• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : من أوراق كربلاء ( ٨ ) الورقة الثامنة : الإمام الحسن ع في ضمير كربلاء .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

من أوراق كربلاء ( ٨ ) الورقة الثامنة : الإمام الحسن ع في ضمير كربلاء

كلُّ من يبحث في جذور القضية الحسينية سيجدها عبارة عن قضية حسنية مؤجّلة ، أو لنقل أنها قضية واحدة نُفّذت على مرحلتين ، ولكل مرحلة قائدها وظروف ادائها وأسلوبها الخاص ..

ولقد عبّر عن هذا التأجيل الإمام الحسن عليه السلام بنفسه عندما جاء إليه أهل الكوفة بعد صلحه مع معاوية نادمين على خذلانهم له ومتأسّفين على تولية معاوية أمور المسلمين بعد أن تكشّف لهم أمره ، فأرادوا من الإمام أن يقوم بوجه معاوية .. إلّا أنهم ممّا تلقّوه منه من جواب هو قوله عليه السلام : { وقد فهمت ما ذكرتم ولو كنت بالحزم في أمر الدنيا وللدنيا أعمل وأنصب ما كان معاوية بأبأس مني وأشد شكيمة!... فاتقوا الله وارضوا بقضاء الله وسلموا الأمر لله والزموا بيوتكم وكفوا أيديكم ، حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر } .. والعبارة الأخيرة واضحة في تأجيل الثورة وتحديد ظروف القيام بدقة ..

لم تتهيأ ظروف الفتح الكربلائي للإمام الحسن ع في أيامه ، ولم تتهيأ ظروف الفتح حتى للإمام الحسين ع بعد شهادة الإمام الحسن ع وتوليه الإمامة في سنة ٥٠ للهجرة الى أن هلك معاوية وآلت خلافة المسلمين الى يزيد عليه لعائن الله في ٦٠ للهجرة ، فنهض الامام الحسين عليه السلام وصنع كربلاء ونجح في تحقيق فتحها العظيم بدمه ومظلوميته سلام الله عليه وبتمهيد وتخطيط حسني ..

ينبغي أن ننطلق في هذا الموضوع من مبدأ العقيدة والإيمان ، فالحسن والحسين إمامان إن قاما او قعدا ، أي ان قيامهم وقعودهم لا يكون الا عن حجة وتكليف الهي ومصلحة وكل من يظن غير ذلك فينبغي ان يُراجع أصل اعتقاده وإيمانه ..

نعم ، لنا أن نتكلم في التفاصيل والجزئيات ، والبحث عن بعض الاسرار ، والتحقيق في بعض الأحداث والربط بينها .. وكل ذلك يجري لغرض الإطمئنان القلبي ، هذا الاطمئنان الذي طلبه ابراهيم الخليل من ربّه { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ۖ } ، وكذلك لأخذ الدروس والعبر والمناهج وخطوات الاقتداء والائتمام بهم عليهم صوات الله ..

تحاول مدرسة الخلفاء في اضفاء صفات متضادة على الإمامين عليهما السلام ، من قبيل أن الحسن ع يميل الى الصلح والمسامحة وان الحسين ع يميل الى السيف والحرب ، وإن الامام الحسن تحقق على يديه صلح فئتين كبيرتين من المسلمين بعهدٍ من جده رسول الله وهذا ما لم يحققه الحسين .. الخ وما الى ذلك من كلام سببه في أهون الأحوال هو عدم فهم الإمامة وعدم الإيمان بالشخصية الربانية للإمام ..

نحن نؤمن أن الأهداف واحدة لجميع الائمة غير أنّ الادوار مختلفة واختيار الأسلوب المناسب يتغير بتغيّر الظروف ..

الصلح كان من جهةٍ حلّاً اضطرارياً واستثنائياً ومن جهة هو عبارة عن انسحاب تكتيكي أراد منه عليه السلام قتل مرض الشك والتردد الذي اصاب الأمة في معرفة من هو الأصلح للقيادة ، وهل هو الخط العلوي ام الخط الاموي ، كذلك أراد منه كشف زيف معاوية وخداع بني أمية ، وهذا ما حصل فعلاً ، حيث توّضح للجميع أنّ خلافة المسلمين انتهت عندما صعد معاوية واعلن انه ملك وليس خليفة وأنه لم يأتي لأجل صلاة او صوم وانما جاء لأجل الإمرة على المسلمين .. فحالت الى ملك عضوض يتلاقفها بنو سفيان ولسان أبيهم يقول : تلاقفوها يا بني سفيان كالكرة ، فوالذي يحلف به ابو سفيان ، لا جنة ولا نار ..

صلح الحسن هو من مستندات ثورة الحسين المهمة واهداف هذا الصلح ونتائجه هي التي جعلت من كربلاء كربلاء .. في تفصيل ليس هنا محله واثباته ولكن أشرنا سريعاً اليه ..

مع ورقة كربلائية اخرى ..




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=147583
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 08 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 2