• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : دراسات في المناهج والاتجاهات التفسيرية في كتب التفسير المختصرة(1) .
                          • الكاتب : علي جابر الفتلاوي .

دراسات في المناهج والاتجاهات التفسيرية في كتب التفسير المختصرة(1)

العنوان اسم كتاب الاستاذ الدكتورة نضال حنش شبار الساعدي. استاذ في جامعة بغداد كلية التربية/ ابن رشد/ قسم علوم القرآن والتربية الإسلامية،  مسؤولة القسم. ذكرت الاستاذ الدكتورة نضال الساعدي في بحثها عن مناهج التفاسير المختصرة  أسماء التفاسير في هذا الاتجاه، تقول في مقدمة كتابها ص3: ((هناك تفاسير موجزة ومختصرة تميّزت في دقة المعنى، والإيجاز في إرسال العبارة، والتي اشتملت على أربعة نماذج))، تفسير الجلالين لجلال الدين المحلي توفي سنة (864هج)، تفسير جلال الدين السيوطي توفي سنة (911هج)، تفسير آيات الأحكام للشيخ باقر الإيرواني توفي سنة (1329هج – 1949م)، تفسير آيات الأحكام لمحمد علي السّايس. وأضافت تفسيرا خامسا، وآخر سادسا، هما تفسير القرآن الكريم للسيد عبد الله شبّر توفي سنة (1242هج). وتفسير (كنز العرفان في فقه القرآن) للسيوري.  اشتمل كتاب الاستاذ الدكتورة نضال الساعدي على أربعة أبواب:

 الباب الأول المناهج والاتجاهات التفسيرية لثلاثة تفاسير، هي تفسير الجلالين لجلال الدين المحلي، وجلال الدين السيوطي، وتفسير شبّر، درست في الباب الثاني تفسير آيات الأحكام المختصرة للإيرواني والسّايس، في الباب الثالث درست المنهج العقلي (الاجتهادي) القرينة اللفظية الصارفة لمعاني آيات الأحكام في تفسير (كنز العرفان في فقه القرآن) للمقداد السيوري إنموذجا، فيكون عدد التفاسير المختصرة التي بُحثت ستة تفاسير، وهذا لا يعني عدم وجود تفاسير مختصرة أخرى، لكنًها اكتفت بهذه التفاسير انموذجا، في الباب الرابع والأخير بحثت عن الإحالات السياقية في القرآن الكريم، مع دراسة تأصيلية في تفسير أمير المؤمنين علي (ع).

 نسلّط الضوء على النتائج التي توصلت إليها الدراسة بشكل مختصر دون الإخلال بالمعنى. في ص31 من الكتاب، نتائج دراسة الباب الأول الذي ضمّ تسعة فصول تقول: في خاتمة رحلتنا الممتعة في رحاب كتب التفاسير المختصرة للقرآن الكريم وبالتحديد كتاب الجلالين، وتفسير القرآن الكريم للسيد عبد الله شبّر، أثمرت هذه الرحلة بأبرز النتائج التي توصلتُ إليها بفضل الله تعالى. فيما يخص أسباب النزول تباينت محاور الاستدلال، مثلا تعدد أسباب النزول واعتماد الروايات عن الصحابة والتابعين، هي معتمدة في تفسير الجلالين، العلّامة عبد الله شبّر أضاف روايات أهل البيت (ع). أحيانا لا يستدل شُبّر على سبب النزول، ويكتفي ببيان المعنى وتوضيحه. في تفسير الجلالين تُعرَض الآراء المختلف فيها من دون مناقشة أو ترجيح . التوجيهات اللغوية والنحوية غير قادرة على إعطاء الصورة الواضحة والكاملة في بيان المعنى المراد من النص القرآني، واعتماد الوجه الواحد لا يكفي في بيان المعنى القرآني. المفسرون الثلاثة اعتمدوا وجها واحدا من غير تعليل أو ترجيح لذلك الوجه، التأمل في الصور البلاغية كانت واضحة في تفسير الجلالين أكثر من تفسير شُبّر، المفسرون الثلاثة لم يكن لهم وجهة نظر أو تفصيل في لطائف الصور البلاغية المعروضة في تبيين معاني بعض النصوص القرآنية. أرى ربما اختفت وجهة نظرهم لا لقصور في قدراتهم، بل لميلهم للاختصار.وهذا ما صرّحت به الدكتورة الباحثة: ابتعدوا من الإفاضة والإسهاب في تفسير وتأويل الآيات. تفاسيرهم المختصرة تجمع بين الدّقة في المعنى والإيجاز في إرسال العبارة وتحريرها؛ هذا الأمر واضح في تفسير شبّر أكثر من تفسير الجلالين.

