• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : لم تكن موفقاً يا معالي الوزير .
                          • الكاتب : وليد الطائي .

لم تكن موفقاً يا معالي الوزير

كعادتي اتابع كل لقاءات المسؤولين والوزراء والنواب، متنقلاً من شاشة الى أخرى، بحثًا عن معلومة، أو حدث قد يومض لي ببارقة أمل في وقت تشتد فيه العتمة في بلادي، وحيث اني هاوً للقاءات الوزارية رفيعة المستوى، فقد اثارني لقاء وزير النفط في حكومة الكاظمي، السيد احسان عبد الجبار، فهذا الوزير الذي يدير (وزارة الخبزة) كما يسميها العراقيون، ولا شك في ذلك قطعاً، فكلنا اليوم نعيش من ايرادات النفط الذي نبيعه، ونحصل منه على الفتات، لذا كنا ولا نزال نتأمل، أن يأتي وزير يغلق افواه الحيتان التي يكثر الحديث عنها، ليصلنا المزيد من هذه الفتات!. ولكني كمواطن بسيط، فوجئت أن السيد الوزير في لقائه مع احدى القنوات الفضائية، يتحدث بالألغاز، ولا يريد أن يوضح الحقائق كما هي أو كما وصلت له، فهو يتحدث عن شركة (لم يسمها)، تقوم بتهريب نفط غير عراقي مع منتجات تعاقدت لبيعها كما يبدو، ولكن الوزير يحجم عن ذكر أية معلومة عن الموضوع، مع أن الاتهام خطير، والمفروض أن الوزير قد ملأ يديه قبل ان يطلق الكلام على عواهنه هكذا، لكني ومن خلال المتابعة عرفت من هي هذه الشركة، فقلت مع نفسي ان الوزير قد تثبت حتماً واقتنع بتقارير ولجان فنية وتحقيقية دقيقة وصارمة نظراً لخطورة الأمر وحساسية الظرف، لا سيما وإن معاليه قد قام بمعاقبة هذه الشركة، بل وتصفير التعاقدات معها الى الحد الذي لا حد تحته! وهذا لعمري أمر  جيد بأفتراض دقة وصحة الأتهامات لكن الصادم بشكل واضح، ما قاله هذا الوزير العجيب أن "هذه القرارات اتخذها بعد تقارير من منظمات شبه رسمية، ولا يملك أية وثائق دقيقة!" معقولة؟!  وهل يمكن أن يأخذ وزير في حكومة السيد الكاظمي، التي جاءت بعد ثورة شعبية انتفض فيها الفقراء والمسحوقون والمظلومون على حكومة لم تراع حقوق المظلومين والجياع والعاطلين، ويقتنع ويثق بهذه التقارير، فيقيم الحجة على شركة من المؤكد ان لديها مئات الموظفين والعاملين العراقيين الفقراء، الذين يحصلون على قوتهم وقوت عيالهم من خلال عملهم في هذه الشركة، مستنداً الى تقارير  تلك المنظمات "شبه الرسمية"، فيقطع الوزير ارزاقهم، ويبقيهم معلقين شبه رسمي ايضاً الى أشعار اخر . بصراحة ، هالني ما سمعته من هذا الوزير، الذي يحكم على الشبهات، ويتسبب بقطع قوت مئات إن لم تكن الآلاف من العوائل البصرية بشكل خاص، والعراقية بشكل عام، لمجرد ان منظمات شبه رسمية، ولم يتم تسميتها، ولا معرفة اختصاصها، أو كيف عرفت أن الشركة المقصودة تقوم بتهريب نفط غير عراقي مع المنتج العراقي، فأي مواطن بسيط يعرف ان تقارير اي منظمة غير رسمية، او حتى شبه رسمية ( حتى لا يزعل الوزير) لا يعتمد عليها كدليل رسمي، ولا يتم ترتيب اي اثر قانوني عليها - إن وجدت مثل هذه التقارير فعلاً - حيث من الممكن اليوم انشاء اي منظمة وبأي إسم كان، ويمكن أيضاً تحريك أي وسيلة اعلامية أو غير اعلامية، وبدفع من أي جهة او جماعة لتقوم بضرب تلك الشركة أو تدمير سمعة الشركة المنافسة، وهكذا الحال مع الشركات الأخرى، وأظن إن معالي الوزير يعلم ويدرك ذلك جيداً، خاصة وهو نشيط هذه الأيام في عمليات التسويق التلفزيوني، فمعاليه بتنقل من شاشة الى أخرى بسرعة، رغم إتساع مساحة عمله وواجباته الوزارية ! والسؤال: أين التحقيق الأصولي الذي اجراه الوزير المحترم ليقنع نفسه، ويذهب باتجاه تصفير عمل شركة على شبهة مثل هذه. لقد استدرك الوزير في ذات اللقاء بقوله: ان الشركة المعنية، والتي يتهمها بتهريب نفط غير عراقي، وهو يقصد بطبيعة الحال النفط الايراني، لم توضع في القائمة السوداء!