• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : دراسة تحليلية للأناجيل الأربعة. (من فمك أدينك). .
                          • الكاتب : مصطفى الهادي .

دراسة تحليلية للأناجيل الأربعة. (من فمك أدينك).

 💠 تؤمن المسيحية بأن الكتاب المقدس بأناجيله الأربعة كلها موحى بها من الله أنزله الوحي على السيد المسيح عليه السلام وأن هذا الكتاب هو الكتاب المقدس الوحيد لديهم ويُنكرون ما سواه من أناجيل تم العثور عليها وهي بالعشرات ، فيقولون (كل الكتاب هو موحى به من الله).(1) وهذا الجزم خطير لا يصمد أمام التحقيق. ولكن هناك سؤال يدور على ألسنة الناس ، وهو لماذا لم يطلقوا على هذا الكتاب إنجيل المسيح ، بل اطلقوا على كل إنجيل اسم كاتبه (متى ، لوقا ، يوحنا ، مرقص).

💠 وماهو الدليل التاريخي على أن هؤلاء هم تلامذة المسيح وممن عاش معه ؟ خصوصا وان هذه الآسماء متداولة وبكثرة في ذلك الزمان. ولذلك نرى أن لوقا عندما كتب إنجيله لم يقل أنه نقله عن السيد المسيح بل قال بأنه أخذه ممن كان معاينا للسيد المسيح ، وهو إنما كتب قصة لصديقه ثاوفيلوس حاله حال الكثيرين ممن كتب بعد رحيل السيد المسيح ، فكل من هب ودب رفع قلما وكتب إنجيلا. وهذا ما نراه يلوح في مقدمة إنجيل لوقا الذي يعترف فيها بأنه لم يكن معاصرا للسيد المسيح وليس من تلاميذه بل ناقلا عمن رأى السيد المسيح.

💠 فيقول في مقدمة إنجيله (إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة ، كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداما للكلمة، رأيت أنا أيضا أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس).(2) ولكن من هو ثاوفيلس هذا ؟؟ لا ندري لم يذكر الكتاب المقدس ولا التاريخ عنه شيئا ولا يعرفه علماء النصارى، ولماذا هو بهذه الأهمية بحيث يتم تأليف كتاب مقدس خصيصا لهُ. ولذلك نرى العلامة أوريجينوس يهرب من بيان حال (ثاوفيلس) فيقول : ربما يظن البعض أن الإنجيل قد كُتب لشخص يُدعى ثاوفيلس، لكن أن كنتم أيها السامعون جميعكم محبو الرب، فأنتم ثاوفيلس؟!).(3)

💠 إذن إنجيل لوقا هو تأليف قصص كان الناس يتداولونها. وفي هذا النص تأكيد على أن لوقا لم يكن حواريا ولم يكن معاينا للكلمة اي (شاهدا) بل كتب نقلا عمّن كان شاهدا ومعاينا ومعاصرا.

💠 من هذا المنطلق اعترف النصارى بأن لوقا لم يكن من تلاميذ السيد المسيح (حوارييه) ولا من الرسل.ولهذه الأسباب سقط إنجيله لأنه ليس وحي. ولكننا نراهم اليوم يتمسكون به بعناد عجيب. ولكن بمراجعة متأنية لإنجيل لوقا يتبين أنه أطول الأناجيل؛ إذ يتكون من 24 إصحاحا، وقد اعتمد لوقا في كتابته على (إنجيل مرقس) إذ نقل عنه (350) فقرة من فقراته التي تبلغ (661) فقرة. فلنذهب ونرى حال إنجيل مرقس الذي كان أساسا لإنجيل لوقا.

💠 أما مرقس فهو ليس أحسن حالا من لوقا فحسب اعتراف جهابذة علماء المسيحية فإن مرقس لم ير السيد المسيح أيضا ولم يسمع منه وقاموس الكتاب المقدس يشهد على ذلك فيقول : (ومن المحقق أن مرقس انتهز الفرص الكثيرة التي أتيحت له ليتعرف على أقوال المسيح وأعماله من كثير ممن سمعوا هذه الأقوال وكانوا شهود عيان لهذه الأعمال وكذلك عرف الكثير منها عن طريق أفراد الكنيسة الأولى وقريبه برنابا والرسول بولس والتلاميذ الذين ترددوا على منزل أمه مريم).(4) وبهذا يتضح لنا أن مرقس كتب إنجيله نقلا عن بطرس واخذ عن بولس الذي لم يُعاصر ولم يؤمن بالسيد المسيح حتى ذهابه. وبهذا سقط أيضا إنجيله من كونه وحيا ،ولكن أيضا يتمسكون به بعناد عجيب. ومن ذلك نعرف أن لوقا اعتمد في إنجيله على مرقس وهذا أخذ عن بطرس عن بولس. يعني ناقل عن ناقل عن ناقل.