 أرى كقارئ نتائج الدراسة واقعية تنسجم مع طبيعة التفاسير المختصرة، وهذا من  الايجابيات. ترى الدكتورة الباحثة أنّ من وسائل الكشف عن منهج المفسّر البحث في طبيعة التوجيهات التفسيرية لبيان معاني النص القرآني، وهذا التوجه ظاهر في تفسير الجلالين، إذ يذكر المفسّر اليهود والنصاري صراحة، في حين تفسير شُبّر يشير إليهم بالفرق من دون ذكر الإسم صراحة، إذ يكتفي ببيان المعنى بإيجاز من دون توجيه الآراء أو ترجيح الأقوال. هذا برأيي تحليل واقعي، يعكس صورة عن منهج شُبّر الذي هو الأقرب للصواب والأكثر انسجاما مع المنهج المختصر. ترى  أن السيد شبّر في تفسيره يتوافق مع تفسير الجلالين في إجلاء الغموض الذي يكتنف النصوص القرآنية في الاستعانة بالروايات التي تلتقي مضمونا وتختلف في طرق روايتها وسند صحتها. التوجهات المذهبية للمفسرين الثلاثة ظاهرة في آرائهم التفسيرية. تفسير الجلالين للمنتهين وليس للمبتدئين، تفسير شبّر للمبتدئين والمنتهين. ترجح الدراسة تفسير شبّر كونه الأقرب إلى منهج التفسير المختصر. والأكثر مقبولية كونه للمبتدئين والمنتهين فهو الأكثر قراءة وفائدة وواقعية.

في الباب الثاني درست كتب تفسير آيات الأحكام  للأيرواني والسايس. قسمت دراستها إلى قسمين: الأول فيما يتعلق بالمصادر، والثاني فيما يتعلق بالمنهج. ترى أنّ كلّ مفسّر ذهب إلى ما يراه أوثق في مجال التفسير وينسجم مع اتجاهات المدرسة التي ينتمي إليها. مصادر المفسرين ذهب كل مفسّر إلى المصادر الحديثية التي تتناسب مع ما يؤمن به، إذ يميل كلّ مفسّر إلى المعنى القرآني المنسجم مع المدرسة الفكرية والمذهبية التي ينتمي إليها، فيما يتعلق بمصادر كتب الفقه، ترى أنّ منهج االسايس والأيرواني، قد سارا بنفس الطريقة في التعامل مع المصادر، فكل مفسّر اعتمد المصادر الفقهية لمذهبه، السايس كان اهتمامه واضحا بمذهبه الحنفي والأيرواني بمذهبه الشيعي، كقارئ لا اعتبر ذلك خروجا عن المألوف، هذا توجه موجود عند غالبية المفسرين، فيما يخص مصادر اللغة توصلت الدراسة أن المفسرَينْ مستقلان في استخدام مصادر اللغة، وهذا مؤشر على الاستقلالية العلمية والفكرية والمذهبية لهما، الانتماء المذهبي للمفسرين لعب دورا في اختيار مصادر اللغة، فقد اعتمد الإيرواني حسب ما أفادت الدراسة على كتاب المفردات للراغب الأصفاني، في حين لم يستعمل السايس هذا المصدر حتى ولو مرة واحدة لكنه اعتمد على مصدر آخر هو تهذيب اللغة للأزهري، هذا مؤشر لانحياز كل مفسّر لمذهبه وتوجهه الفكري. انعكس موقف المفسرين في انحيازهما الفكري والمذهبي أيضا على مصادر الأعلام والسيرة، إذ انفرد كل منهما بمصادر تختلف عن الآخر بنسبة كبيرة، لم نجد مصدرا واحدا متفقان عليه، وهذا يؤكد الأثر الواضح للمنهج العلمي والاتجاه الفكري في توظيف المعلومات وتبيين المعنى واستخلاص الأحكام التشريعية من النصوص القرآنية. القسم الثاني من نتائج دراسة الباب الثاني، متعلق بمنهج المفسرين، اعتمد المفسّران التفسير بالمأثور من خلال الاستدلال القرآني  وبما روي عن الصحابة والتابعين، يؤخذ على السايس أنّه يستدل بالروايات من غير اسناد لأصحابها وهو غير ما هو موجود عند الأيرواني. المفسران على الرغم من تفسيرهما بالرأي، إلّا أنهما لم يغفلا الاستدلال بأقوال الصحابة والتابعين. لم يهتم المفسران بالناسخ والمنسوخ، وظّفا القراءات لبيان المعنى القرآني، وتوضيح الأحكام، تفوق الأيرواني بالاستدلال بالمأثور القرآن والسنة والمروي عن أهل البيت (ع)، وظّف المفسّران القواعد الأصولية التشريعية في التفسير، مع تباين في بعض المواضع عند الأيرواني.

