في عينيّ مَرمَرهُ..!
يذوب سكر الروح المعتّق في خوابي أعماقي وقت أُدانيك...وأغرق  في لججِك الرخيّة شوقا وقت تناديني همهماتك..فينبري وحي الخاطر                    
الساكن في سماوات فردوسي ليتهجى من شفتيّ الغزل ..ويقرأ قصائد الودع للشمس ،ويلحن غناء الموج للنسيم ويترجم تهويمات البجع والنوارس للسفن وينقل رسائل النور للضباب وأحاديث القمر للسراب..
يا جنونا باذخا في دمي يسير!
أتوق لتقبيل كفيّك انبهارا ..وأقف أمام شموخك  مشدوهة أتلو تراتيل الخشوع..وإذكار اليقين..وأتبتّل بالشكر للخالق العظيم..أملأ رئتيّ برقيق رذاذات علقت في فمي فذابت في عمقي انتعاشاً وأكسجين حياة..
ومن فرط اللينِ اغدو كحوريّة بحر تلهّى بها عشق الحبيب ..وشلال الصبا يجرجرها لتسكن قصور عمقك المُهيب..
أوعاشقة..فوق اهدابها يقيم الشفق أعراس المساء...وعلى وجنتيها تمدد المرجان في تيهٍ،وفي عينيها تعانق الصفاء منك ولون المغيب.
دندناتك يا وليف الروح ما بُحت يوما ولا وهنت ..تسكنني بإصرار.. وما بين كل آه وآه صلاة وخشوع وغرق في لجّة الهيام  وتعثّر في تنهيدة وجد واشتياق ..
أجنّ بابتهالاتك المسكونة بالرهبة والرجاء وأحاديث الحنان... وتَرف همسك يسكبُ في خاطري حنيناً لا ينضَب ...
أثمل بين رقيق أنغامك وجنون فيّ يسري ..فيجادلني الشوق،يقودني إلى حصّة من ثرثرة وغناء وناي من وتر الشعور القصيّ يراقصني ..وفلول الخَدر اللذيذ تشاكسني ..يتسلل الفرح من تحت أضلاع الشوق ويجتاحني ؛كما الموج المتراقص أمامي في خيلاء .
تسابقني اليك جوقة من بوح الروح ..أجاريها بهمس أغنية تربض في تلاحيني ..فيذوب صدى صوتي في رقرقات أنفاسك ، ويلتاث عليّ أمري ويتلهّى بي الهَيام كزبدكَ بين مَدّ الشوق  وجَزر الرهبة ..فأتلحف موجك وأعانق لجّتك رغم هول أعماقك وغموض أسرارك ..فمجنونة أنا بك،، يا من يُريق في دمي لون الحياة..ولستُ أخشى يا فاتني الملام...
 
يا وليف الأرض وعشيق الفضاء!
أغار من عناقك الدائم لأطراف السماء.. حيث سُبّابة الطُهر قد خطّت على الغسق وفي منتصف التلاقي بينكما معاهدة الوفاء ...فباركَ حبّكما أهل الأرض والسماء..فإذا الصباح يرتّب جدائل الشمس الهائمة في أيك البهاء بكم احتفاء ..وأيكات الورد تعصر روحها لتسكب في ثغريكما رحيقا سكريّ الإشتهاء ..و عقيق الشفق ولازورد الغروب لكما أحجار روحانية تؤلّق الحضور وتلظم أطواق المساء ، و المدى بينكما شهقة فيروزيّة من رئة متلعثمة بانبهارٍ تاهت في أديم الفضاء فكانت شفاهكما لها احتواء .
أغار من رذاذاتك وقت تبلّل جيد السوسن الممتدّ باسترخاء لطيف على أطراف قدميك طمعا بقبلة أو رقصة عناق من المدّ الطاهر ..أو رعشة انتشاء...
 
يا من يبثّ في رئتيّ رقيق شذاه...
ويتقن فنّ الإمتزاج بأنّاتي!
فتنة أنت يتراقص الموج بين ذراعيها... فيعلو ليطال رحم السماء..و من رقرقاته ؛وفتنتها ...تحمل الأرض بأجنّة الرخاء لتضعها سِلال من أمل وخوابي من سلسبيل وأقراصا من شهد..وأنهارا من كوثر وسنابل من زرع الجنة ونخلها النَضيد .. فينشأ على أطراف دولتك أجيال حيّة نقيّة من لؤلؤ مكنون لهم لون العقيق وفتنة المحار وقدّ الزنابق... ويستفيق النبت من غيبوبة الجفاف ينشد الإرتواء ويتناسل هاربا من أضرحة الحرّ وأوقاته العجاف ..
في لياليك العِذاب تُقيم الأشجار رقصتها والقمر ... تتمايل بخجل على دندناتكَ وقت يُسكرها السكون ...وتضجّ بالحيويّة كلما تعالت شهقاتك حين تدانيك الريح الحُبلى بالاشتهاء فتغدو مخمورة ترقص في حبور ...وعلى الشاطئ تبرق الرملات بأجسادها اللينة اللجينية تحت أضواء القمر...ترصف والعشب المخمليّ الشطّ بهاءا وطراوة..تمهيدا لعُرس الكون والألق ومواسم الرخاء.
 
يا دعوة طُهر تأذّنت لقلبيَ المكلوم بالغزل!
فتنة أنتَ تبعثرني فأُيمم نحوك في اشتياق.. أتمتم بتحاصين البقاء ..وأشدو لروحكَ كالنوارس في بهاء وصدق ونقاء.. فخذني اليكَ يا بحر ،خذني الى دنيا الطُهر والنقاء...فانا مثلك يا بحر أعشقها...فلقد كفرت بعشق اليابسة المسكونة كأهلها بالقسوة والجفاء..
وأعدك! 
أعدك! أن أتقن تسابيحي ..وأسكن جُبّ الإيمان..وأمارس طقوس المعتكفين ،لأرتقي لمستوى الملائكيّة المتخلّقة فطرة فيك... وحتما سأشاركك النقاء، حتما سأشاركك النقاء...وسأرتقي بك ومعك لأعانق الأبيض الأعلى الذي لا يُحدّ..الأبيض العامر بالأرواح الشفيفة الطاهرة المطهّرة ... نهيم معا في ملكوت الصفاء، نسبّح الله ليلا ونحمده نهارا...وفي أطراف السَحر وكل آآآناء...
خذني اليكَ أيها المخلوق الذي لا يُغلب ...وعلمني فنّ الصمود والشموخ والإنتشاء...وصيّر من ضعفي قوة ،ومن رقّتي جبروتاً وكبرياء فأنا أوشكت يا بحر على  الفناء في ظلّ القسوة والجفاف والريح العاتية والرِّياء...
خذني اليكَ بربّك أيها المتسربل في سلاسل أوردتي عفّة وطهارة وكبرياء ...
خذني اليك من صحراء تحاصرني قبل أن يكسِر الجفاف قامتي ،وينثر ذرّاتي هباء،
فلقد أوشكت يا بحرعلى الفناء....
لقد أوشكت يا مُلهمي على الفناء...
فهل يطيب لك مني العناء؟؟!



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=14634
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 03 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 7