إذن بقى إنجيل متى ، ويوحنا.

💠 أما إنجيل يوحنا وهو كما يقول المسيحيون عنهُ بأنهُ افضل تلاميذ السيد المسيح. يوحنا هذا يشهد بأن إنجيله غير مكتمل وأنه ترك الكثير مما قاله وصنعه السيد المسيح لم يُدونهُ في إنجيله فيقول معترفا : (وآيات أُخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تُكتَب في هذا الكتاب).(5) فيوحنا هنا يشهد بأن إنجيله لم يكتمل وأنه ترك (آيات كثيرة) لم يكتبها ،وما يُدرينا لعل الذي تركه يوحنا هو المهم المفيد وبذلك خان أمانة سيده هذا إن كان من تلاميذه.وبهذا سقط إنجيله من الوثاقة ومن كونه وحيٌ.

بقى إنجيل متى.

💠 يعتقد علماء المسيحية بأن متى قام بتأليف إنجيله بين سنة 80 و 110 بعد رحيل المسيح وهذا غير منطقي لأن متى سيكون في عمر 140 سنة. وبناءا على ذلك يعترف علماء المسيحية بأن مؤلف هذا الإنجيل مجهول. ويعترفون أيضا بأن إنجيل متى إعادة تفسيرية لإنجيل مرقس وأقدم مخطوط لهذا الانجيل تعود لأربعمائة سنة بعد رحيل المسيح . وقد انكر النقاد أن يكون هذا الإنجيل لمتى لأن هذا الإنجيل عندما يذكر متى يذكره بلفظ الضمير الغائب كما نقرأ : (وفيما يسوع مجتاز من هناك،رأى إنسانا جالسا اسمهُ متى. فقال له : اتبعني.فقام وتبعهُ).(6) فإذا كان الإنجيل لمتى فمن الذي كتب هذه الجملة ( رأى إنسانا جالسا اسمهُ متى). وهل يُشير الإنسان إلى نفسه بلفظ ضمير الغائب وهو موجود؟ وبهذا يسقط إنجيل متى من الاعتبار نظرا لكثرة الشكوك التي حامت حوله.

💠 ولو رجعنا إلى علماء المسيحية وعلى مرّ العصور ورأينا أقوالهم في الأناجيل لرأيناهم يستخدمون عند الاشارة إليها بكلمات مثل (يظن البعض / قال البعض / لربما / غالبا / وقيل أنهُ / وأنه قيل). وهل تُبنى العقيدة على الظن والتخمين والرأي والأهواء من دون دليل معتبر؟
ومثال على ذلك نرى افضل المفسرين حالا هو (يعقوب الرهاوي، والقمص تادرس يعقوب). الذي عندما يمر بذكر لوقا لا يورد اي دليل علمي على شخصيته من كتاب أو مصدر وإنما على الظن والتخمين فيقول مثلا عنه : (والظاهر أن لوقا (ربما) تعني المستنير، ولا نعلم هل هو اسمه الحقيقي او لا!وكذلك لا نعرف إسم أبيه أو عائلته.ولا نعرف ديانته قبل ان يتنصر و(ربما) كان سوريا من انطاكية بل لانعرف جنسيته. وأنه ليس من ضمن السبعين رسولا للمسيح. و(ربما قيل) لوقا هو صاحب بولص و(أفترض) أنه كان رساما أو طبيبا. و (قيل) أنه مات في الرابعة والثمانين من عمره و(ويظن البعض) أنه عاش بتولا ولم يتزوج). أهكذا (بالقال والقيل) تُبنى العقائد.

💠 لم نأت بشيء من عندنا بل هذا ما اصحر به القوم.وعلى قول الإنجيل : (من فمك أدينك). (7)
📛 المصادر :
1- رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس 3: 16.
2- إنجيل لوقا 1: 1.يقول القس انطونيوس فكري وبولين تودري والقمص تادرس يعقوب: (والعزيز هو لقب يطلق على أصحاب المراكز الكبرى في الدولة الرومانية).شخص بهذا الحجم لا يعرفه أحد.
3- شرح الكتاب المقدس، القمص تادرس يعقوب ملطي ، سلسلة من تفسير وتأملات الآباء الأولين. تفسير إنجيل لوقا 1.ولكن قاموس الكتاب المقدس يُخالفه الرأي فيقول : (ثاوفيلس ، إنما تُشير إلى شخص معيّن بالذات. وليست للمسيحيين عامة كما ظن بعضهم). أنظر قاموس الكتاب المقدس، دائرة المعارف الكتابية المسيحية شرح كلمة : ثاوفيلس.
4- قاموس الكتاب المقدس شرح كلمة إنجيل مرقس.
5- يوحنا 20:30.
6- إنجيل متى الاصحاح 9 : 9.
7- إنجيل لوقا 19: 22.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=147113
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 08 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18