، وهنا السؤال الأخطر، فإذا كانت هذه الشركة تقوم فعلاً بالتهريب، وأنت متأكد من ذلك، ولديك الوثائق الدامغة، وليس الشبهات والضغائن والمصالح التجارية، فلماذا لا تضعها في هذه القائمة،أما وأنت غير متأكد ولا تملك الوثائق الدقيقة، فكيف إذاً اقدمت على قطع سبل عملها حتى درجة الصفر - كما قلت في حديثك المتلفز هذا- وقطعت بذلك حتماً رزق العوائل الكادحة المرتبطة بها، اليس هذا اختلالاً وإرتباكاً في الفهم والتعامل، إذ كيف تحاسب وتتخذ قراراً بالحرمان بلا تحقيق جدي، او تقديم دليل ناهض حتى يكون مبرراً لقرارك، واظن إن مثل هذا الأمر  المجحف، لم يحدث حتى في عهد نظام صدام الدكتاتوري، فكيف يحدث في نظام ديمقراطي يترأس حكومته مناضل مثل السيد الكاظمي الذي كان يوماً معارضاً رسمياً وفاعلاً لذلك النظام الظني؟! لا اعرف كيف يحدث هذا في دولة يفترض ان تكون فيها كل الأمور، خاضعة للقانون ومثبتة بالوقائع، أيعقل ان تتم عقوبة دون وثائق رسمية، ولماذا تقدم على مخالفة مثل هذه يا معالي الوزير، وأنت تدرك تماماً انها مخالفة، فهل هناك ضغوط معينة تتعرض لها، وهل ثمة جهات داخل الوزارة او خارجها تريد منك تنفيذ ذلك العمل المخالف للقانون والاعراف والعدالة، وثق يامعالي الوزير بأني أول من سيصفق لك لو ظهرت في هذا البرنامج او غيره، وحملت بيمينك وثائق وكتباً تفضح التهريب ، وتفضح من يقف خلفه، لا أن تبقي الأمر كأنه لغز، أو طلسم عن شركة لا تسميها، ومنظمات شبه رسمية (لا تسميها ايضاً)، وشركة تتهم بالشبهات، ويقطع عنها العمل دون إثباتات (ووثائق دقيقة)- حسب كلامك انت وليس كلامنا -!. هل ادل من هذا على المزاجية او البعد عن السياق العلمي والقانوني المتبع لمعالجة مثل هذه الحالات، ثم الا يعرف معالي الوزير ان " مبدأ تضارب المصالح" قائم ومعمول به بين مختلف الشركات في العالم، وأن حرباً غير نزيهة تشن من طرف على طرف بهدف ضربه واقصائه من المنافسة، لذا غالباً ما تكون الدول والوزارات المحترفة دقيقة جداً في التعامل مع مثل هذه الملفات، وتكون حذرة للغاية بغية عدم الاضرار بطرف بتحريض او معلومات زائفة من "منظمات شبه رسمية" ثم اني كمتابع وقارئ بسيط واتصفح يومياً مئات المقالات والاخبار والتقارير التي تتهم فيها هذه الجهة او تلك، اجد أن من غير الصحيح ان تظهر بهكذا مظهر،  وتدلي بمثل هذا التصريح الضعيف، فأنت وزير نفط العراق وليس مدير الشحن في شركة سومو، لتقول أي قول، وتدعي بإدعاءات ليس لها أي سند حقيقي ! وأسألك بإلله هل هذه الحجج وافية لتقوم وزارتك بما قامت به ضد هذه الشركة، وهل باتت الشبهات حججاً كافية لتقوم الجهات الحكومية بعزل من ترد اسماؤهم او جهاتهم دون تحقيق رسمي وقانوني، والى متى نبقى اسرى للوشايات والضغائن والمصالح الشخصية التي تتحكم بقرارات مصيرية وحاسمة تمس حياة ومصالح طبقات كاملة. إن الشبهات لا تقرر مصائر الناس يامعالي الوزير، ولو كانت الشبهات هي التي تحكم مصير الدولة والحياة والمجتمع، لما وصلت أنت لمنصب وزير النفط، وفي ملفك الوظيفي والشخصي "  37 شبهة " ! ختاماً، اوجه سؤالي البسيط الى مجلس النواب واعضائه ولجانه، والى رئاسة الحكومة وخصوصاً رئاسة الوزراء، وكل مسؤول ومواطن  شاهد هذه المقابلة التلفزيونية، فهل يعقل ان يتم محاسبة جهات متهمة بهذه التهمة الخطيرة، دون ان يتم التحقيق والتأكد من صدقية المعلومات، وهل وصلت الأمور في الدولة العراقية، بما فيها الاجراءات الادارية والمصيرية الى هذا الحد المضحك المبكي؟.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=147663
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 08 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19