وراثة الامام الحسين ع للانبياء والاوصياء وكما نصّت عليها زيارة وارث الواردة عن صادق العترة عليهم السلام كانت بعد قتله وموته صلوات الله عليه ، وهذه مفارقة غريبة ، فالمتعارف ان الميّت يورَث لا يرِث ، بينما هذه المعادلة قد اخذت منحى آخر مع الحسين عليه السلام .
نعم لم يرث عليه الحسين ذهباً ولا فضة ، وانما اخذ منهم وظائفهم وكُلّف بمهامهم ووقعت على عاتقه آمالهم وأهدافهم وأحلامهم عليهم صلوات الله جميعا ..
ولا تقتصر وراثة الحسين ع على ما نصّ عليه منطوق الزيارة الواردة من اسماء وصفات ، بل نفهم منها أنه ورث صلوات الله عليه خط جميع النبوات والرسالات الالهية على هذه الارض واختزلها واصبحت كلها مُلكاً للقضية الحسينية وتحت تصرفها ولا تستطيع المرور الا من خلالها ، حتى رسالة جدّه صلوات الله عليه الذي قال بحق ولده ( حسين مني وانا من حسين ) ..
كربلاء بعد قتل الحسين باتت عقيدةً في دعوة كل نبي وحكماً نافذاً في شريعة كل رسالة ، وهي في ضمير كلّ حرّ فكراً وعقيدة ومنهجا ، البشرية مدعوّة الى التفاعل معها بكل ابعاد التفاعل العقلي والروحي والوجداني ..
اهداف كربلاء كانت حُلم الانبياء ، ومظلوميتها عبارة عن صورة عكست كل ما مرّوا به من عناء ، باتت عاشوراء القنطرة التي منها يتم العبور الى دولة الخلافة الالهية الحقة ، والماء الذي يُتوضأ به الى العبادة التي ما خلقَ الله الخلق الا من أجلها ..
لا نعلم موتاً وارثاً كموت الحسين في كربلاء ، ولا شهادةً بوزنها وثقلها ، ضربة أبيه امير المؤمنين ع في يوم الخندق كانت تعدل عبادة الثقلين ، وشهادته عليه السلام في الطف كانت خلاصة المواجهة بين الحق والباطل منذ هبوط أبينا آدم عن جنّته .
وراثة القضية الحسينية لقضايا خطّ الرسالات دلالة على حياة هذه القضية المباركة على حساب جميع تلك القضايا ، وهذا من مستويات فهم حياة الشهداء التي نصت عليه الآية المباركة ( ولا تحسبن الذين قُتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء .. ) ، لكل شهادة حياة ووراثة ، ولكن يختلف مستوى الوراثة وسعتها بإتساع مستوى الشهادة وحياتها ..
وا حسيناه .. وا إماماه .. وا سيداه .. وا شهيداه
|