• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : سبب اختفاء الحلال والحرام من الإنجيل؟ .
                          • الكاتب : مصطفى الهادي .

سبب اختفاء الحلال والحرام من الإنجيل؟

 من أعجب الأمور أنك ترى كتابا مقدسا أنزلهُ الله تعالى يخلو من الحلال والحرام.!

💠 تعقيبا على موضوع سابق حول النجاسة، سألني بعض الاخوة : من أين جاء تحليل لحوم الخنزير وعدم نجاسة الكلاب والخمور وأكل اسماك المحرم اكله في الكتاب المقدس وكيف حللتها المسيحية وعيسى كان واضحا في تحريمه لهذه الأشياء.

💠 الجواب : بالنسبة للإنجيل فلا يوجد فيه حلال وحرام ولا مكروه او مباح. ولذلك زعمت المسيحية بأن السيد المسيح قال بأنه (لم يأت لنقض الناموس بل ليُكمل وأن ازالة نقطة من الناموس اصعب من ازالة السماوات والأرض).(1) سبب هذه المزاعم هو انتباه علماء المسيحية إلى خلو الأناجيل من أي تشريع مفيد لأتباعهم. فلا يسعهم بذلك إلا أن يتبنوا التوراة بما فيها من حلال وحرام ، نجس وطاهر لسد ثغرة الإنجيل .والتوراة الأصلية ضاعت حالها حال الإنجيل كما تعترف التوراة الحالية من انهم كتبوها من الذاكرة على يد(الكاهن عزرا).(2) ولذلك فإن الكتابين من صنع أيديهم.

💠 ثم ضاعت التوراة مرة أخرى ليعثر عليها حلقيا الكاهن مدفونة في بيت مال الفضة (3) هذه التوراة اضطرت المسيحية إلى تبنيها حلوها ومرها شرها وخيرها، لتسد ثغرة التشريع لديها.فقد خلا الإنجيل تماما من كلمات مثل : (حلال حرام.مباح ،مكروه).

💠 ونستغرب سكوت اليهود عن دمج توراتهم بالإنجيل وهم الذين لم يدخروا وسيلة في مطاردة عيسى وعرقلة رسالته ومحاولة قتله ولكن الله انجاه من شرّهم ، وبعد فشل محاولة قتل المسيح قاموا بمطاردة حوارييه وإنجيله وبذلوا جهدا ماليا وإعلاميا كبيرا من اجل طمس دين المسيح. ولربما نعرف سبب سكوت اليهود عن ذلك إذا عرفنا أن كل من كتب الأناجيل الأربعة كانوا من أصول يهودية ، يضاف إلى ذلك فإن بولص (شاول الطرسوسي).اليهودي ا لمتنصّر هذا كان بمثابة الصاعقة التي نزلت على رأس المسيحية ، ولو رجعت إلى إنجيله لوجدتهُ يخبط خبط عشواء فيُحلل ويُحرم من دون سبب ومع ذلك يعترف بولص بأن هذا رأيه وليس قول الله، وهو مبني على الظن والتخمين وليس وحيا.(4) أما الدمج من جانب اليهود فهو دمج سياسي له غايات تخدم اليهودية وتضر بالمسيحية.

💠 بولص الذي يصف نفسه بأنه عامي وأمي (5) وأنه كان يستعين بكاتب يهودي يُدوّن له افكاره الشيطانية زعم أنها وحيٌ من الرب الله الذي انزل عليه إنجيلا آخر غير انجيل المسيح(6) فاتخذته المسيحية مرجعا لها بعد يأسهم من العثور على إنجيل المسيح الصحيح . ولذلك نرى أن اكثر الحلال والحرام جاء على يد بولص : فبولص هو من حرّم الختان . وهو من قال بتحليل كل النجاسات والرجاسات في نصوص غامضة زعم ان الله هو من أوحى له بها. ومن ذلك مثلا نقرأ تحليله لكل الرجاسات تحت ذريعة أنها ليست نجسة بذاتها بل الانسان يتصور أنها نجسة فيقول: (إني عالم ومتيقن أن ليس شيء نجسا بذاته، إلا من يحسب شيئا نجسا، فله هو نجس).(7)

💠 يعني لو اعتقد مسيحي بأن لحم الخنزير حلال جاز له أن يأكله ، ولو اعتقد آخر بنجاسته جاز له ذلك. هكذا كلمن ابكيفه فوضى تشريعية عارمة. وبسبب ذلك عمد المسيحيون إلى الخمور فشربوها ولحوم الميتة والخنزير فأكلوها والذبائح المخنوقة والمقتولة تحت ذريعة أنهم لا يعتبروها نجسة.

