• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : بردآ وسلاما بيروت  .
                          • الكاتب : هادي الدعمي .

بردآ وسلاما بيروت 

 ما عاشته لبنان من صباح حزين أقرح القلوب وأذهل العقول، في ساعات حرجة تخللتها أصوات الرعب والهلع هزت مرفأ بيروت.. ماذا كانت وما تكون فلا يستبعد أن تكون من مؤامرات لمفاقمة الوضع اللبناني وزيادة خطورة الازمة التي يمر بها لبنان الجريح.. 

صبرا يا بلادي فأن بعد العسر يسرا،  هذا ما نراه في حكمة أهلها وشعبها أنهم قادرون على تخطي الأزمات والخروج إلى بر الأمان،  والوقوف بوجه الفتن ويقولوا بلادي بردا وسلاما. 

كل ما جرى في البلاد العربية من ويلات الحروب، في العراق واليمن وسوريا وليبيا ولبنان وغيرها من الدول الإسلامية ماهي الا مؤامرات، لدفع مجتمعاتها للخررج عن الخط الإلهي الذي رسمه الكتاب السماوي (القران) والمنزل على النبي المرسل لإخراج الناس من الظلمات إلى النور،  لكن ما يجرى في المجتمعات الإسلامية هو روح الأنانية بسبب عدم الاقتداء بالقانون الإلهي الذي أوضح للانسان كل شئ، عن كيفية أن يعيش مع جنسه الآخر المسلم وغير المسلم في البلاد الأخرى. 

هذا ما جاء به الإمام علي بن أبي طالب عليه وأله السلام من خلال رسالته المشهورة إلى مالك الأشتر لما ولاه على مصر ، وهي من أروع البلاغة جاء فيها ( الناس صنفان : إما أخ لك في الدين أونظير لك في الخلق) هذه العبارة أخذت ماخذها في الشارع الإسلامي وغيره ، حين عبر عنها الأمين العام للأمم المتحدة السابق ، كوفي عنان (قول علي لمالك يجب أن يعلق على كل المنظمات وهي عبارة يجب أن تنشدها البشرية) وأقترح أن تكون مداولات قانونية حول رسالة الإمام للأشتر. 

الناس صنفان حكمة خلدها التاريخ وستبقى على مر العصور متوهجة لاتنطفئ، لأنها منطلقة من روح الكتاب السماوي ومن أخلاق وسلوك النبي عليه وأله أفضل الصلوات، حين قال (الخلق عيال الله واحبهم إلى الله احبهم إلى خلقه) ولأنها خرجت من قلب مفعم بالرحمة وعقل منفتح على الجنس البشري، فكل البشر سواسية ولا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى.. 

ليعلم الذين يريدون التفريق بين الأمة الإسلامية الواحدة، أن الرسالة الإلهية قدست حياة الإنسان، فقد قال تعالى (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرض لَمُسْرِفُونَ) اية ٣٢ سورة المائدة.

ما حدث في لبنان جرح ينزف له قلب كل عربي مسلم وغير المسلم ، لأنه جريمة بحق الإنسان، هذا الذي كرمه الباري في كتابه، وجعله حاملا لرسالته السماوية للأرض، تناسوا أنه لايجوز قتل النفس التي حرم قتلها ألا بالحق.. 

بما أن الناس هم صنفان أخ في الدين أونظير في الخلق، فلأي صنف ينتمي هؤلاء القتلة؟ هل يدعون أنهم مسلمون! لكن القانون الإلهي يجب أن يحترم ولا يجوز قتل المسلم لأنه أخ أو نظير وشبيه.. فهو انسان يجب ان يحترم والتعايش معه بسلام! 

بردا وسلاما يا بلادي ستنجلي هذه الغيمة السوداء وتشرق الشمس على لبنان ، ذلك البلد المعبّق بروائح التاريخ الزكيّة التي تشهد عليها جبال بعلبك الشامخة، وشجر الأرز الضارب بأصله في أعماق التاريخ، في هواها يسكن السلام، وفي بيوتها يغفو الأمل ويصحو كل يوم ليعلن إشراقة شمس الحياة من جديد، وفي تفاصيلها يقطن الجمال الخالد الذي لن يموت.

نحن أمة عظيمة في التاريخ نبيلة في مقاصدها، قد نهضت تريد الحياة وهذا حق طبيعي وشرعي، قسمها الاستعمار فوجدتها مبادئ حقوق الإنسان.. 

في هذا التوحيد لم يعد في بلادنا، درزي وسنّي وعلويّ وشيعيّ ومسيحي.. بل هم أبناء أمة ولغة وتقاليد ومصالح واحدة.. فليؤلف بين قلوبنا الإخاء القومي، ومحبة الوطن، ولتكن إرادتنا إرادة حديدية واحدة. 

على الجميع تطبيق المبادىء الانسانية التي جاءت بها عقيدتهم على انفسهم اولا، ولكي يكونوا فعلا( أمة وسطا)كما قال تعالى :(وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا...) البقرة/143

التعايش السلمي يجب ان يكون هو هدف المسلمين، في هذه المرحلة الدقيقة التي يمرون بها انطلاقا من التشريع الالهي وليس من الامزجة المتقلبة للبشر، وما عليهم الا طرحه كمفهوم كما جاء في القران الكريم حصرا، ليكون ذلك بابا لتقريب الامم الاخرى الى هذا الدين الانساني الذي يجهل تعاليمه معظم البشر ومنهم المسلمون أنفسهم!

من جديد نقول سلاما لبيروت.. وقبل للبحر والبيوت! ومن جديد سنهتف من وسط النار مثل نزار: قومي يا بيروت.. قومي من أجل الحب، ومن أجل الشعراء.. قومي من أجل الخبز ومن أجل الفقرا




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=147034
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 08 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28