 الباب الثالث، المنهج العقلي (الاجتهادي) القرينة اللفظية الصارفة، تفسير (كنز العرفان في فقه القرآن) للشيخ المقداد السيوري انموذجا، أهم نتائج الدراسة: أن للقرينة اللفظية أهمية ودور في استظهار الأحكام الواردة في النص القرآني، لابدّ من دراسة القرينة اللفظية مع القرينة النحوية كي تتضح بعض الأحكام الشرعية، هناك اقتران بين القرينة النحوية والقرينة الصوتية كي تتضح معاني النص القرآني. تعرّض الشيخ السيوري إلى اللفظ القرآني من حيث تقييد النص واطلاقه، مع الترجيح للمعنى بحسب ما يوافق النص القرآني وترك ما يخالفه، يطرح السيوري أقوال العلماء ثم يتوافق معهم أو يختلف مستدلا بالقرينة اللفظية والسياق القرآني. أشار في أكثر من موضع إلى بعض الأحكام الشرعية المبهمة في النص القرآني يشرح معناها بدلالة القرينة والسياق، وصفت الدكتورة نضال الساعدي ص178 من كتابها ضمن الهوامش، الشيخ المقداد السيوري، أنه عرض الآراء وناقشها مناقشة موضوعية بعيدا عن التعصب.  

الباب الرابع: الإحالات السياقية في القرآن الكريم، دراسة تأصيلية في تفسير أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع). في التمهيد ذكرت ص147: من دواعي سروري أن أكون أول من بحث بجزئية السياق الخاص في التفسير بالمأثور عن أمير المؤمنين (ع)، ولكن على طريقة (الإحالات القرآنية). توصلت في دراستها إلى مجموعة من الحقائق، منها أنّ طائفة من القرائن السياقية زيّنت تفسير الإمام علي (ع)، طلبا للمعنى المراد من النص القرآني، أفاد تفسير الإمام (ع) في معرفة الجواهر البلاغية، والدرر السياقية في الإحالات القرآنية، كذلك اهتم في التكامل السياقي من خلال حجية اللفظ والسياق.

أرى كقارئ أنّ الكتاب جدير بالقراءة، فهو مهم خاصة لذوي الاختصاص.  

(1): الساعدي، الاستاذ الدكتورة نضال حنش شبار حبيب، بغداد، دار الكوثر، الطبعة الأولى، 1437هج – 2017م.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=147619
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 08 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29