💠 والغريب أن بولص هذا نسى على ما يبدو أنه قام في نصوص سابقة بعملية تحليل شامل للنجاسات فكتب مفندا رأيه الأول وأمر بعدم مس النجس كما يقول.(يقول الرب ولا تمسوا نجسا فأقبلكم وأكون لكم أبا، وأنتم تكونون لي بنين وبنات).(8) فجعل من شروط قبول الله للناس ان لا يمسوا شيئا نجسا. وبولص لا يخجل من المجاهرة بتحليل المحرمات مثلما يأمر الناس بعدم شرب الماء بل الخمر كما يقول : (لا تكن في ما بعد شرّاب ماء،بل استعمل خمرا قليلا).(9)

💠 ولو تمعنا في نصوص الكتب المقدسة لوجدنا أن المسيحية اتبعت ما تشابه من كتابها (فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله). (10) فقد كان السيد المسيح يُكلمهم ويُحذرهم من بواطنهم الخبيثة ونواياهم السيئة فيقول لهم : (ليس شيء من خارج الإنسان إذا دخل فيه يقدر أن يُنجّسهُ، ولكن ما يخرج من الانسان هو الذي يُنجسهُ ، جميع هذه الشرور تخرج من داخل الإنسان وتُنجسهُ).(11) وهذا الكلام لا يوجد اوضح منه فالسيد المسيح يقصد الكلام الخبيث هو الذي يجعل الإنسان مبعدا نجسا ، أي ملوثا كما يقولون (كلامٌ نجس). أي كلام خبيث.ولكنهم اولوه تأويلا آخر حللوا من خلاله كل النجاسات والرجاسات التي نراهم اليوم يُمارسونها في حياتهم اليومية. تحت حجة أن ما يدخل الفم لا يُنجس الإنسان. فيبترون النص.

💠 ولعل أغرب ما نقرأه في الكتاب المقدس هو اصرار بعض التلاميذ على مخالفة حتى أمر الله تعالى خشية من أكل النجاسات كما نقرأ في سفر أعمال الرسل : (صعد بطرس ليُصلي فجاع كثيرا واشتهى أن يأكل، فرأى السماء مفتوحة ، وإناء نازلا عليه فيه كل دواب الأرض والوحوش والزحافات وطيور السماء، وصوت يقول : قم يا بطرس اذبح وكل.فقال بطرس: كلا يارب لأني لم آكل قط شيئا دنسا أو نجسا. فقال له الصوت ثانية : ما طهّره الله لا تُدنسه أنت. وكان هذا لثلاث مرات ثم ارتفع الإناء إلى السماء).(12) فهل كان بطرس احرص من الله على نفسه فخالف امر الله ثلاث مرات ولم يأكل؟أم انه شك أن المتكلم معه الشيطان وليس ربه.

🇨🇳 المصادر:

1- إنجيل متى 5 : 17. بزعمهم أن السيد المسيح قال: (لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس. بل لأكمل. وأقول لكم : إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس).

2- وعزرا الكهان يُعرف في التوراة بأنه من قام بكتابة الشريعة كما يقول في سفر عزرا 7 : 12. (عزرا الكاهن كاتب شريعة موسى).انظر أيضا سفر نحميا 8: 1.

3- كما يقول في سفر أخبار الأيام الثاني 34: 9 (وعند إخراجهم الفضة وجد حلقيا الكاهن سفر شريعة الرب بيد موسى وقال حلقيا لشافان الكاتب:قد وجدت سفر الشريعة في بيت الرب).

4- بولص يعترف بأن كل ما يقوله ليس وحيا بل حسب ظنه وهذا رأيه كما يقول في رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 7: 40 (بحسب رأيي وأظن أني أنا عندي روح الله.فاقول لهم أنا، لا الرب). رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 7: 12.

5- رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 11: 6 (وإن كنت عاميا في الكلام، فلست في العلم).

6- رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 2: 16(في اليوم الذي فيه يُدين الله سرائر الناس بحسب إنجيلي).فقد أضاع اليهود إنجيل المسيح ليحل محلهُ إنجيل بولص.

7- في رسالته إلى أهل رومية 14 :14.

8- رسالته الثانية إلى أهل كورنثوس 6 :17.

9- رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس 5: 23.

10- سورة آل عمران آية : 7.

11- إنجيل مرقس 7 : 23.

12- سفر أعمال الرسل 10 : 14.من اسباب تحليل لحم الخنزير كما يقول أوبراين ناتالي : (وفاء الاجداد للهوية المسيحية مقابل الحكم الاسلامي العثماني). أنظر أوبراين ، ناتالي ،غداء بين الأديان طبع مجلس ليفربول (25 يوليو 2015).




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=148196
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 09 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19